استمع إلى الملخص
- منصة مجاز وأرشيف الصوت الفلسطيني: تأسست عام 2022 بمبادرة مؤمن سويطات للحفاظ على التراث الغنائي الفلسطيني. جمعت مئات الأغاني منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ويحتفي بها مركز ساوث بانك في لندن حتى نوفمبر 2023.
- تاريخ المنصة وتأسيسها: ولدت فكرة المنصة أثناء الإغلاق الصحي لكوفيد-19، عندما اكتشف سويطات تسجيلات قديمة في جنين. جمع آلاف الأشرطة وحصل على تمويل لتحويلها إلى ملفات رقمية، بهدف إعادة إصدارها وإتاحتها عبر الإنترنت.
فرقة الفجر هي فرقة غنائية فلسطينية نشأت في الكويت عام 1987، أسّسها كل من سيما كنعان وبشار شموط وجميل سراج ونزار عليان. تميزت الفرقة بأدائها الموسيقي الهادئ، واعتمدت في بدايتها على إعادة أداء بعض الأغنيات الوطنية الفلسطينية ذات الطابع الحماسي. أصدرت الفرقة ألبومها الوحيد خلال الانتفاضة الأولى عام 1988. وفي أثناء التحضير لألبومها اللاحق، اندلعت حرب الخليج الثانية؛ فاضطر أعضاؤها إلى مغادرة الكويت، ولم تعد الفرقة بعدها قادرة على الاستمرار. وعلى الرغم من المدة المحدودة جداً التي نشطت فيها فرقة الفجر، إلا أنها شاركت في عدد من الحفلات والمهرجانات في بعض العواصم العربية والأوروبية.
وقد عادت فرقة الفجر الفلسطينية إلى الغناء بعد غياب استمر 35 عاماً. تزامناً مع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، استُعيدت أغاني الفرقة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما حرّض أعضاءها على الظهور مجدّداً، خصوصاً أنّ أغانيهم ارتبطت بالنضال ضد الاحتلال.
مجاز: أرشيف الصوت الفلسطيني
هذه الفرقة الغنائية واحدة من عشرات الفرق الفلسطينية الأخرى التي ظهرت واختفت تاركةً إرثها الغنائي عرضةً للضياع. من أجل الحفاظ على هذا الأرشيف، تأسّست منصة مجاز عام 2022 من أجل الحفاظ على هذا الأرشيف الممتد للغناء الفلسطيني. خلال هذين العامين، استطاعت المنصة جمع المئات من عناصر التراث الغنائي والموسيقي الفلسطيني المهددة بالضياع، وأتاحت لمتابعيها الاستماع إلى مئات الأغاني والألبومات والألحان التي وضعها موسيقيون فلسطينيون منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
هذا الأرشيف الغنائي الكبير يحتفي به حالياً مركز ساوث بانك في لندن حتى الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المُقبل، تحت عنوان "مجاز: أرشيف الصوت الفلسطيني" (Majazz Project: Palestinian Sound Archive). تعتمد الفكرة على ما تتيحه منصة مجاز من محتوى غنائي وموسيقي. يتيح المركز لزواره فرصة الاستماع إلى الأغاني الفلسطينية التي قاومت المحو ومحاولات التهميش على مدار عقود. تؤرّخ هذه الأغنيات التي تتيحها المنصة لحكايات الفرح والحزن والحب والمقاومة والصمود، وتربط بين الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، كما تُسهم في الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية.
تأسست منصة مجاز بمبادرة من الفنان الفلسطيني مؤمن سويطات، وهو ممثل وكاتب ومخرج فلسطيني مقيم في لندن. خلال السنوات القليلة الماضية، جمع سويطات أرشيفاً كبيراً من شرائط الكاسيت والأسطوانات والتسجيلات من فلسطين وخارجها. تغطي هذه التسجيلات التي جمعها سويطات، كما يقول، كل شيء، بداية من التسجيلات الميدانية لحفلات الزفاف، إلى الألبومات الثورية من الانتفاضتين الأولى والثانية، والمقطوعات الموسيقية والشعر، وحتى الأغاني الشعبية وموسيقى الجاز التي أبدعها فلسطينيون خلال العقدين الماضيين. تضم المنصة عدداً كبيراً من الأصوات الفلسطينية، كما تضم قراءات شعرية بأصوات شعراء فلسطينيين معروفين، مثل الشاعرين توفيق زياد ومحمود درويش. هناك أيضاً بعض الفنانين المجهولين بناءً على طلبهم لتجنب استهدافهم، بينما لا يزال آخرون غير معروفين.
تاريخ لتلك الأصوات
ولدت فكرة المنصة أثناء الإغلاق الصحي بسبب وباء كوفيد-19، حين وجد مؤمن سويطات نفسه عالقاً في فلسطين بعد زيارة له إلى عائلته في جنين. ظل سويطات لمدة ثمانية أشهر تقريباً، كما يقول، غير قادر على العودة إلى زوجته وابنتيه في المملكة المتحدة. وأثناء تجواله في سوق السلع المستعملة، اكتشف "طارق كاسيت"، وهو متجر صغير لبيع الأشرطة الموسيقية والغنائية في جنين.
هناك، عثر سويطات على مجموعة كبيرة من أشرطة الكاسيت والتسجيلات القديمة. بين هذه التسجيلات، مثلاً، كان ألبوم "انتفاضة" لرياض عواد، الذي صدر خلال الانتفاضة الأولى وحظي بانتشار داخل الأراضي المحتلة حينها، ويحتوي على العشرات من الأغاني الحماسية. فُقد هذا الألبوم، كما يقول سويطات، لسنوات بعدما صادر جيش الاحتلال الإسرائيلي كل النسخ التي تمكن من العثور عليها واعتقل عواد، ومن هنا ظهرت الملامح الأولى لمنصة مجاز.
خلال الأشهر الباقية من فترة الإغلاق، بحث مؤمن سويطات في متاجر الكاسيت وعند هواة الجمع، حتى تمكن من جمع عدة آلاف من أشرطة الكاسيت والتسجيلات التي أخذها معه إلى لندن. حصل سويطات على تمويل من مؤسسة جيروود آرتس (Jerwood Arts)، ما مكّنه من شراء معدات الصوت اللازمة لمعالجة المواد التي حصل عليها وتحويلها إلى ملفات رقمية.
يقول مؤمن سويطات إن الأرشيف الغنائي الفلسطيني قد تعرض للنهب والتفكيك والرقابة والتدمير منذ النكبة، معتبراً أن استعادته وإتاحته للأجيال القادمة يمثّلان انتصاراً. لا تتيح منصة مجاز الاستماع إلى هذا التراث الصوتي الغني وحسب، بل تعمل كذلك على التأريخ لقصص هؤلاء الأبطال الذين صنعوا هذه الموسيقى في أحلك الظروف.
يأمل سويطات أن يتمكن من إعادة إصدار أكبر عدد ممكن من الأغاني وإتاحتها عبر الإنترنت. كما يحلم بإنشاء منصة رقمية سمعية وبصرية، ما يتيح للناس من خلالها اكتشاف المزيد عن التاريخ وراء كل أغنية، فكل أغنية من هذه الأغنيات التي تبثها المنصة تجسد مساراً من المُقاومة والكفاح ضد المحتل.