أحمد كريم: جمهور الغناء الكلاسيكي يتوسّع

17 اغسطس 2021
باحث أيضاً في الغناء التراثي (أرشيف أحمد كريم)
+ الخط -

انضمّ الفنان الشاب أحمد كريم مطرب (31 عاماً)، إلى دار الأوبرا كصوليست منذ عامين تقريباً، ولم تحُل المدة القصيرة دون تميّزه وبروز اسمه كواحد من الأصوات الشابة الواعدة طربياً. للتعرف على تجربة الفنان أحمد كريم والباحث أيضاً في التراث الغنائي، كان لـ"العربي الجديد" هذا الحوار معه:

لماذا اتجهت إلى غناء التراث؟
كنت سعيد الحظ أن تلقيت تربية مشيخية، فحفظت القرآن صغيرا، وطوفت بين قرائنا الكبار: محمد رفعت، وأبو العنين شعيشع، ومصطفى إسماعيل. وأغرمت بالتواشيح، فجذبني إليها أصوات الفشني، والفيومي، وعلي محمود، هذا كله أكسبني قدرة على غناء اللون التراثي، وبالتالي لا أجد أي صعوبة في تقديم هذه الأغاني، على العكس أستمتع كثيرا بغنائها.

متى التحقت بدار الأوبرا؟
عام 2019 من خلال دعوة إلى المشاركة في حفل غنائي للمطربة آيات فاروق. وبمحض الصدفة استمعت إليّ الدكتورة جيهان مرسي، مدير الإدارة المركزية آنذاك، وطلبت حضوري لمقابلتها، ومنذ ذلك الوقت تم اعتباري صوليست بدار الأوبرا المصرية، شاركت بعدها في الكثير من الحفلات عبر: فرقة الموسيقى العربية للتراث والفرقة القومية العربية للموسيقى وفرقة عبد الحليم نويرة وغير ذلك، كما شاركت في حفلات بقيادة المايسترو الكبير سليم سحاب، وحصلت في السنة الماضية على المركز الأول في مسابقة الدكتورة رتيبة الحفني للغناء العربي، التي تنظمها دار الأوبرا، وكرمت في حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية.

لماذا اخترت الغناء الكلاسيكي، رغم أن جمهوره ليس واسعاً مقارنة بالألوان الغنائية السائدة؟
الحقيقة أن حجم الجمهور ليس المعيار الذي ينبغي أن يلتفت إليه الفنان في اختيار فنه، ينبغي أن يختار ما تميل إليه شخصيته الفنية التي كوّنها خلال مسيرته، لذلك اخترت الغناء الكلاسيكي؛ لأنه الأقرب إلى شخصيتي، على اعتبار أن دخولي إلى عالم الغناء كان من خلال الفن القرآني، فقد بدأت حياتي مقرئاً، اتجهت بعدها للتواشيح، ومنها انتقلت إلى دنيا الغناء، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، الفن الكلاسيكي من وجهة نظري هو فن يمثل الطرب الحقيقي، لأن غناء القصائد والأدوار والمونولوجات والطقاطيق هو الميدان الذي يستعرض فيه الفنان إمكانياته الغنائية ومدى قدرته على الإطراب، وأعتقد أن الفنان لن يجد بغيته في إخراج طاقته الفنية بالغناء الحديث.

ما الصعوبات التي تواجه من يحترف الغناء القديم؟ وهل يلقى هذا اللون الدعم الكافي؟
فضلاً عن التكوين الموسيقي الصعب للأغاني الكلاسيكية، هناك العديد من الصعوبات التي تواجه من يحترفون هذا الغناء، أولها جودة التسجيلات القديمة التي نتعلم منها، كذلك صعوبة الحصول على النوت الموسيقية القديمة، يضاف إلى ذلك عدم إلمام الكثير من العازفين والكورال بطبيعة هذا الفن، وهو أمر لا يساعد المطرب أثناء غنائه. وبالنسبة للدعم، فأنا أرى أن دار الأوبرا المصرية تدعم هذا الفن بقوة من خلال حفلات الفرق المختلفة، مع ذلك ينبغي على الدولة أن تنشر هذا الفن بأكثر من طريقة وليس من خلال الأوبرا فقط.

لايف ستايل
التحديثات الحية

 

برأيك الاقتصار على تقديم الأغاني القديمة كاف لإحياء التراث، أم أن هناك جهودا أخرى يمكن أن تبذلها الجهات المعنية؟
أتصور أن مجرد تقديم الأغاني القديمة ليس كافيا لإحياء التراث، فالجمهور يمكنه أن يستمع للأغاني القديمة من مطربها وسيجد غايته بسهولة؛ لهذا أرى أن الإحياء الحقيقي للتراث يتمثل في صناعة أعمال جديدة على القوالب الغنائية الكلاسيكية مثل: الدور والطقطوقة والمونولوغ والموشح، وتقديمها بطريقة عصرية، وهو ما أسعى إليه بالفعل، فقد كتبت دوراً وجار العمل على إنتاجه قريباً. إلى جانب ذلك، يمكن لأساتذة الموسيقى أن يكون لهم دور فعال من خلال نشر الوعي الموسيقي والثقافة الموسيقية ليتعرف الجمهور أكثر على تراثنا القديم ودقائق جماله، كذلك على الفنانين أن يتعلموا أصول الغناء الكلاسيكي حتى يتمكنوا من تأديته بطريقة سليمة تستقطب الجمهور، فضلا عن دور الشعراء والملحنين الذين يتعين عليهم تخصيص مساحة من أشعارهم وألحانهم لهذا اللون من الغناء، بذلك تتضافر الجهود ويتهيأ المناخ لإحياء تراثنا.

في رأيك هل جمهور هذا اللون الغنائي في ازدياد أم أنه يتراجع في ظل تغير ذائقة الناس وانتشار واسع لألوان مثل: المهرجانات والراب؟
جمهور الغناء الكلاسيكي في ازدياد مستمر وملحوظ، ولعل الفضل في ذلك يرجع إلى انفتاح وفّرته مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الموسيقية، ما أتاح للجمهور أن يستمع إلى أسطوانات هذا الفن وتتعرف آذانهم على لون لم تستمع إليه من قبل، وقد لاقى هذا اللون الغنائي القبول عند الكثيرين وبدأوا يفتشون عنه، ثم تطور الأمر معهم إلى السعي للاستماع إليه بصورة حية في حفلات الأوبرا، وهو ما ألاحظه من خلال الحفلات التي أقدمها.

هل هناك إمكانية لتغيير مسارك والاتجاه للغناء السائد؟
الحقيقة أن الفنان الذي يحترف الغناء الكلاسيكي يمكنه تأدية الألوان الغنائية السائدة بسهولة، نظراً لصعوبة الغناء القديم الذي يصبح معه تقديم أي لون غنائي حديث أمرا بسيطا، لكني لا أنوي تغيير مساري الغنائي، غاية ما هنالك أنه يمكن أن أقدم القوالب الكلاسيكية بشيء من التجديد من حيث الموسيقى لأواكب العصر. أما أن التفت عن الفن الكلاسيكي بالكلية إلى الغناء السائد فهو أمر لا أعتقد أنني سأقوم به.

المساهمون