"آبل" والعلم الفلسطيني والقدس... رمز يستفز مناصري الاحتلال

13 ابريل 2024
خلال تظاهرة مناصرة للفلسطينيين في سان فرانسيسكو، 24 مارس 2024 (طيفون كوسكون/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حادثة ظهور العلم الفلسطيني كاقتراح تلقائي عند كتابة "Jerusalem" في تطبيق آيفون أثارت جدلاً واتهامات لآبل بالتحيز ضد إسرائيل، والتي ردت بأنه خطأ برمجي سيتم تصحيحه.
- المذيعة البريطانية ريتشيل رايلي انتقدت آبل متهمة إياها بمعاداة السامية وازدواجية المعايير، مما يبرز التحديات أمام الشركات العالمية في التعامل مع القضايا السياسية.
- حوالي 400 موظف في آبل طالبوا الشركة بالتحدث ضد العدوان الإسرائيلي وإظهار التضامن مع الفلسطينيين، ما يعكس الصراع بين القيم الأخلاقية والضغوط السياسية داخل الشركات.

هاجم مناصرون للاحتلال شركة آبل واتهموها بالتحيز ضد إسرائيل، بعدما تبين أن بعض مستخدمي هواتفها آيفون يتلقون اقتراحاً لرمز تعبيري يمثل العلم الفلسطيني عند كتابة كلمة Jerusalem (القدس) في تطبيقها للرسائل النصية. وتعهدت شركة آبل، الخميس، بوقف هذا الاقتراح التلقائي لدى بعض مستخدمي هواتف آيفون، وأكدت أنه خطأ برمجي وليس مقصوداً وستصلحه، مشيرة في التحديث التالي لنظام التشغيل الخاص بها "آي أو إس".

وأثارت هذه المسألة المذيعة التلفزيونية البريطانية ريتشيل رايلي عبر حسابها على منصة إكس، حيث اتهمت شركة آبل بـ"ازدواجية المعايير". وكتبت: "عندما أكتب عاصمة إسرائيل، القدس، يُعرض عليّ رمز تعبيري للعلم الفلسطيني". وأشارت إلى أنه لم يجر اقتراح أي رموز تعبيرية لأعلام دول عند كتابة أسماء عواصم أخرى في رسائل "آيفون". وأضافت رايلي، وهي يهودية، في منشورها: "إن إظهار المعايير المزدوجة في ما يتعلق بإسرائيل هو شكل من أشكال معاداة السامية، وهو في حد ذاته شكل من أشكال العنصرية ضد الشعب اليهودي". وقالت إن الرمز التعبيري للعلم الفلسطيني بدأ بالظهور عند كتابة كلمة Jerusalem بعد التحديث الأخير لنظام تشغيل "آيفون". ووقعت رايلي منشورها بعبارة "امرأة يهودية تشعر بالقلق حيال التصاعد العالمي لمعاداة السامية".

تستخدم ميزات الاقتراح التلقائي من "آبل"، والتي تعد الرموز التعبيرية جزءاً منها، التعلم الآلي والتقنيات الأخرى لتخمين ما قد يرغب المستخدم في كتابته. تشرح "آبل" عبر موقعها الإلكتروني أنه "أثناء الكتابة، سترى اختيارات للكلمات والعبارات التي من المحتمل أن تكتبها بعد ذلك، بناءً على محادثاتك السابقة وأسلوب الكتابة وحتى مواقع الويب التي زرتها في محرك سفاري للبحث". ومع ذلك، كتبت ريتشيل رايلي على "إكس": "برأيي، لن ترغب شركة متعددة الجنسيات مثل آبل بالاعتراف علناً بأن هذا عمل متعمد من قبل موظف/موظفين... ولكنني آمل أن يستبعد المسؤولون من الشركة".

يأتي هذا الهجوم على "آبل" واتهامها بالتحيز ضد إسرائيل على الرغم من أن كل الأدلة تشير منذ سنوات، ثم بعد بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أن عمالقة التكنولوجيا لا يترددون في إظهار كل دعم للاحتلال، ويقمعون الأصوات الفلسطينية والأصوات المناصرة للفلسطينيين على منصاتهم، كما لم يتوانوا عن طرد موظفين لمجرد تعبيرهم عن تعاطفهم مع الفلسطينيين الذين ترتكب إبادة جماعية بحقهم.

وفي هذا السياق، وقع نحو 400 موظف في شركة آبل رسالة مفتوحة في إبريل/نيسان الحالي، يطالبون فيها المديرين التنفيذيين "بإنهاء صمتهم" بشأن معاناة الفلسطينيين وسط العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. وأشاروا إلى أن الموظفين الذين عبروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين "اتخذت إجراءات ضدهم" أو "فصلوا تعسفياً من وظائفهم".

ونشرت الرسالة الموجهة إلى الرئيس التنفيذي تيم كوك ومسؤولين في شركة آبل مجموعة تسمى Apples 4 Ceasefire (موظفون في آبل يطالبون بوقف إطلاق النار)، والتي تضم المئات من موظفي الشركة الحاليين والسابقين. وذكروا، في رسالتهم، أن كوك تحدث عن "خسارة أرواح إسرائيلية بريئة" في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذها مقاومو "القسّام"، الجناح العسكري لحركة حماس، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، في 7 أكتوبر الماضي، لكن مسؤولي شركة آبل "فشلوا في الاعتراف بالعنف الذي لحق بالفلسطينيين في الأيام والأشهر التالية". يذكر أن وزارة الصحة في قطاع غزة أعلنت، الخميس، ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 33545 شهيداً منذ بدء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل، وأشارت إلى أن إجمالي عدد المصابين ارتفع إلى 76094 جريحاً مع دخول العدوان شهره السابع.

ويتنوع الموقعون على الرسالة المفتوحة والناشطون في حركة Apples 4 Ceasefire من عمال التجزئة إلى الخبراء الفنيين إلى المتخصصين في العمليات الذين يعملون في فروع ومكاتب “آبل" حول العالم. وانتقدت المجموعة في الرسالة شركة آبل "لإبدائها قلة الاهتمام والتفهم إزاء المجتمع الفلسطيني، لا فقط تجاه الفلسطينيين في غزة، بل أيضاً تجاه الأفراد في فرق العمل لدينا وأي مناصر لهم داخل متاجر الشركة ومكاتبها".

كما قال الموظفون إن زملاء لهم واجهوا إجراءات تأديبية فقط لتعبيرهم عن أي نوع من التضامن مع الفلسطينيين. وجاء في الرسالة أن "أي شخص تجرأ على التعبير عن دعمه للشعب الفلسطيني عبر ارتداء الكوفية أو الأزرار أو الأساور أو الملابس، لوحق بحجة خرق السلوك التجاري وخلق بيئة ضارة".

وفي رسالتهم المفتوحة، طالبوا شركة آبل بـ"إنهاء صمتها" بشأن العدوان على غزة و"توضيح أن حياة الفلسطينيين مهمة". وأضافوا: "عاماً بعد عام، يجرى التصويت لنا كواحدة من أكثر الشركات إثارة للإعجاب في العالم. نحن نقود الصناعات، ونبتكر تقنيات تغير الحياة، وقد دفعنا العالم إلى الأمام بأكثر من طريقة... لقد حان الوقت لشركة آبل لتحتل مركز الصدارة وتعيد تحديد التوقعات حول كيفية رؤية العالم للنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير، والوقوف بثبات في إيماننا بالمساواة والعدالة العرقية".

وتحدث أحد الناشطين المشاركين في الحملة، الصحافي طارق رؤوف، لموقع ماشابل، قائلاً: "لقد تجاهل العالم مدة طويلة معاناة الشعب الفلسطيني، من خلال فتح أبوابه في إسرائيل والتزام الصمت تجاه اعتداءات اليوم على المدنيين الفلسطينيين. ساهمت شركة آبل في المحو المنهجي للفلسطينيين الذي أصبح الآن حالة واضحة من التطهير العرقي والعنف العنصري. وأضاف: "إذا أرادت شركة آبل أن تتمسك حقاً بعقيدتها وتجعل العالم مكاناً أفضل، فإنها بحاجة إلى قيادة هذا العالم كما فعلت مرات كثيرة في السابق".

وخلال حلقة بودكاست مع المجموعة الإعلامية "فلسطين في أميركا" Palestine in America نُشرت الأسبوع الماضي، كشفت حركة Apple 4 Ceasefire بالتفصيل ما تعرضت له الموظفة في "آبل"، مادلي لايباه إسبينوزا، بسبب ارتدائها الكوفية. ووفقاً للناشطين في الحملة، فإن إسبينوزا سألت المسؤول عن فريق متجر "آبل ستور" حيث تعمل إن كانت تستطيع ارتداء الكوفية، وقيل لها إنها تستطيع ذلك طالما أنها لا تغطي أي شعار لـ"آبل"، لكنها طردت لاحقاً.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، واجهت كبرى شركات التكنولوجيا انتقادات كثيرة، وتحديداً من قبل موظفين فيها انتقدوا تحيزها إلى جانب الاحتلال وتجاهلها ما يواجهه الفلسطينيون من وحشية آلة القتل الإسرائيلية. في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت تقارير إخبارية أن "آبل" علقت قنوات "سلاك" Slack الداخلية للموظفين اليهود والمسلمين، في أعقاب الرسائل التي نشروها حول العدوان. كما ورد أن "مايكروسوفت" أغلقت منصة مناقشة حول الحرب، بعد أن نشر أحد الموظفين أن الشركة "غافلة عن المعاناة الساحقة للشعب الفلسطيني".

بدورها، واجهت "غوغل" صراعاً داخلياً بسبب علاقاتها مع إسرائيل، وقد وقع أكثر من 600 موظف على خطاب مفتوح ضد رعايتها مؤتمراً سنوياً يروج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية في نيويورك. وفصلت الشركة أحد مهندسي خدماتها السحابية، بعد تنظيم احتجاج مؤيد للفلسطينيين خلال الحدث المذكور، حين اعترض على مشروع نيمبس، وهو عقد مثير للجدل بين "غوغل" و"أمازون" والحكومة والجيش الإسرائيليين يوفر لإسرائيل خدمات الحوسبة السحابية. ويقول موظفو "غوغل"، منذ سنوات، إن المشروع سيزيد من "التمييز المنهجي" ضد الفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه، أدان المستخدمون القمع الذي يواجهه المحتوى الفلسطيني على منصات هذه الشركات، وعلى رأسها "ميتا"، عبر "إنستغرام" و"فيسبوك".

المساهمون