خسر العالم عشرة ملايين وظيفة في القطاع الإبداعي حول العالم خلال عام 2020 نتيجة تفشي فيروس كورونا، وتؤدي الرقمنة المتزايدة للإنتاج الثقافي إلى تعقيد فرص الفنانين في كسب عيشهم أكثر من أي وقت مضى، وفق ما حذر تقرير لـ "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (يونسكو).
وقالت المديرة العامة لـ"يونسكو" أودري أزولاي، في تمهيد للتقرير الذي نشر الثلاثاء: يشهد القطاع الثقافي أزمة غير مسبوقة. حول العالم كله، المتاحف وصالات السينما والمسارح وقاعات الحفلات ــ وهي أماكن للإبداع والمشاركة ــ أغلقت أبوابها". وأضافت أزولاي: "ما كان بالفعل وضعاً محفوفاً بالمخاطر للفنانين أصبح غير مستدام، مما يهدد التنوع الإبداعي".
على الرغم من أن القطاع الثقافي والإبداعي هو أحد أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً في العالم، إلا أنه أيضاً أحد أكثر القطاعات ضعفاً، وغالباً ما يتم تجاهله من قبل الاستثمار العام والخاص، وفقاً لتقرير "يونسكو" الذي حمل عنوان "إعادة تشكيل سياسات الإبداع" المكون من 328 صفحة.
وكان الإنفاق الحكومي على الصناعات الإبداعية يتراجع في السنوات التي سبقت "كوفيد-19"، وأدى الوباء إلى انهيار الدخل والعمالة. وعلى الرغم من أن حكومات عدة حول العالم قدمت دعماً طارئاً للقطاعات الإبداعية المتضررة من القيود التي فرضتها الجائحة، فإن القيمة المضافة الإجمالية العالمية (مقياس قيمة القطاع) للصناعات الإبداعية تقلصت بمقدار 750 مليار دولار أميركي عام 2020.
دعا التقرير الحكومات إلى مواءمة حماية العمل للفنانين والمهنيين الثقافيين مع القوى العاملة العامة، واقترح وضع حد أدنى للأجور للعاملين في المجال الثقافي، ومعاشات تقاعدية وأجور مرضية أفضل للعاملين لحسابهم الخاص (فريلانسر).
وأشار التقرير إلى أنه منذ تفشي الوباء "احتلت الرقمنة المركز الأول... أصبحت أكثر مركزية للإبداع والإنتاج والتوزيع والوصول إلى أشكال التعبير الثقافي. ونتيجة لذلك، عززت الشركات متعددة الجنسيات عبر الإنترنت موقعها، وأصبحت أوجه عدم المساواة في الوصول إلى الإنترنت أكثر وضوحاً".
بالنسبة لمعظم الفنانين، لم توفر البيئة الرقمية الدخل الكافي لدعم مسيرتهم المهنية.
ولفت التقرير إلى الحاجة لاتخاذ إجراءات لمعالجة "فجوة قيمة التدفق"، أي التفاوت بين القيمة التي تستخلصها منصات البث من المحتوى، والإيرادات التي يحققها أولئك الذين يبتكرون ويستثمرون في الابتكار.
وقال مساعد المدير العام للثقافة في "يونسكو" إرنستو أوتون: "نحتاج إلى إعادة التفكير في كيفية بناء بيئة عمل مستدامة وشاملة للمهنيين الثقافيين والفنيين الذين يلعبون دوراً حيوياً للمجتمع في أنحاء العالم كافة".
في المقابل، "اغتنم عدد من الفنانين والعاملين في مجال الثقافة فرصة نمو خدمات البث المتخصصة لتطوير مشاريع مبتكرة في المجال الرقمي".
كما ذكر التقرير أن المساواة بين الجنسين كانت "بعيدة المنال"، رغم أن العاملات يشكلن 48.1 في المائة من العاملين في قطاعي الثقافة والترفيه. وجاء في التقرير أن "الأدلة تشير إلى أن المرأة لا تزال ممثلة تمثيلا ناقصا في المناصب القيادية، ولديها وصول أقل إلى التمويل العام، وعملها أقل وضوحاً وتقديراً مقارنة بالرجال".