حققت أغنية "هللويا" نجاحاً عالمياً ساحقاً، وأُنجزت منها عشرات النسخ بلغات كثيرة. لكنّ هذا العمل الشهير لليونارد كوهين (1934 - 2016)، قوبل بالتجاهل في الولايات المتحدة عند طرحه قبل نحو أربعة عقود. مسار غير عادي، يرويه وثائقي جديد في صالات السينما الأميركية، يحمل عنوان Hallelujah: Leonard Cohen, A Journey, A Song.
ما زالت الأغنية في أذهان كثيرين مرتبطة بالنسخة التي قدمها مغني الروك جيف باكلي، صاحب الصوت الملائكي. لكن من بوب ديلان إلى بون جوفي، مروراً بسيلين ديون وأندريا بوتشيلي، وضعت كوكبة من نجوم الغناء صوتها على هذا العمل الذي يحيل نصه إلى اقتباسات من الكتاب المقدس، مع إسقاطات عاطفية كتبها كوهين. وعام 2008، مع إعادة الأغنية بنسخة "غوسبل"، بصوت أليسكاندرا بورك في برنامج "ذي إكس فاكتور" البريطاني، احتلت "هللويا" المراكز الثلاثة الأولى في سباق الأغنيات الإنكليزي، على التوالي لنسختي بورك وجيف باكلي، ثم للأغنية الأصلية بصوت ليونارد كوهين.
وقال الصحافي المتخصص في الموسيقى، آلن لايت، مؤلف كتاب عن أغنية "هللويا" (2012): "لا أرى أي أغنية أخرى كان لها مسار مشابه".
وعلى هامش مشاركته كمستشار ومنتج خلال عرض في نيويورك للوثائقي، قال لايت: "احتاج الأمر إلى عشر سنوات أو عشرين مع كل هذه النسخ المختلفة، لتحقق الأغنية انطلاقتها وتكبر كرة الثلج".
ليونارد كوهين، الشاعر بالدرجة الأولى قبل أن يكون مغنياً، احتاج إلى سنوات لينتهي من كتابة المقاطع المشحونة بالروحانيات والصور الوجدانية في أغنية "هللويا". وقد استغنى عن عشرات الجمل في الأغنية. لكنّ شركة كولومبيا للإنتاج الموسيقي رفضت إصدار أسطوانة "فيريوس بوزيشنز" التي كانت تتضمن الأغنية، في الولايات المتحدة. وأوضح آلن لايت: "كان ذلك عام 1984، في مرحلة شهدت طفرة في الإنتاج الموسيقي. إنّها السنة التي صدرت فيها أغنيات بورن إن ذي يو إس إيه (بروس سبرينغستين)، ولايك إيه فيرجن (مادونا) وبربل راين (برينس)".
بعد بضع سنوات، أخرج بوب ديلان الأغنية من النسيان، وقدمها بنسخة جديدة بنسق البلوز روك. بعدها أعادها جون كايل، أحد مؤسسي فرقة "ذا فلفت أندرغراوند" مقدماً إياها بنسخة أكثر إثارة سنة 1991، قبل أن تصدر بنسخة جديدة أكثر إيحائية بصوت جيف باكلي في ألبوم "غرايس" (1994).
ويُظهر الوثائقي كيف أصبحت أغنية "هللويا" التي اكتشفتها أجيال لاحقة في فيلم الرسوم المتحركة "شريك" سنة 2001، ثم في فيلم "سينغ" عام 2016، من صلب الثقافة الشعبية. عام 2010، أعادت الكندية كيه. دي. لانغ تقديمها بصوتها القوي خلال الألعاب الأولمبية الشتوية في فانكوفر. وبعد أحد عشر عاماً، حضرت الأغنية أيضا خلال مراسم تكريم لضحايا كوفيد-19 في واشنطن بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأشار آلن لايت إلى أنّ نجاح الأغنية مرده أولاً إلى "جمال النغمة". لكن أيضا إلى كلماتها التي تحمل أوجها تترك المجال واسعا للتأويل. وقال لايت: "إذا كانت الأغنية في نظركم دينية، فهذا جيد جداً. وإذا اعتبرتموها أغنية عن الحب المكسور، فهذا رائع ومعقول أيضاً". ولفت إلى أن الأغنية يمكن تقديمها بأساليب متنوعة، مذكّرا بنسخة قدمها عازف آلة الأكلال الشهير جايك شيمابوكورو.
لكن لايت يستذكر باسماً أنه حين قابل المغني بونو عند التحضير لكتابه، أراد قائد فرقة "يو تو" تقديم "اعتذار" عن نسخة من الأغنية بأسلوب موسيقى تريب هوب سنة 1995، كان يتحدث فيها أكثر من الغناء.
(فرانس برس)