"ماذا لو؟"... تلك الحكايات التي لم تحدث

05 سبتمبر 2021
من افتتاح المهرجان (فيسبوك)
+ الخط -

بدأت منصة "ديزني +" مؤخراً بث حلقات المسلسل الكرتوني "مارفل: ماذا لو..؟"، كجزء من المرحلة الرابعة من عالم "مارفل". سلسلة "ماذا لو ...؟" هذه السلسلة بدأت في السبعينيات كحكاية مصوّرة، وفيها تظهر احتمالات لم يشهدها عالم "مارفل" من قبل، فبقيادة "المراقب" الحاضر في الرسوم المتحركة والرسوم المصورة، يطرح في كل حلقة سؤال، يمتلك صيغة سحرية، ويغير واحداً من الاحتمالات التي تغير عالم مارفل كما نعرفه، كأن نشاهد مثلاً "ماذا لو خسر الدكتور سترينج قلبه...لا يديه".

سؤال "ماذا لو ..؟" يحمل صيغة سحرية، هو جوهري في أي فرضية فنيّة، كونه يغذي الفضول ويكتشف الاحتمالات الدفينة فيما نراه، و هذا ما يحاول المراقب أن يخبرنا إياه في كل حلقة، هناك عدد لامتناه من العوالم، كل واحد منها مبني على سلسلة من الاحتمالات التي تشكل وجه العالم. فنحن نعرف مثلاً أن "كابتن أميركا" تم نتيجة تجربة سريّة في الحرب العالمية الثانية لأجل إنهائها. لكن هنا، في هذا المسلسل، نشاهد فرضية أخرى، ماذا لو فشلت التجربة، وحلت مكانه زميلته التي يُحب، وكانت شخصية الكابتن امرأة بريطانيّة.

لا يمكن ضبط الاحتمالات في هذا العوالم، خصوصاً أن المراقب لا يتدخل، بل يشاهد من بعيد، هو يؤكد أن أسمنت الزمن لا يمكن زحزحته أو تغييره، ناهيك عن تلك النقاط أو الأحداث الجوهرية التي لا يمكن تغييرها، كونها تهدد الواقع بكل نسخه، أحداث حاول الدكتور سترينج التدخل بها لكنه فشل أمام أعين المراقب نفسه. الملاحظ أن أصوات بعض الشخصيات هي ذاتها الموجودة في عالم "مارفل" السينمائي، فجندي الشتاء وونيك فيوري والفهد الأسود ولوكي، يؤدي أصواتهم ذات الممثلين الذين لعبوا أدوارهم السينمائيّة. لكن أبرز الغائبين، هو روبيرت داوني جونيور، الذي أدى شخصية الرجل الحديدي في العالم السينمائي، ولا وجود له في العالم الكرتوني، والسبب هو ليس الانشغال كما باقي الممثلين، بل تصريحاته المتكررة عن عدم رغبته بلعب هذه الشخصيّة، لكن بعضهم يرجح السبب بأنه لن ينال كما حصل سابقاً نسبة من الأرباح، خصوصاً في ظل الدعوى القائمة من قبل الممثلة سكارليت جوهانسون ضد "ديزني"، إذ تتهم الممثلة الشركة العملاقة بأنها لم تلتزم بالعقد وحرمتها من أرباح البث على منصة "ديزني +".

المثير للاهتمام في المسلسل الكرتونيّ وخصوصاً في النظرية وراءه أنه لا يحاول تقديم تاريخ بديل، أي ما يتغير في العالم لا يعني تغير النتائج، بل يستعرض المراقب أمامنا جملة من الاحتمالات ضمن منظومة ثابتة ومتماسكة هي "الواقع" وبالرغم من تغير الاحتمالات، إلا أن النتائج ذاتها، وكأنه بذلك يقول، أن لا خصوصيّة للأبطال الخارقين كأفراد وكبشر مميزين، ولو ماتوا جميعاً كما في الحلقة الثالثة، فيمكن استبدالهم، فالبطل الخارق إذا دور ضمن منظومة الواقع، دور مرسوم مسبقاً ويمكن لأي أحد أن يملأه، مهما تفرعت وتنوعت الاحتمالات.

نتشارك في الرأي مع بعض النقاد الذين وجدوا المسلسل فقيراً، أي لم يقدم احتمالات شديدة الغرابة أو تثير الدهشة، فالحبكات التي تحدث والحكايات كلها ذات احتمالات قائمة في العالم السينمائي، أي لم يحدث تغيير جوهري في الشخصيات أو العالم الذي تدور فيه الأحداث، ربما الأمر محاولة لجعل السلسلة امتداداً للعالم السينمائي، أو إن أردنا التحذلق، يمكن القول هي محاولة لتأكيد أن "الواقع" لا يمكن تغييره، بل شكله ثابت مهما تنوعت الاحتمالات ضمنه.

الملاحظ أيضاً هو لمسة "ديزني" في أسلوب التحريك، الذي وجده البعض مخيباً للأمل حين التعامل مع شخصيات "مارفل". إذ لا نشاهد ذاك الزخم الذي نراه في القصص المصورة أو العالم السينمائي، ربما لأن هناك انطباعا بأن السلسلة صالحة للجميع، وليس للبالغين وحدهم، ما يحرم المشاهدين الكثير من الاحتمالات والفرضيات التي يمكن أن توظف في المسلسل.
 

المساهمون