"فيسبوك" تغرق أكثر في أزمتها: آخر ما كشفت عنه الوثائق المسربة

26 أكتوبر 2021
تتزايد الانتقادات لفيسبوك (كيريل كودريافتسيف/فرانس برس)
+ الخط -

ألقت تقارير جديدة باللوم على الرئيس التنفيذي في شركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ على الخضوع للسلطات في فيتنام، وأشارت إلى أن "فيسبوك" سمحت لخطاب الكراهية بالازدهار على الصعيد الدولي بسبب القصور اللغوي، وأكدت أن عملاق التواصل الاجتماعي يعرف أن خوارزميته تغذي الاستقطاب السام عبر الإنترنت.

تقارير يوم الاثنين اعتمدت على آلاف الوثائق الداخلية التي راجعتها مواقع إخبارية أميركية. الوثائق المذكورة قدمتها الموظفة السابقة في "فيسبوك" فرانسيس هاوغين لدعم ما كشفته في شهادة لها أمام "لجنة الأوراق المالية والبورصات". وقدمها مستشارها القانوني إلى الكونغرس بصيغة منقحة. وحصل على النسخ المنقحة كونسورتيوم من 17 وكالة أنباء أميركية، بينها "سي أن أن" و"واشنطن بوست" و"أسوشييتد برس" و"نيويورك تايمز".

تزعم هاوغين أن الوثائق تؤكد أن شركة "فيسبوك" فضلت مراراً مصالحها المالية على سلامة مستخدميها، ما دفع الولايات المتحدة إلى تشديد تدقيقها في نشاط عملاق التواصل الاجتماعي. كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد بدأت بنشر هذه الوثائق منتصف سبتمبر/أيلول الماضي تحت عنوان Facebook Files، قبل أن تصل إلى المؤسسات الإعلامية الأخرى.

وأدلت هاوغين الاثنين بشهادتها أمام مشرعين بريطانيين. وقالت: "لم تكن (فيسبوك) على استعداد لقبول التضحية حتى بأرباح قليلة من أجل سلامة المستخدمين، وهذا أمر غير مقبول"، مضيفة أن المحتوى الغاضب أو الذي يغذي الكراهية "هو أسهل طريقة لنمو" منصة التواصل الاجتماعي.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

من جهة ثانية، حاولت "فيسبوك" مراراً وتكراراً تشويه سمعة هاوغين، واتهمتها بأنها انتقائية وهدفها الإساءة لصورة الشركة. وقال متحدث باسم "فيسبوك" لشبكة "سي أن أن"، في بيان، إن "جوهر هذه القصص هو فرضية خاطئة. نعم، نحن شركة ونحقق أرباحاً، لكن القول إننا نفعل ذلك على حساب سلامة الناس أو رفاههم يسيء فهم مكمن مصالحنا التجارية".

وأعلنت شركة "فيسبوك" عن أرباح ربع سنوية تزيد عن 9 مليارات دولار أميركي الاثنين، بزيادة نسبتها 19 في المائة، بعد ساعات من نشر تقارير إخبارية حول نشاطاتها. كما أعلنت عن ارتفاع عدد مستخدميها إلى 2.91 مليار شخص.

أدناه بعض أبرز ما كشفت عنه الوثائق أخيراً:

"فيسبوك" تفشل في الإشراف على المحتوى في البلدان النامية

أفادت "واشنطن بوست" و"رويترز" و"أسوشييتد برس" بأن "فيسبوك" كافحت لضبط المحتوى الذي يغذي خطاب الكراهية والعنف في البلدان النامية، وبينها الهند. وجزء من المشكلة هو أن "فيسبوك" لم توظف عدداً كافياً من المشرفين على المحتوى الذين يمتلكون المهارات اللغوية المناسبة والسياق الثقافي.

وأشارت "أسوشييتد برس" إلى انتهاكات "فيسبوك" في الدول العربية، وتحديداً حذف حسابات عشرات الصحافيين والناشطين الفلسطينيين واختفاء أرشيف الحرب السورية، علماً أن العربية هي ثالث اللغات الأكثر شيوعاً على "فيسبوك".

وكتب ساميد شاكرابارتي الذي كان مسؤولاً عن قسم النزاهة المدنية في "فيسبوك"، في مذكرة داخلية عام 2019 اطلعت عليها صحيفة "واشنطن بوست": الحقيقة المؤلمة أننا ببساطة لا نستطيع تغطية العالم بأسره بمستوى الدعم نفسه".

في الشرق الأوسط، استُخدمت منصات "فيسبوك" في بيع الخادمات. وذكرت وكالة "أسوشييتد برس" أن الشبكة الاجتماعية كافحت لقمع الاتجار بالبشر. وهددت شركة "آبل" بسحب تطبيقي "فيسبوك" و"إنستغرام" من متجرها "آب ستور"، قبل عامين، بسبب هذه المخاوف.

ردت "فيسبوك" في تدوينة، أكدت فيها أنها تستثمر المزيد في هذه الدول، وتحديداً في ميانمار وإثيوبيا. وأشارت إلى أنها وظفت 40 ألف شخص يعملون في مجال السلامة والأمن، بما في ذلك فرق عالمية تقوم بمراجعة المحتوى بأكثر من 70 لغة.

جهود غير كافية قبل الانتخابات الأميركية 2020

في حين أن الإشراف على المحتوى أسوأ في البلدان النامية، إلا أن موظفي "فيسبوك" شعروا أيضاً أنها لم تفعل ما يكفي للقضاء على المعلومات المضللة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020.

نشر أنصار دونالد ترامب، الذي خسر الانتخابات أمام جو بايدن، مزاعم كاذبة حول تزوير الانتخابات، ثم علقت "فيسبوك" حسابات ترامب حتى عام 2023 على الأقل، بسبب مخاوف من أن تعليقاته قد تحرض على العنف، في أعقاب أعمال الشغب الدامية في مبنى الكابيتول حيث مقر الكونغرس الأميركي، في يناير/كانون الثاني الماضي.

ووفقاً لـ"إن بي سي نيوز"، بينت أبحاث "فيسبوك" أن منصتها كانت توصي بمزيد من المحتوى المتطرف ــ بما في ذلك مواد حول حركة "كيو أنون" المتطرفة ــ للمستخدمين. كما أظهرت الوثائق أن "فيسبوك" لم تكن مستعدة لكبح أنشطة حركة "أوقفوا السرقة" Stop The Steal، وهي أيضاً حركة متطرفة تزعم أن الانتخابات الأميركية مزورة وأن الأصوات سرقت من ترامب، وفقاً لشبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية.

لكن "فيسبوك" ردت في تدوينة، اعتبرت فيها أن "مسؤولية أعمال الشغب تقع على عاتق من خالف القانون أثناء الهجوم ومن حرض عليه".

فشل في استقطاب المراهقين

كشفت الوثائق أيضاً بعض البيانات التي أظهرت فشل "فيسبوك" في جذب المراهقين إلى موقعها. وشارك أحد الباحثين بيانات، في وقت سابق من هذا العام، أظهرت أن المستخدمين المراهقين في الولايات المتحدة انخفضوا بنسبة 13 في المائة منذ عام 2019. كما تشير التقديرات إلى أن المستخدمين المراهقين، وهم سوق قيّم لـ"فيسبوك"، سينخفضون بنسبة 45 في المائة خلال العامين المقبلين، وفقاً لموقع "ذا فيردج".

ويدرس المشرعون الأميركيون حالياً تشريعات لحماية سلامة الأطفال، بعد أن ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن بحثاً داخلياً لـ"فيسبوك" أظهر أن تطبيق "إنستغرام" يلحق ضرراً بالفتيات المراهقات تتعلق بصورتهن ورضاهن عن أجسادهن.

وفي هذا الإطار، أعلن مارك زوكربيرغ الاثنين أن شركته تجهز فريقها سعياً للتركيز على الشباب واستقطابهم.

ماذا قال مارك زوكربيرغ؟

قال زوكربيرغ خلال مؤتمر هاتفي مع المحللين الاثنين "نشهد على جهد منسق لاستخدام وثائق داخلية بصورة انتقائية، لتقديم صورة خاطئة عن شركتنا". وأكد أن "الحقيقة هي أن الشبكات الاجتماعية ليست المسؤولة الرئيسية عن هذه المشكلات، ولا يمكنها إصلاحها وحدها".

وذكّر مجدداً بالمبالغ الطائلة التي تستثمرها "فيسبوك" في تطوير برامج السلامة، مع تخصيص فرق تضم 40 ألف شخص لهذه الغاية، وميزانية قد تصل إلى خمسة مليارات دولار أميركي هذا العام.

وأضاف "نظن أننا سنكون قادرين على المضي قدماً على الرغم من هذه الرياح المعاكسة"، بفضل "الاستثمارات التي نقوم بها اليوم"، في تقنيات القياس والأساليب الجديدة.

وينظر زوكربيرغ إلى "ميتافيرس" على أنه مستقبل الإنترنت و"فيسبوك" معاً، وهو بمثابة عالم مواز يمكن للمستخدمين ولوجه من طريق التكنولوجيا (نظارات الواقع المعزز أو خوذات الواقع الافتراضي).

وقال "نأمل أن نتمكن بحلول نهاية العقد الحالي من مساعدة مليار شخص على استخدام (ميتافيرس) وتحقيق إيرادات بمئات مليارات الدولارات للمتاجر الإلكترونية".

غير أن هذه المغامرة الجديدة لا تطمئن منتقدي الشبكة، من سلطات رسمية إلى منظمات غير حكومية، إذ يرى البعض في ذلك محاولة لإلهاء الرأي العام عن التحديات الحقيقية، فيما يخشى آخرون أن تحصل "فيسبوك" على قدرة أكبر على التحكم بحياة البشر.

المساهمون