"صالون هدى" يفتح أبوابه لجميع الآراء... والتهديدات

14 مارس 2022
ميساء عبد الهادي ومنال عوض (خوان نهارو غيمينيز / Getty)
+ الخط -

حين أوشك الجمهور والممثلون والنقاد، نسيان فيلم "أصحاب... ولا أعز"، وكلّ ما دار حوله من جدل، بسبب ما ورد فيه من مشاهد وحوارات، اعتبرها كثيرون "مساساً بأخلاق الأسرة العربية"، وما إلى ذلك، ها هو فيلم "صالون هدى"، يفتح الأبواب لجدل مشابه.

الفيلم الذي أخرجه الفلسطيني هاني أبو أسعد، يتناول قضية حساسة، تتعلّق بمحاولات جهاز مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، لإسقاط الشباب والشابات الفلسطينيين، من خلال الجنس، كي يستطيع أن يجندهم ويعملوا لحسابه. في أحد مشاهد الفيلم، تظهر الممثلة ميساء عبد الهادي عارية.

إلى جانب هذا المشهد، وردت بعض الحوارات في سيناريو العمل، وجد الجمهور فيها "مساساً بقيم المجتمع الفلسطيني الأخلاقية والوطنية".

 

 

من جهة أخرى، هناك آراء دافعت بشدّة عن حرية الممثلين والممثلات في كيفية ظهورهم، لكنّهم أدانوا العمل من ناحية سياسية؛ إذ وجدوا في أفلام أبو أسعد، ترويجاً لفكرة أن بداخل كل فلسطيني عميلاً صغيراً، ويحتاج إلى موقف ما كي يظهره، في إشارة أيضاً إلى فيلميه السابقين، "عُمر" و"الجنّة الآن".

بيانات كثيرة صدرت حول الموضوع، آخرها كان لـ "جمعية الثقافة العربية" في حيفا المحتلة؛ إذ يدين البيان ما تعرّضت له عبد الهادي من هجوم.

ترى الجمعية "في تجاوز حدود نقاش الأعمال الفنية وإبداء الرأي أيًا كان في حقها، والتوجه إلى الفعل الفارض في منعها ومحاربتها بلغة العنف والتخوين، انزلاقًا خطيرًا يقوض حق الفنانين في سلامتهم الشخصية أوّلا، لا سِيّما أن التهديد الأول والمركزي تجاه العمل يتعرض للفنانات النساء، من خلال توجه عنيف يتعامل معهن كشريحة منصاعة غير حرة، ويقوض في مركزه حقهن وحريتهن الشخصية واختيار أعمالهن".

يضيف البيان: "‎لا يُمكن اختزال الفن في معايير شريحة اجتماعية واحدة، فهذا يعني تقبل فرض مقولب قد يتحوّل يومًا ما لرفض ومنع المحتوى الفني المقبول والمرسوم لديها أيضًا، أو لدى أيّ منا، وبذلك فإن الدفاع عن حرية الفن والدفاع عن حرية إبداء الرأي في هذا الوقت هو واجب ثقافي لكل من يؤمن بالتنشئة الاجتماعية السليمة وغير العنيفة في مجتمعنا".

يأتي هذا البيان على خلفية تهديدات تعرّض لها عدد من طاقم العمل، على رأسهم الممثلتان ميساء عبد الهادي ومنال عوض. في هذا السياق، تقدم محاميان فلسطينيان، يوم الأحد الماضي، بشكويين منفصلتين لدى مكتب النائب العام الفلسطيني في رام الله، وسط الضفة الغربية، ونيابة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، ضد طاقم عمل فيلم "صالون هدى".

يتلخص موضوع الشكويين حول "التعرض للآداب والأخلاق العامة، وفق قانون العقوبات لعام 1960 النافذ، وقرار بقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2018".

وورد في إحدى الشكويين: "التعرض للآداب والأخلاق العامة، وارتكاب الأفعال المنافية للحياء العام عبر تمثيل وإخراج ونشر مقاطع إباحية مخلة بالقيم والآداب العامة، والإساءة إلى نضال الشعب الفلسطيني من خلال فيلم (صالون هدى) سندا لنص المواد (319، 320، 183، 468) من قانون العقوبات، وسنداً للمواد (16، و39) من القرار بقانون الجرائم الإلكترونية".

من جهته، نشر الممثل الفلسطيني، عامر حليحل، على صفحته منشوراً، أشار فيه إلى أن ما تتعرّض له الممثلتان هو "تحريض وترهيب وتهديد لا يمكن تصوّره"، موضّحاً أنه قرأ منشوراً يطالب كاتبه بإعدامهما، إلى جانب أنهما تتلقّيان اتصالات تهديد.

لم يبقَ المخرج، هاني أبو أسعد، صامتاً حيال الأمر. في تصريحات صحافية له، يقول: "أنا أحترم مشاعر الناس في مجتمعنا"، متابعاً: "سأحذف المشهد من نسخة الفيلم التي ستعرض في العالم العربي وسأبقي عليها فقط في النسخة التي ستعرض في الغرب. تاريخياً علينا أن نسجل هذه الأحداث مع أن هناك نوعا من التحدي فعندنا غايتان: الأولى إثارة النقاش في مجتمعنا عن القضايا التي نطرحها في الفيلم، والثانية هي أن نفضح جرائم الاحتلال للعالم الخارجي وهذا المشهد استعارة لتعرية الاحتلال لنا كشعب".

المساهمون