"سوق الحرير"... قماش باخس لقصة تائهة

09 مايو 2021
جرى اختيار الكاتب سيف رضا حامد لصياغة سيناريو الجزء الثاني (فيسبوك)
+ الخط -

اختارَت شبكة MBC المجازفة بإنتاج موسم ثان من مسلسل "سوق الحرير"، رغم الأخطاء التي واجهها الجزء الأول قبل عام من ناحية السيناريو والتنفيذ. الشبكة السعودية قررت استبدال الفريق البصري للعمل في محاولة لصناعة صورة بصرية مختلفة لمرحلة الستينيات، فكان الاختيار للمخرج المثنى صبح، صديق الشبكة في عدة أعمال خليجية سابقة. كما جرى اختيار الكاتب سيف رضا حامد لصياغة سيناريو الجزء الثاني.

تابعَ الفنانون سلوم حداد وبسام كوسا وكاريس بشار وقمر خلف وفادي صبيح ونادين تحسين بيك أدوارهم في الموسم الثاني بوجود مجموعة من الأدوار الجديدة. في حين جاء اعتذار الفنانين محمود نصر ونسرين طافش عن لعب أدوار في هذا الجزء بفعل عكسي على سوية الحكاية التي بدَت تغرق في عدم الجدوى دون الوصول إلى نقطة ارتكاز واضحة تحمل أي تشويق.

ومع تبدل ملامح الشخصيات بمظهر مختلف أشرفت عليه مصممة الأزياء رجاء مخلوف وتغيير واضح في الهوية البصرية للمسلسل، حضر الجزء الثاني من "سوق الحرير" باهتاً مبهرجاً بألوان كثيرة دون أي جاذب درامي. فلم تفلح الكاميرات الحديثة واللقطات المتعددة للمشهد الواحد، بإشراف مدير التصوير يزن شربتجي، في إقناع المشاهِد بواقعية الحكاية.

كما كثر الطهاة الذين أعدوا السيناريو، فحافظ المسلسل على الكاتبة الرئيسية للجزء الأول حنان المهرجي بصيغة رمزية منعاً لأي تمرد قد يتسبب بتوقيف قضائي للعمل في حال لجأت المهرجي للقضاء السوري. كما أضيف إلى الورشة الشاب يزن الداهوك، وحضرت الكاتبة رانيا الجبان في الإشراف الدرامي، ما أخرج النص من صيغته الأصلية التي أعدها سيف رضا حامد، وبدت التغيّرات شاسعة بإقحام شخصيات لم تكتب على الورق، وتم تحريف مسار شخصيات أخرى. فما ظهر على الشاشة على أنّه الحلقة العاشرة، لم يكن في السيناريو الأصلي سوى الحلقة الرابعة. التطويل إذاً جاء عكسياً من ناحية السياق العام، فلم تثمر المشاهد البطيئة في حياكة قماش جذاب للمشاهدة، وظهرت الفراغات بين خطوط الشخصيات غير المنسجمة في إطار منزل "عمران الحرايري"، على عكس الجزء الأول.

سينما ودراما
التحديثات الحية

فبدل أن يوحّد الحدث الأبرز كافة الشخصيات حوله، ظهرت العائلة مفككة كأنّها تتحرك في رمالٍ متحركة دون تصعيد يؤدي لأحداث فارقة، بل جاءت الحلول أقرب إلى المسرحية الهزلية غير المقنعة في بنية العمل الدرامي. بدورهما، لم يقدّم كل من بسام كوسا وكاريس بشار أي إضافة لأدوارهما، رغم الخبرة الأثيرة لديهما في نصوص البيئة الشامية. وبدا خط سلوم حداد هو الأكثر تشبعاً ومحورية، وكأنّ الدور كُتِب بناءً على طلباته بعدما أقنع شبكة MBC بإسناد دفة إخراج الجزء الثاني للمثنى صبح.وحدها موسيقى الريماوي وصوت رانيا البسام في مقدمة العمل تترك أثراً مهيباً رغم تغيير الشارة وتقديم الغرافيك بطريقة مبتذلة دون الاستفادة من البذخ الإنتاجي في صناعة ديكورات مقنعة، بل بالاعتماد على مبنى جامعة دمشق لتصوير غالبية المشاهد الخارجية في استهتار بذاكرة قاطني العاصمة الذين سيكتشفون بسهولة الركاكة الإنتاجية في التنفيذ.

ويبقى السؤال لماذا توافق MBC على هذه السوية الإنتاجية لعمل من إنتاجها مقارنة بأعمال مكلفة حملت دقة عالية في التنفيذ، كان آخرها "دفعة بيروت"، والمصور بطريقة سينمائية ذكية والناقل لواقع مرحلة زمنية قديمة في بيروت، دون أي أخطاء إنتاجية في الديكور أو الملابس أو المونتاج. وقد يأتي الجواب سريعاً بأنّ المشروع من أصله لم يبنِ بتروٍ ودراسة، وسيطرة فكرة استنساخ نجاح "باب الحارة" جماهيرياً ما زالت تهيمن وبقوة على دماغ المخرج بسام الملا، ومن خلفه من ظنوا أنّ الاستثمار في البيئة الشامية رابح على كافة الأصعدة، وهكذا كانت النتيجة قماش باخس لقصة تائهة.

المساهمون