ويشترك المسلمون في أنحاء العالم خلال شهر رمضان في تجمع العائلات على موائد الإفطار وحضور صلاة الجماعة بالمساجد. لكن الجائحة غيرت الأولويات، حيث فُرضت قيود على التجمعات الكبيرة للصلاة وإقامة موائد الإفطار الجماعية.
وفي حدث نادر في تاريخ الإسلام الذي يعود لأكثر من 1400 عام، سيغلق المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، أقدس الأماكن الإسلامية في العالم، خلال شهر رمضان. وكانت الصلاة داخل المسجد الحرام عشية أول أيام رمضان أمس الخميس قاصرة على رجال الدين وأفراد الأمن وعاملي النظافة، وبثها التلفزيون على الهواء مباشرة.
وفي كلمة بمناسبة بدء شهر رمضان عبر العاهل السعودي الملك سلمان عن ألمه لضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي خلال هذا الشهر.
وقالت أم لطفلين في الرياض تدعى سارة "لا أشعر بأي خصوصية (للشهر) هذا العام، لا نشعر بأي أجواء رمضانية".
وفي المسجد الأقصى بالقدس، وقف خطيب الجمعة، لإلقاء الخطبة في المسجد الذي خلا تقريباً من المصلين في أول جمعة من شهر رمضان، كما تردد صدى صوته في ساحة الحرم القدسي التي تصفر فيها الريح، وقد خلت أيضاً من المصلين.
وفي مشاهد نادرة، ربما لم يشهدها الأقصى في تاريخه، جلس بضعة أشخاص من رجال الدين، وهم يرتدون الكمامات، ويحافظون على مسافات فيما بينهم، امتثالاً للقيود المفروضة بسبب وباء كورونا.
وقال الإمام "نسأل الله أن يرحمنا والناس أجمعين، وينجينا من هذا الوباء القاتل".
في السنوات العادية خلال صلاة الجمعة، كان المصلون يحتشدون بعشرات الآلاف. لكن هذا العام سيشاهد الناس الصلاة في التلفزيون فحسب. حالات التفشي في آسيا حثت الحكومات في البلدان الآسيوية التي بها عدد كبير من المسلمين السكان على مراعاة التباعد الاجتماعي خلال شهر رمضان.
وترجع حالات تفش مبكرة للمرض في آسيا، التي تضم القسم الأكبر من نحو 1.8 مليار مسلم في العالم، في كثير من الأحيان إلى المعتمرين والزوار العائدين من السعودية وإيران، مثلما حدث في أفغانستان وباكستان، أو تجمعات جماعات إسلامية، مثلما حدث في الهند وماليزيا.
ويتجمع المسلمون خلال شهر رمضان على موائد الإفطار، أو لزيارة الأقارب، أو لأداء الصلاة في المساجد.
لكن خطورة الجائحة العالمية غيرت الأولويات، حيث فُرضت قيود على التجمعات الكبيرة للصلاة وموائد الإفطار الجماعية في الأماكن العامة. وقال رئيس الوزراء الماليزي محيي الدين ياسين في كلمة للشعب بثها التلفزيون "مثلما نفعل عندما نصوم، علينا مقاومة رغباتنا... ليس مهما أننا لا نستطيع الصلاة معاً في المسجد. ربما تكون هذه منحة من الله، لنصلي مع عائلاتنا في المنزل، بدلاً من ذلك".
وماليزيا أحد أكثر بلدان جنوب شرق آسيا تضرراً من الفيروس. ومددت الحكومة الماليزية أمس الخميس القيود على التنقلات حتى 12 مايو/ أيار وألغت الأسواق الشعبية، ومنعت الصلاة في المساجد وكذلك عودة السكان إلى بلداتهم.
وفي إندونيسيا المجاورة، التي بها أكبر عدد مسلمين في العالم، جدد الرئيس جوكو ويدودو في خطاب للشعب دعوته للسكان بالعمل والصلاة في المنزل.
وفي جزيرة جاوة انشغل تاتان أجوستوستاني (52 عاماً) وأسرته بنقل قطع الأثاث من غرفة لإفساح مكان للصلاة. وقال أجوستوستاني الذي يعيش في بوجور بضواحي جاكرتا "لا فرق سواء في المسجد أو في المنزل، بالنسبة لي يجب أن نصلي أينما كنا، حتى لو لم نستطع الصلاة في المسجد".
لكن الأمر كان مختلفاً على ما يبدو في إقليم أتشيه في أقصى غرب البلاد، حيث تزاحم المصلون في أحد المساجد لأداء صلاة التراويح عشية أول يوم من رمضان. تخفيف بعض الإجراءات حث قادة المسلمين في الهند السكان على الالتزام بإجراءات العزل العام المطبقة في البلد طوال الشهر.
وسيبث مركز عموم الهند الإسلامي للتعليم الديني تلاوة قرآنية مباشرة كل مساء. وقال خالد رشيد فيرانجي مهالي رئيس المركز "هذه أفضل طريقة للابتهال إلى الله وإبقاء الجميع سالمين".
وأمرت بنغلادش المساجد بقصر صلاة التراويح في المساجد على 12 شخصا ومنعت موائد الإفطار الجماعية، فيما أغلقت سريلانكا المساجد. وعبر الأطباء في باكستان عن قلقهم بشأن قرار الحكومة رفع القيود عن صلاة الجماعة في المساجد خلال شهر رمضان.
وفي الجزائر خففت السلطات حظر التجول الليلي، ورفعت حالة العزل العام في ولاية قريبة من العاصمة الجزائر بمناسبة بدء شهر رمضان. وساد الهدوء نيامي عاصمة النيجر، لكن الشرطة والجيش ظلا منتشرين وفي حالة تأهب بعد احتجاجات عنيفة على حظر التجول وإغلاق المساجد.
وقال رئيس الوزراء بريجي رافيني في كلمة للشعب "أدعوكم للتحلي بمزيد من الصبر لأن الصبر من خلق المسلم".
(رويترز)