"الفيلم مستوحى من قصّة حقيقية. للأسف".
هذا تعريفٌ بـCurveball، للألماني يوهانس نابر، المعروض في برنامج "البرليناله المميّزة ـ غالا"، في الدورة الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020) لـ"مهرجان برلين السينمائي الدولي". العودة إلى مرحلة مضطربة في العالم، عشية الغزو الأميركي للعراق (20 مارس/ آذار ـ 1 مايو/ أيار 2003)، مغرية للسينما، فالوقائع والمعطيات والتفاصيل كثيرة، وبعضها مُقتبس في أفلامٍ أوروبية وأميركية قليلة. يوهانس نابر يسرد وجهة نظر ألمانية، فـ"الجهاز الفيدرالي للاستخبارات" (جهاز للاستخبارات الخارجية تابع للحكومة الفيدرالية الألمانية، و "المستشارية" وصيّةٌ عليه) يعثر على من يؤكّد امتلاك صدام حسين أسلحة بيولوجية، وتأكيداته تُشكِّل عَصَب الخطاب الأميركي لتبرير الغزو.
القصّة حقيقية "للأسف". بداية توحي بنبرة ساخرة وانتقادية، فيرتقي النص السينمائي إلى مرتبة الإضحاك، بكيفية تصويره بعض الشخصيات، وآليات تعاملها مع المسألة، والتداخل الصِدامِيّ بين جهازي الاستخبارات الألمانية والأميركية، بالإضافة إلى توازنٍ بين تسجيلات تلفزيونية لخطابات الرئيس جورج بوش الابن ووزيري الدفاع دونالد رامسفيلد والخارجية كولن باول، وردود فعل شخصيات ألمانية، تعلم بالأكاذيب الملفّقة، لكنها غير راغبةٍ في تصرّفٍ يمنع الغزو لأسبابٍ سياسية، أو أنّها عاجزة عن إعلان أمر التلفيقات المخادعة علناً.
عنوان الفيلم اسم/ رمز لملف المسألة، المنطلقة من لحظة تقارب بين عراقيّ لاجئ إلى ألمانيا، يُدعى رافِد علوان، ومسؤولين في جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية. يُقدِّم علوان نفسه كمدير سابق لمصنع بذور خاضع للجيش العراقي، ويوحي لهم بأنّ "المكان" يُصنِّع أسلحة بيولوجية. بحسب الصحيفة اليومية الفرنسية "لو فيغارو" (16 فبراير/ شباط 2011)، يهرب رافِد أحمد علوان الجنابي من العراق عام 1999، ويطلب اللجوء في ألمانيا في العام التالي: "يُنتج المصنع أسلحةً بيولوجية"، يقول للأمنيين الألمان، مضيفاً أنّ للعراق شاحنات تنقل تلك الأسلحة، وأنّ للبلد مصانع سرّية. تُضيف الصحيفة الفرنسية، نقلاً عن "ذا غارديان" البريطانية، أنّ تصريحاته "أساس التبريرات الأميركية لغزو العراق عام 2003"، وأنّ الرجل "مصدر المعلومات المتعلّقة بوجود الأسلحة البيولوجية"، وأنّ علوان "يريد (من هذا كلّه) قَلْبَ صدام حسين".
في فيلم يوهانس نابر، يستعين مسؤولو الاستخبارات الخارجية بالدكتور وولف (سيباستيان بلومبرغ)، الخبير في أسلحة كهذه، وفي العراق أيضاً، إذْ يمضي فيه 3 أعوام، رفقة شابّة أميركية، يرتبط معها بعلاقة عاطفية، قبل انكشاف هويتها أمامه لاحقاً: عميلة تابعة لـ"وكالة الاستخبارات الأميركية". مهمّة وولف: التحقيق مع رافِد علوان (دار سليم)، ومعرفة ما لديه من معلومات. مفارقات كثيرة تحدث، يصل وولف في نهايتها إلى قناعة واضحة: لا شيء حقيقيا وصادقا في المعلومات هذه، فالعراق غير مالكٍ أسلحة كتلك.
سخرية المعالجة السينمائية تُثير ضحكاً. أقوال ومسالك وحركات تُساهم في الإضحاك، وتفضح عقلية ألمانية تقع في أفخاخ (تماماً كالتلفيقات التي "تُبرِّر" للأميركيّ ضرورة الغزو)، أو تُقنع أصحابها (أصحاب العقلية الألمانية) بأولوية السياسيّ على أي شيء آخر. لن تكون الحقيقة مهمّة. العميلة الأميركية تقول: "نحن من يصنع الوقائع"، فالأميركيون يريدون تصريحاً لبدء استيلائهم على العراق. الفيلم متواضع في اشتغالاته الفنية والبصرية والجمالية. تمرير نفحات كوميدية ساخرة جزءٌ من مرارة اكتشاف وقائع وحقائق، وإنْ بعد أعوام على تبيان "الخديعة" المصنوعة في البيت الأبيض والبنتاغون.
مُمثّلا الدورين الأساسيين، بلومبيرغ وسليم، يتجانس أحدهما مع الآخر في صنع جوهر الحكاية ومسار أحداثها. يؤدّيان مهمّتهما بما يتناسب وانفعالات شخصيتي الألماني وولف والعراقي علوان. الثاني، بسلوك شخصيته ونظراتها وردود فعلها، يصنع تلك المفارقات الساخرة. الأول منكمش على نفسه، فله ابنة يحاول رعايتها كأبٍ، لكنه وحيد ومنزو، وضحية مصالح استخباراتية. الاشتغالات السينمائية الأخرى تُكثِّف السرد والعلاقات والتفاصيل، ومع هذا تبقى عادية.
القصّة حقيقية "للأسف". بداية توحي بنبرة ساخرة وانتقادية، فيرتقي النص السينمائي إلى مرتبة الإضحاك، بكيفية تصويره بعض الشخصيات، وآليات تعاملها مع المسألة، والتداخل الصِدامِيّ بين جهازي الاستخبارات الألمانية والأميركية، بالإضافة إلى توازنٍ بين تسجيلات تلفزيونية لخطابات الرئيس جورج بوش الابن ووزيري الدفاع دونالد رامسفيلد والخارجية كولن باول، وردود فعل شخصيات ألمانية، تعلم بالأكاذيب الملفّقة، لكنها غير راغبةٍ في تصرّفٍ يمنع الغزو لأسبابٍ سياسية، أو أنّها عاجزة عن إعلان أمر التلفيقات المخادعة علناً.
عنوان الفيلم اسم/ رمز لملف المسألة، المنطلقة من لحظة تقارب بين عراقيّ لاجئ إلى ألمانيا، يُدعى رافِد علوان، ومسؤولين في جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية. يُقدِّم علوان نفسه كمدير سابق لمصنع بذور خاضع للجيش العراقي، ويوحي لهم بأنّ "المكان" يُصنِّع أسلحة بيولوجية. بحسب الصحيفة اليومية الفرنسية "لو فيغارو" (16 فبراير/ شباط 2011)، يهرب رافِد أحمد علوان الجنابي من العراق عام 1999، ويطلب اللجوء في ألمانيا في العام التالي: "يُنتج المصنع أسلحةً بيولوجية"، يقول للأمنيين الألمان، مضيفاً أنّ للعراق شاحنات تنقل تلك الأسلحة، وأنّ للبلد مصانع سرّية. تُضيف الصحيفة الفرنسية، نقلاً عن "ذا غارديان" البريطانية، أنّ تصريحاته "أساس التبريرات الأميركية لغزو العراق عام 2003"، وأنّ الرجل "مصدر المعلومات المتعلّقة بوجود الأسلحة البيولوجية"، وأنّ علوان "يريد (من هذا كلّه) قَلْبَ صدام حسين".
في فيلم يوهانس نابر، يستعين مسؤولو الاستخبارات الخارجية بالدكتور وولف (سيباستيان بلومبرغ)، الخبير في أسلحة كهذه، وفي العراق أيضاً، إذْ يمضي فيه 3 أعوام، رفقة شابّة أميركية، يرتبط معها بعلاقة عاطفية، قبل انكشاف هويتها أمامه لاحقاً: عميلة تابعة لـ"وكالة الاستخبارات الأميركية". مهمّة وولف: التحقيق مع رافِد علوان (دار سليم)، ومعرفة ما لديه من معلومات. مفارقات كثيرة تحدث، يصل وولف في نهايتها إلى قناعة واضحة: لا شيء حقيقيا وصادقا في المعلومات هذه، فالعراق غير مالكٍ أسلحة كتلك.
سخرية المعالجة السينمائية تُثير ضحكاً. أقوال ومسالك وحركات تُساهم في الإضحاك، وتفضح عقلية ألمانية تقع في أفخاخ (تماماً كالتلفيقات التي "تُبرِّر" للأميركيّ ضرورة الغزو)، أو تُقنع أصحابها (أصحاب العقلية الألمانية) بأولوية السياسيّ على أي شيء آخر. لن تكون الحقيقة مهمّة. العميلة الأميركية تقول: "نحن من يصنع الوقائع"، فالأميركيون يريدون تصريحاً لبدء استيلائهم على العراق. الفيلم متواضع في اشتغالاته الفنية والبصرية والجمالية. تمرير نفحات كوميدية ساخرة جزءٌ من مرارة اكتشاف وقائع وحقائق، وإنْ بعد أعوام على تبيان "الخديعة" المصنوعة في البيت الأبيض والبنتاغون.
مُمثّلا الدورين الأساسيين، بلومبيرغ وسليم، يتجانس أحدهما مع الآخر في صنع جوهر الحكاية ومسار أحداثها. يؤدّيان مهمّتهما بما يتناسب وانفعالات شخصيتي الألماني وولف والعراقي علوان. الثاني، بسلوك شخصيته ونظراتها وردود فعلها، يصنع تلك المفارقات الساخرة. الأول منكمش على نفسه، فله ابنة يحاول رعايتها كأبٍ، لكنه وحيد ومنزو، وضحية مصالح استخباراتية. الاشتغالات السينمائية الأخرى تُكثِّف السرد والعلاقات والتفاصيل، ومع هذا تبقى عادية.