"دقيقة صمت" وساعات "التفاف" على الضحية

17 يونيو 2019
مشهد من مسلسل "دقيقة صمت" (فيسبوك)
+ الخط -
على الرغم من صمت الكاتب السوري سامر رضوان، وذلك بعد تصريحاته لمحطَّة "الجديد" اللبنانية، بأن مسلسل "دقيقة صمت" (من كتابته، وإخراج شوقي الماجري)، هو إسقاطٌ، أو نقلٌ للعلاقة التي تربط بين سلطة الفساد والمواطن في سورية، والظلم الذي يترتَّب على ذلك. خرجت قبل أيام، ثلاثة أصواتٍ شاركت في المسلسل، أعلنَت في بيان "خشبي" براءتها من تصريحات رضوان. وذلك بعد أسبوعين من انتهاء المسلسل، الذي حقَّق أعلى نسبة متابعة، لا فقط أثناء العرض، بل من جهة التفاعل الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي.

حقق "دقيقة صمت" أكثر من 3 ملايين مشاهدة، وخصوصاً في الأيام العشرة الأخيرة. وكان لافتًا أنّ معظم الحسابات التي "غذَّت" هذا التفاعل، هي حسابات حقيقيّة وليست وهميّة. ردَّة فعل الموالاة على العرض كانت في عمومها مؤيّدة لطرح المسلسل، وخصوصاً الكلام حول الفساد داخل السجون السورية. ولم تتغيَّر وجهة النظر المؤيدة، حتى بعد تصريحات رضوان، بأن المسلسل يواجه فعلاً النظام أو السلطة السورية.

ربما كان رضوان انفعالياً في حديثهِ التلفزيوني، إذ لم تظهر الصورة أو الانفعال الذي حمله في المقابلة، في أحداث المسلسل الذي كتبه. على العكس تماماً، كل من شاهد المسلسل، أجمع على أنه يجب محاربة "الفساد". لكنّ ذلك لم ينقذ الكاتب، ولا حتّى الممثلين، من اللحظة الأولى لبثّ التصريح، من اتهامات الأبواق المؤيدة للنظام التي تكيل التهم لرضوان وغيره.

التزم الكاتبُ الصمت، وأعطى فرصةً للدفاع عن نفسه، في دقائق عبر تقنيَّة فيسبوك المباشر. لكن ذلك لم يعفهِ من المحاسبة في صفحات العالم الافتراضي. إذْ شُنَّت عشرات الهجمات، وكِيلَت الشتائم. وهمس البعض إلى النظام السوري بالسؤال: كيف سُمِح لهذا "الخائن" بالتصوير في سورية؟ رغم ذلك لعب المسؤولون السوريون على خطين: الخط الأول هو التنبّه مؤخراً لمحتوى المسلسل الذي صُور وعُرض. والخط الثاني، هو الالتفاف على الضحية بطريقة "التشبيح" الذي اعتادها الفنان السوري مع كل نجاح بإمكانه تحقيقه، حتى لو كان مُهجّراً أو لاجئاً في وطن بديل.

كل ذلك لم يرق لبعض الممثلين. المفروضُ هو طلب صكّ "استسماح" مباشرةً من السلطة، وتقديم براءة ذمة. هكذا بدأ غضب المؤيدين بالظهور، واشتدَّ بعد معاقبة الفنانة أمل عرفة، على فعلة "اعتذارها" عن مشهد يستهدف الأطفال الذين استشهدوا بسبب السلاح الكيماوي الذي استخدمه نظام الأسد في مسلسل "كونتاك". اعتذار كان لوحده بمثابة انقلاب على بطلة "دنيا"، ومحاولة إذلالها، لكونها قامت بالاعتذار إرضاءً لحركة المعارضة ضد النظام، واعترافاً ضمنياً بمجازره. قرر البعض الرد على أمل، فمُنِعَت من الظهور في وسائل الإعلام السورية، حتى أغلقت كل صفحاتها على "السوشيال ميديا"، لدرجة أنَّها أعلنت اعتزالها.

أمس، أصدر ثلاثة ممثلين سوريين، هم خالد القيش وعابد فهد وفادي صبيح، بياناً يتبرأون فيه مما سمّوها "المياه الآسنة". وبأنهم انتظروا "الفرح" بنجاح المسلسل طوال الفترة الماضية. فقرّروا التبرُّؤ من تصريحات سامر رضوان، واختتموا الرسالة بأنهم من مؤيدي أو مساندي الجيش والنظام السوري. وبأنَّ كل ما جاء في تصريح رضوان، لا يعدو موقفاً شخصياً لرضوان ولا يمثلهم.
المساهمون