أجزاء مصرية مُكمِّلة: نجاح أو فشل؟

22 فبراير 2019
أحمد السقا: أجزاء مُكمِّلة (فيسبوك)
+ الخط -
لم يسبق للسينما المصرية أن تعاملت مع فكرة الأجزاء الثانية أو المُكمِّلة لأفلام ناجحة في تاريخها الطويل، إلّا في حالاتٍ نادرة للغاية. ما حدث هو استمرار شخصية واحدة (غالبًا في النوع الكوميدي) في أفلام غير مترابطة، ولا تُعتبر أجزاءً، بدءًا من إسماعيل ياسين، ووصولاً إلى اللمبي (محمد سعد)، وحزلقوم (أحمد مكي)، والقرموطي (أحمد آدم). في حالاتٍ نادرة لمخرجين كِبار، كان المخرج يخلق عالمه المستمر في أكثر من فيلم، كما فعل محمد خان في "فارس المدينة" (1993)، جامعًا فيه شخصيات ومصائر أفلامه السابقة؛ أو كما فعل رأفت الميهي في "سمك لبن تمر هندي" (1988)، جاعلاً بطله شقيق بطل فيلمه السابق "الأفوكاتو" (1983).
لكن الأفلام منفصلة عن بعضها البعض، وليست أجزاء متتالية لها قصة واحدة. لذا، فالانتشار المفرط لفكرة الأجزاء المُكمِّلة في السينما المصرية حاليًا، مع وجود نحو 10 أفلام تنتمي إلى هذا المجال ـ فكرةً أو بدء تصوير أو تكملة فيلم ناجح ـ مُستحدَثٌ، ومحتاجٌ إلى تحليل لتبيان أسبابه، ولمعرفة ما إذا كان مفيدًا للسينما في مصر أم لا.




أهم سبب، كامن في ربط المسألة مباشرة بما يحدث في السينما الأميركية. هناك، تجاوز الأمر فكرة الجزء المُكمِّل، بخلق عوالم متصلة وموسّعة، كما في نتاجات "مارفيل" و"آفنجرز"، وأبطال "دي. سي"، ووحوش "يونيفرسال"، وعالم "حرب النجوم"، وغيرها.
هذا يُقابَل بهواجس نقدية وفنية، حول أن الأفكار الأصلية لم تعد مطلوبة وجاذبة كما في تكملة أفلامٍ وشخصيات سبق أن نجحت فعليًا. لكن، على المستوى التجاري، هذا مفهوم، إذْ يكفي القول إنّ 18 من أصل 20 فيلمًا، تصدّرت شبّاك التذاكر عامي 2017 و2018، أجزاء أو جزء من عوالم موسّعة. الفيلمان الآخران إعادة إنتاج لفيلم تحريك، أو مسلسل قديم ناجح.
مع نجاح تلك الأفلام في مصر أيضًا، كان طبيعيًا أن يتأثر صنّاع سينماها بهذا، ويسألون أنفسهم: لماذا لا يستغلّون، هم أيضًا، أعمالهم الأنجح؟
هناك أفلام تحثّ على التفكير في أجزاء أخرى لها، فهي حديثة وناجحة ولها شخصيات وأحداث قابلة جدًا للاستمرار. أبرزها فيلمان بدأ تصويرهما أخيرًا: "الفيل الأزرق 2" لمروان حامد (تمثيل كريم عبد العزيز)، و"ولاد رزق 2" لطارق العريان (تمثيل أحمد عز). الأول عن عقار هلوسة وطبيب نفسانيّ حلّ لغز جريمة قتل: يُمكن استخدام هذه المعطيات في قصة جديدة مع الشخصية نفسها. الثاني عن 4 إخوة في عالم جريمة شعبي، وبالتالي يُمكن أيضًا قبول خوضهم مغامرة جديدة.


الأمر نفسه ينطبق على "البدلة" لمحمد العدل، المستمر عرضه التجاري للأسبوع الـ22، مُحققًا 67 مليون جنيه مصري، وهذا أعلى رقم في تاريخ السينما المصرية. أعلن كاتبه أيمن بهجت قمر عن بدء التفكير في جزء ثانٍ يجمع بطليه تامر حسني بأكرم حسني مجدّدًا؛ و"هروب اضطراري 2" (الأول لأحمد خالد)، و"الجزيرة 3" (الأولان لشريف عرفة)، وهما من تمثيل أحمد السقا: كلّها أفلام حديثة وناجحة ومفتوحة القصّة.

(النص الكامل على الموقع الإلكتروني)
النوع الثاني من الأفلام التي يفكر صناعها (أبطالها تحديدًا) في أجزاء مُكمِّلة، يمكن القول عنها إنها تبحث "عن الفردوس المفقود"، فهي الأنجح قبل 10 أو 20 عامًا، لكن أبطالها ممثلون خفت نجمهم حاليًا، ويحاولون استعادته بالعودة إلى شخصياتهم الأهمّ.
ينطبق هذا على محمد هنيدي، الذي يُحاول إنتاج جزء ثانٍ من "صعيدي في الجامعة الأميركية" (1998)، لسعيد حامد، الذي أطلق نجوميته بشكل استثنائي؛ ومحمد فؤاد الراغب في "إسماعيلية رايح جاي 2" (الأول لكريم ضياء الدين)، الذي بدأ ما يُعرف بـ"موجة سينما الشباب" عام 1997؛ وهاني رمزي، الذي يُلحّ على إنجاز جزء ثانٍ من "غبي منه فيه" (2004)، لرامي إمام؛ وهاني سلامة يُريد إكمال القصة الرومانسية لـ"السلم والثعبان" (2001)، لطارق العريان، منطلقًا من عودة بطلته حلا شيحة إلى التمثيل بعد اعتزالها إياه أعوامًا عديدة. كما أعلن هيثم أحمد زكي عن نيّته تقديم جزء ثانٍ من "كابوريا" (1990)، لخيري بشارة، الذي أدّى فيه والده الراحل دور البطولة، وهو عن ملاكم في ساحات شعبية.
تلك الأفكار وغيرها تأتي من محاولة استعادة بريق مفقود لأبطالها، فتبدو الأجزاء فرصة لاستعادته مجدّدًا.



سؤال يُطرح: هل تفيد فكرة الأجزاء السينما في مصر، أم أنها ستجعلها تعاني ركودًا أكبر على مستوى الأفكار؟ هناك جانبان ستظهرهما الأعوام القليلة المقبلة: الأول عن المدى الذي سيلجأ المنتجون والنجوم إليه لانتهاك فكرة الأجزاء؛ والثاني عن مدى إقبال الجمهور عليها وقبوله إياها، كما يحدث مع أفلام هوليوودية.
المساهمون