مروان حامد وأحمد مراد... ثنائي فقد القدرة على الإبهار

27 اغسطس 2018
المخرج مروان حامد (Getty)
+ الخط -
في حوار تلفزيوني قريب سُئل المخرج مروان حامد، عن حجم المساعدة التي قدمها له والده (وحيد حامد) خلال رحلته في العمل الفني. فلم يتردد وهو يجيب بالنفي القاطع، ولم يحاول أن يقدم إضافة دبلوماسية. تكشف هذه الإجابة المدهشة، الكثير عن شخص مروان، وأنت تشاهد فيلمه الأخير "تراب الماس". مطلع عام 2006، ظهر اسم مروان حامد على فيلمه التجاري الأول، ولأن والده لم يساعده، كما قال، فالفيلم كان من سيناريو وحوار والده السيناريست الأشهر، وحيد حامد. وعن الرواية الأكثر مبيعاً حينها "عمارة يعقوبيان" وبطولة عادل إمام ونور الشريف ويسرا وأحمد بدير وآخرين، في إنتاج كان الأضخم حينها. 

منذ ذلك الوقت، يبحث مروان لنفسه عن مكان جديد يفصله عن تلك العلاقة. لم يعد للتعاون مع والده إلا كوحدة ثانية لإنقاذ ما تأخر من حلقات الجزء الأول من مسلسل "الجماعة". وفي تجربته التالية، حاول أن يقدم نفسه كمخرج يجيد التعامل مع الصورة والحركة، فتحول فيلمه الثاني "إبراهيم الأبيض" إلى ساحة معركة لا تتذكر منها سوى عبارات محدودة.

حالة مروان حامد تشبه كثيراً تجربة شريف عرفة. فالأخير نجل لسينمائي شهير هو المخرج سعد عرفة، وبدأ بفيلم فني "الأقزام قادمون"، وحقق نجاحاً نقدياً مثل تجربة "لي لي" في مسيرة مروان حامد. قبل أن تكون بدايته الحقيقية بالتعاون مع وحيد حامد وعادل إمام في فيلم "اللعب مع الكبار".

عمل مروان مُساعداً مع عرفة في عدد من الأفلام، وانتقلت إليه أولوية الصورة عن الكتابة. في حالة عرفة، كانت أفلام "الإرهاب والكباب" و"المنسي" و"النوم في العسل"، مشوارًا مستقلاً حقق فيه نجاحاً غير مسبوق لأصحابه، جمع بين جوانب فنية ونقد سياسي وإتقان في الصناعة. لم يستطع عرفة أن يكرره بعد ذلك، إلا في أفلام كوميدية خالصة كـ"الناظر".

البحث عن مضمون سياسي ساخر أو ناقد، دفع مروان إلى تقديم فيلميه الأخيرين "الأصليين" و"تراب الماس"، لكن التجربة جاءت مؤسفة، فلا اللحظة الراهنة، ولا الظرف السياسي، يسمحان بما كان متاحاً للثنائي القديم، ولا أحمد مراد الكاتب الذي اختاره مروان ليشاركه مشواره يملك من المقومات ما يؤهله لتقديم هذا النوع. في أفلام الثنائي القديم، يملك وحيد حامد من القدرة ما يجعله يتكفل وحده بالرؤية والأفكار وتطويرها، ويترك لشريكه أن يقنع بمساحة المخرج المنفذ. وفي الثنائي الراهن، لا يملك أي من الاثنين هذه القدرة. لذلك، لم تعد أشكال الإبهار الفني التي قدمها مروان حامد في تجربتهما الأولى "الفيل الأزرق" كافية أو مقنعة لتحقيق النجاح.



لمراد مشواره الخاص، روايات مسلية بكثير من الشخصيات السطحية والأحادية والأفكار المبعثرة التي تقنع قطاعاً كبيراً من جمهور يبحث عن شكل قراءة يقضي بها وقته. لكن، تتكشف الأزمة بشكل أوضح حين تنتقل هذه العناصر إلى شاشة كبيرة، تعجز معها زوايا التصوير والحيل الإخراجية وموسيقي هشام نزيه في أن تداري غياب الحرفة والعمق والبصيرة.
بالأرقام، حقق فيلم "الفيل الأزرق" للثنائي مروان ومراد، أكثر من ثلاثين مليون جنيه، وهو رقم جعله يستحق مكانته في الأفلام الأكثر تحقيقاً للإيرادات في تاريخ السينما المصرية. حينها كان الجمهور متطلعاً لرؤية الرواية التي حققت مبيعات كبيرة على الشاشة، مع نجم بحجم كريم عبد العزيز.

وفي الخطوة الثانية، لم تكن عثرة "الأصليين" فقط بسبب أن مراد كتب سيناريو خاصا للسينما، وليس رواية حوّلها إلى فيلم. فالقصة والأحداث جاءتا أقل من التواضع بكثير. ولم يكن ماجد الكدواني وحده نجماً يجذب جمهور السينما. والآن مع "تراب الماس" لم ينجح هذا العدد الكبير من الممثلين والحملة الدعائية الواسعة في أن يغطيا ضعف الرؤية. لأسباب غير معروفة، انتقلت الأحداث إلى الفترة الحالية، ودس صناع الفيلم عبارات ساخرة من النشطاء المنتفعين من الثورة، وحفلت مشاهد الفيلم بالهوموفوبيا. وتحدث الأبطال بعبارات يسعى كاتبها لأن تستقر كمقولات مأثورة كجزء من إثبات نجاحه. ووسط هذا كله، لم يقدم الأبطال آسر ياسين ومنة شلبي وإياد نصار أداء يقنعك بأن هذه تجربة سينمائية تستحق كل هذا الانتظار والاحتفاء.
المساهمون