باقات تؤكل: لوحات فنية من حلوى "الجيلي" في غزة

07 نوفمبر 2018
قلوب وعباد شمس وباقات ورود للزبائن (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
عكس الفنان أسامة اشتيوي، الأشكال الفنية وباقات الورد والشخصيات الكرتونية، في لوحات، باستخدام قطع حلوى "الجيلي" المحببة للكبار والصغار، بألوانها وأشكالها المختلفة، ما أوجد له عدداً مهماً من الزبائن والمتابعين، ينتظرون بشغف كل جديد يقدّمه.
ويستغل الشاب اشتيوي موهبته في توفير مصدر دخل يعينه على مصروفه الجامعي، إلى جانب توفير مستلزمات البيت والعناية بوالدته، خاصة مع انعدام فرص العمل في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 12 عاماً.
ويقول الفنان أسامة اشتيوي، لـ "العربي الجديد"، وهو خريج أصول دين من الجامعة الإسلامية في مدينة غزة وطالب مساعد صيدلي في جامعة بوليتكنيك فلسطين، إنه بدأ قبل ثلاث سنوات ببيع المكسرات وحلوى الجيلي على مفترق الجامعات غربي مدينة غزة.
والبيع بالطريقة العادية أشعر أسامة بالتقليدية، خاصة أنه يجيد الرسم وتشكيل الأشكال الفنية، ما دفعه إلى التفكير في دمج موهبته في الرسم، لصنع أشكال فنية باستخدام قطع حلوى "الجيلي" الملونة أصلاً، والتي أحدثت أشكالاً جمالية مبهرة.


ويوضح اشتيوي أن الأشكال المختلفة واللينة لقطع الجيلي والألوان الزاهية والملفتة، ساعدته بشكل كبير على تنفيذ فكرته، والتي بدأ أولى خطواتها بعد متابعة القنوات الفنية على موقع "يوتيوب"، إلى جانب متابعة عدد من المواقع الأجنبية، والتي تُعنى بتقديم الحلويات والمأكولات بطرق فنية جذابة.
ويقول أسامة "لفتني في البداية تشكيل تلك القطع على هيئة باقات ورد جميلة وجذابة، وقمت بالفعل بتقليد الفكرة وصناعة باقات ورود بألوان متناسقة، ونال ما قمت بصنعه إعجاب أصدقائي، الذين شجعوني على مواصلة العمل".
وقام أسامة، بعد ذلك، باستغلال موهبته في الرسم، وتصميم عدة أشكال فنية، وصنع قوالب من حلوى "الجيلي"، وعرضها على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إنستغرام"، ما ضاعف نسبة المشجعين، خاصة مع بدء وصول طلبات من زبائن لصناعة باقات وأشكال لمناسبات معينة.
ويوضح أن الإقبال كان جيداً في البداية، على الرغم من تأثره في بعض الأحيان بالأوضاع الاقتصادية العامة، لأنه يعرض فكرة جديدة ولافتة، إلى جانب أنه يتم تنسيق الأشكال والألوان بطريقة فنية يمكنها جذب الجميع، مبيناً أن تلك القطع يتم طلبها لمناسبات الزواج وأعياد الميلاد والتخرج والهدايا اليومية... وغيرها.
أما عن الأشكال التي ينتجها اشتيوي، فتتنوع بين باقات الورود الصغيرة والكبيرة، كذلك أبطال الرسوم المتحركة مثل "سبونج بوب"، "ميكي ماوس"، "دوريمون"، "أنجري بيردز"، إضافة إلى رأس القلب بأحجام مختلفة، دوار الشمس، سيارات، دراجات نارية، علاوة على تنفيذ أي شكل فني يتم طلبه من الشاب الفلسطيني حسب المناسبة.
ويذكر أسامة، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل عملية صنع القالب أو الباقة، حيث يتم في البداية تحديد الفكرة المطلوبة، وفقاً للمناسبة أو الهدية، وبعد ذلك يتم تجهيز الأعواد الخشبية الكبيرة لتشكيلها، والأعواد الصغيرة لتشبيك القطع بعضها ببعض، ومن ثم يتم تشكيل القطع حسب الحجم واللون لإنجاز الرسمة، وتزيينها بالأكياس الملونة، أو شِباك باقات الورد، لتكون في النهاية أشبه بباقة ورد طبيعية، لكنها تؤكل.
وتتراوح الأسعار بين "شيكل" واحد و35 شيكلاً (الدولار= 3.7 شيكلات)، وفق أسامة، الذي يوضح أنّ الحجم يتم تجهيزه وفق حاجة الزبون، وكذلك وضعه الاقتصادي، حيث يمكنه صنع نفس الوردة أو الشكل بالحجم والسعر اللذين يرغب فيهما الزبون.
ويقوم أسامة بتجهيز الطلبات والباقات داخل غرفته في المنزل، حسب أوقات فراغه. ويذهب الشاب الغزّي إلى جامعته صباحاً ومن ثم ينزل لبيع الحلوى أمام الجامعات، وفي المساء يقوم بتجهيز الطلبات، أو صناعة قوالب جديدة.
وبالنسبة لاشتيوي، فإنّ هذه مهنته "المؤقتة" وما زالت مجدية من الناحية المادية، على الرغم من التأثير السلبي لقضية نقص رواتب الموظفين العموميين عليها. وقبل عام تقريباً كان الوضع لجهة المبيعات جيداً لانتظام رواتب الموظفين، إلى جانب تأثر البيع في آخر الشهر عن أوله، ويقول أسامة: "على الرغم من رخص ثمن تلك المعروضات، إلا أنها تتأثر كباقي السلع مع تدهور الأوضاع الاقتصادية".
ويوضح الفنان أسامة أنه ما زال يواصل متابعة المواقع الأجنبية، لرؤية كل جديد في عالم تزيين الحلوى، من أجل تقديم المزيد من الأشكال والباقات واللوحات الفنية اللافتة والمميزة. ويختم أسامة حديثه بالقول: "أنا لا أعمل فقط، ولكن أشعر في الكثير من الأحيان أنني أصنع لوحات فنية تجسّد شخصيتي".
دلالات
المساهمون