مرض الفنانين المغاربة... أوراق الخريف في مهب الريح

16 نوفمبر 2018
فنان الراي المغربي ميمون الوجدي (فيسبوك)
+ الخط -
توالت في الآونة الأخيرة شكاوى فنانين مغاربة من إهمالهم وعدم العناية بهم في عز أزماتهم الصحية الحرجة، منهم من قضى نحبه قبل أيام خلت مثل فنان الراي بمدينة وجدة، ميمون الوجدي، ومنهم من ما زال ينتظر، من قبيل الحاج حميد الزاهير الفنان الشعبي المعروف، والممثل المخضرم عبد الله العمراني وآخرين قبلهم أيضاً.

وتوفي فنان الراي، ميمون الوجدي، في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عقب أزمة صحية ألمت به، وأقعدته الفراش بسبب مرض سرطان القولون. قبل أن يخرج بتصريحات يشير فيها إلى معاناته مع الإهمال، وهو ما دفع بشكل متأخر بعض الفنانين لمحاولة تقديم مساعدة له. كما قررت وزارة الصحة التكفل بمصاريف علاجه، لكن القدر كان أسبق من الجميع. شكوى من الإهمال وعدم تقديم يد العون في ذروة الأزمة الصحية جاءت أيضاً من المطرب الشعبي المراكشي المعروف، حميد الزاهر، الذي لم يخف في تصريحاته الإعلامية مدى شعوره بالألم عندما لم يجد خلال مرضه العضال الذي أقعده الفراش من يسانده ويقدم له يد العون.

ونفس الشكاوى أتت من الممثل التلفزيوني والسينمائي والمسرحي المعروف، عبد الله العمراني، الذي خرج في تصريحات إعلامية يحكي فيها عن مرضه ولزومه الفراش، وعدم سؤال أهل الفن عنه إلا نادراً، وغياب المسؤولين عن دعمه في أزمته، منتقداً الحكومات التي لا تهتم بحسبه بالفنانين عندما يسقطون بسبب المرض ونوائب الدهر، قبل أن يهب وزير الثقافة محمد الأعرج لزيارته وإعلان مساعدته. وأمام تكرار مثل هذه الحالات وشيوعها في المشهد الفني بالمغرب، تعالت أصوات فنانين يرفضون ما اعتبروه نوعاً من التسول واستجداء المساعدة من الناس والمسؤولين عندما يسقطون مرضى، وبأنه يتعين على الفنان أن يقف شامخاً بكرامته، لا يرضى مد يده للغير.

ويعلق على هذا الموضوع الناقد الفني، فؤاد زويرق، الذي اعتبر هذا الواقع "سياسة انتهجتها الدولة منذ عقود حتى تبقى مهيمنة ومسيطرة على الفنان المغربي بصفة خاصة وعلى المجال الفني بصفة عامة"، مردفاً أن "هذا مجال يؤرق السلطة بشعبيته وخطابه وآلياته التي تمكنه من التأثير على المواطن". واسترسل زويرق متحدثاً لـ"العربي الجديد"، بأنه منذ زمن وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، وضعت الدولة يدها على هذا القطاع ودجنته سواء من خلال مؤسساتها التي تراقبه وتحدد ميزانياته وتسطر القوانين المنظمة له، أو من خلال نهج أسلوب يمارس على الفنان مباشرة، حتى يبقى دائماً في أمس الحاجة إليها"، وفق تعبيره. واستطرد الناقد: "لا ننسى أن الدولة بإمكاناتها وسلطاتها إن أرادت فعلاً أن تخرج من هذه البوتقة الضيقة والمتأزمة دائماً، ستفعل بكل سهولة"، مضيفاً بأنه " لا يعقل أن تقف عاجزة منذ عقود أمام هذه الظاهرة، ولا تجد حلاً نهائياً يحفظ للفنان المغربي كرامته ويعفيه من حرج السؤال".

وزاد المتحدث "من حين إلى آخر يسقط فنان من الفنانين، فيجد نفسه مجبراً على تغطية نفقاته الصحية التي تفوق إمكانياته المادية، فيقف عاجزاً عن تأديتها، الشيء الذي يدفعه دفعاً إلى ''التسول'' أو مطالبة الملك بالتدخل لإغاثته وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفي الغالب يتدخل الملك، لتعاد الكرّة مرة أخرى مع فنان آخر، وهكذا دواليك".

وسجل زويرق بأنه بالمقابل تُسمع انتقادات موجهة إلى الفنان نفسه، من قبيل "لماذا لا يفكر الفنان في مثل هذه الظروف أو الأزمات عندما يكون في عز شبابه ونجاحه، ولماذا لا يعي الدرس كلما سقط زميل له ويفكر جيدا في مصيره الذي قد يكون مشابها له إذا لم يتدارك الأمر". وذهب الناقد إلى أنه يتفق نسبيا مع هذه الانتقادات، لأنه مع غياب الإرادة الحقيقية للتغلب على هذا المشكل نهائيا يبقى الحل الاعتماد على النفس للخروج من هذه الأزمة"، مشيرا إلى أن "هناك فنانين صرحوا مرارا برفضهم التسول أو مطالبة أية جهة بالتدخل في أزماتهم الصحية، ويطالبون فقط بتفعيل المبادرات المتفق عليها وإطلاق أخرى تضمن لهم كرامتهم".
دلالات
المساهمون