Kong: Skull Island... غريزة البقاء التي تجمع البشر والوحوش

17 مارس 2017
شخصيّة وحش الغوريلا في الفيلم (Getty)
+ الخط -
تُعتبَر قصّة الوحش King Kong واحدةً من أكثر قصص السينما كلاسيكية. بدأت القصَّة عام 1933 مع وحشٍ تمّ تصميمه بالماكيتات ويُحرَّك بالـStop-Motion، ومرَّت بنسخٍ عديدةٍ أجنبيّة وآسيويّة وصولاً لعمل أميركي آخر من إنتاج 1976، يكون الوحش فيه إنساناً بملابس ومكياج غوريلا ضخمة. وأخيراً، أهمّ تلك الأفلام عام 2005 من إخراج بيتر جاكسون، إذ تمّ صنع الوحش فيه رقمياً، وباستخدام تقنيَّة الـCGI. وبعد 12 عاماً، تقرِّر شركة "وارنر برازرز"، إنتاج فيلمٍ جديدٍ عن قصّة "كونغ" الأسطوري كجزء من عالمها السينمائي عن الوحوش، والذي بدأته عام 2014 في فيلم Godzilla، وستنهيه عام 2020 مع فيلم  Vs. Kong.

القصَّة هذه المرّة تدور في فترة سبعينيات القرن الماضي. بعثة استكشافية تذهب إلى جزيرة نائية قرب المحيط الهادي من أجل رسم خريطتها، وتحديدها جيولوجياً. وكعادة تلك البعثات في السينما، تكونُ بقيادة مجموعة من العسكريين، وتحتوي على فئات مُتنوِّعة من البشر، مثل المصورين والعلماء في المجالات المختلفة. فور نزولهم، يكتشفُون وجود "كونغ"، الغوريلا الضخمة التي تحمي الجزيرة من الأخطار التي تواجهها.

خيارُ السبعينيات كزمنٍ للفيلم لا يبدو مصادفةً على الإطلاق. المخرج الشاب، جوردان فوت روبرتس، يجعل من أفلام فيتنام الحربية التي صدرت في أميركا السبعينيات، مثل "القيامة الآن" أو "صائد الغزلان”، المرجعية البصريّة الأساسيّة التي يصنع منها فيلمه. نلاحظ هذا التشابه انطلاقاً من نقطة "المعتدي" (أي البعثة بدأت رحلتها بالقنابل) الذي يخلّ بتوازن مكانٍ يذهب إليه، فيصبح هو نفسه جزءاً من الجحيم، الجحيم البصري الأصفر والبرتقالي (بلونِ النار أو الشمس) الذي يغلف أغلب أوقات الفيلم كما كان سابقاً في أفلام حرب فيتنام. وفي هذا الجانب، يبرزُ تفوق الفيلم، المرتبط بتجاوزه مرحلة التمهيد والدخول للأحداث الرئيسيّة مباشرةً. فهو يصنع جحيماً حقيقيّاً متلاحقاً منذ ظهور "كونغ" المبكر، إذ يتابعُ المتفرّجُ صراع وحوش ومقاتلات لا تتوقّف، وحرباً حقيقيّة من أجل العيش من جانب كل الأطراف، وهو ما يمنح الفيلم إيقاعاً مختلفاً عن أي فيلم سابق، الفيلم هنا ليس عن "وحش يحب الجميلة"، ككل النسخ السابقة، وليس عن "الغريزة الحيوانية في البشر، والغريزة الإنسانية في الحيوانات"، كما حدث تحديداً في نسخة بيتر جاكسون 2005، ولكن هذا الفيلم عن "غريزة البقاء" التي تجمع كليهما، وهو ممتاز فعلاً في هذا الجانب.

العيب المقابل الذي يسقط فيه الفيلم، والذي لم يستطع تجاوزه بناءً على غياب التمهيد، هو عدم قدرته على خلق شخصيّاتٍ يرتبط بها أو يتعاطف معها المشاهد بأي شكل. يجتهد صامويل ل.جاكسون ويخلقُ حضوراً مميّزاً كالعادة، وتساعد شخصية "هانك مارلو" مؤديها جون سي رايلي ليصنع صلة بالمتفرج. ولكن، خلاف ذلك، فإنّ كلّ الشخصيّات الأخرى أحاديّة تماماً، ولا يجتهد ممثّلوها في صنع أي بصمة، وهو عيبٌ مُشتركٌ في سيناريو الفيلم.

وبالإجمال، هو فيلم ممتع وجيد. ساعتان من الإيقاع اللاهث ومشاهد الحركة الجيّدة، لن تبقى في الذاكرة كنسخة 2005. ولكنّه، في المقابل، جزءٌ قويّ في سلسلة "وارنر برازرز" للوحوش، يجعل من المتوقع أن يكون القادم أفضل، وأن صدام "كونغ" مع "جودزيلا" النهائي قد يكون تاريخياً.

دلالات
المساهمون