ترامب يضع الدراما الأميركية السياسية في مأزق

19 ديسمبر 2017
مسلسل "The West Wing" (فيسبوك)
+ الخط -
فُتنت الدراما التلفزيونية لوقت طويل في الولايات المتحدة الأميركية، بالبيت الأبيض، ويبدو هذا واضحًا من عدد المسلسلات التي تناولته كموضوع رئيسي، بدءًا من "The West Wing"، مرورًا بـ"House of Cards"، "Madam Secretary"، و"Scandal to Homeland" الذي شكل المكتب البيضاوي محورًا أساسيًا فيه.


وبحسب تقرير في صحيفة "الغارديان" البريطانية، لا تمنح هذه المسلسلات متفرجيها كمًا هائلًا من الدهشة فحسب، بل تركز لهم بشكل كبير على الطبيعة المتفوقة لأولئك الموجودين في أعلى هرم السلطة، إذ تبدو مظاهر تبجيل المرشحين الرئاسيين واضحة في "The West Wing"، سواء كانوا ليبراليين أو محافظين، حيث يقدم الرئيس الأميركي المتخيل، جيد بارتليت، الذي لعب دوره مارتن شين، في صورة شخص سريع البديهة، أنيق، يجيد اللغة اللاتينية، وكأن الكاتب ينتقد من خلاله الشخصية النقيضة تمامًا لجورج بوش، رئيس أميركا في ذلك الوقت.

كما لعب مارتن شين، شخصية غريغ ستيلسون، المرشح لمجلس الشيوخ، في فيلم "The Dead Zone" عام 1983، والذي يصبح رئيسًا ثم ينفذ أول ضربة عسكرية ضد روسيا، قبل أن يتصدى له من قبل شخصية أخرى، ولعل هذه القصة التي لم تكن تتعدى موضوعًا لفيلم رعب، صارت اليوم أقرب إلى الواقع من أية قصة أخرى في برنامج تلفزيوني.


وقدم مسلسل "Veep" العديد من الشخصيات بصورة مروعة، مختلفة عن تلك التي قدمها مسلسل "The West Wing"، إلا أن شخصية ترامب كانت الأكثر إثارة للجدل. وقال الكاتب والمخرج الكوميدي أرماندو يانوتشي، بعد إعلان قرار مغادرته للمسلسل: "أشعر بالسرور لهذا القرار، لأني لم أكن أعرف كيف أتعامل مع الوضع في أميركا" وأضاف: "نحن نقترب بسرعة من نهاية العالم".

وأكدت الكاتبة جوي برس لـ"الغارديان"، أن شخصية ترامب خلقت مشكلة بالنسبة لكتاب الدراما التلفزيونية السياسية، لأن الواقع بات يتحرك بشكل سريع جدًا نحو اتجاهات غير متوقعة، أكثر من الأحداث الخيالية التي تتمحور حولها المسلسلات، وأضافت: "يتصرف الرئيس الأميركي وكأنه شخصية رئيسية في برنامج واقعي، وكل من حوله هم مجرد متسابقين مهملين، إلا أن المشكلة الأكبر التي يواجهها معظمنا، هي أن الأخبار الواقعية الغريبة المستمرة، استهلكت جزءًا كبيرًا من طاقتنا، وصار التحدي الحقيقي أمام كتاب المسلسلات السياسية، إيجاد وسيلة لترفيهنا من دون إضافة مصدر قلق جديد، وهذا ما فسح الطريق لظهور البرامج الكوميدية بشكل أكثر انتشارًا".


وكانت الدراما التلفزيونية الأميركية تتوقع نجاح هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، وكتبت أحداث مسلسل "Homeland"، بناء على هذا الأساس، حيث تتولى امرأة رئاسة الولايات المتحدة، على الرغم من إضفاء بعض صفات ترامب عليها. في حين تتخذ كلينتون موقفًا حاسمًا من قضية الترويج للأخبار الكاذبة، في هذا الموسم من مسلسل "Madam Secretary"، خاصة بعد اتهامها بقتل وزير خارجية أجنبيا خلال اجتماع.


ويعقد الكثيرون الأمل على قدرة الدراما التلفزيونية، على تقديم مثال واضح عن الفضيلة، في هذه الأوقات المظلمة التي يمر بها العالم اليوم، ويرون أن المسلسلات الشبيهة بـ"Madam Secretary" الذي يصور نساء قويات في أماكن السلطة، قادرة على عرض واقع جيد بديل. وأكد ماندي باتينكين، الممثل في "Homeland"، أنه يتمنى أن يسلط المسلسل الضوء على القضية الفلسطينية بطريقة ما، على الرغم من أن قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان مخيبًا للآمال.

وأكد أرون سوركين، مخرج مسلسل "The West Wing"، أن أحلك الأوقات هي تلك التي تسبق شروق الشمس، عندما سئل عن المأزق الذي وضع ترامب فيه الولايات المتحدة، وفقاً لـ"ذا غارديان"، إلا أن البعض يعتقد أن سياسته مرض لا يمكن الشفاء منه، ولعل مهمة الدراما الأميركية اليوم، هي مقاربة الصورة غير المحببة التي رسمها ترامب لأميركا، وإجبار الأميركيين على رؤيتها مطولًا.

 (العربي الجديد)

 

 

المساهمون