ملحنون يغنون: حلم الشهرة والنجاح أمام الناس

في السنوات الأخيرة، بدأ الملحّنون يتّجِهون إلى الغناء بطريقة تزيد عن مخزونهم الموسيقي أو التزامهم في مجال الألحان، والتعاون مع الفنانين. ويكاد يكون الملحن الشاب عمرو مصطفى، واحداً من أكثر الملحنين الذين حاولوا دخول عالم الغناء، والقيام بإنتاج عدد من الألبومات الغنائية، إيمانًا منه بتحقيق حلمه في أن يصبح مغنياً مشهوراً. لكن شهرته كملحن ظلت أقوى منها كمغن. وها هو زميله محمد يحيى يحاول العبور إلى الغناء بعدما كسب شهرة كبيرة كملحن، وتعاون مع الفنانين، سميرة سعيد وإليسا وتامر حسني ونانسي عجرم ومحمد حماقي، فأصدر قبل يومين أغنيته الأولى "الفلوس"، من كلمات محمد القاباتي، وتوزيع جيزو، وصُوِّرَت في أوروبا حيث سيبدأ عرضها قريباً.

لكن هل ينجح الملحن في دخول معترك الغناء؟
لم تثبت التجارب الفنية نجاحاً كبيراً لعدد من الملحنين الذين حاولوا القفز فوق اختصاصهم من التلحين إلى الغناء، وقد تكون هذه التجربة إضافة لهم، وتمدُّهم بخبراتٍ جديدة، وتُسهم في تفاعلهم مع الجمهور في الحفلات، لكن كفَّة التلحين تظلّ الأقوى في التعريف عنهم.

الموجي يغني
لم يكن الغناء يستهوي الملحن الراحل محمد الموجي في بداية حياته، لكن يكفي أن نستمع اليوم إلى مجموعة من الألحان التي أعاد غناءها بصوته، لنؤكِّد أنّه كان يملك خامة صوتية جيّدة لو اختار الغناء، إضافة إلى التلحين، حيث بنى موهبته فيها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
الموجي الذي عُرف بمزاجه وحيائه في تعاونه مع عمالقة الطرب في تلك الفترة، كان يسترق أحياناً الوقت للغناء، مستعيناً بعوده في جلسات خاصة، فقدَّم بعضاً من أغنياتٍ قام بتلحينها، للسيدة أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وفايزة أحمد. لكن ما كان لافتاً، هو إعادة تسجيل أغنية "اسال روحك" بصوته، وهي من كلمات الشاعر الراحل عبد الوهاب.
مدة التسجيل الموجودة على موقع "يوتيوب" بصوت الموجي لا تتجاوز الدقائق العشر، لكن هذه النسخة معدّلة من حيث كلماتها بصوت "كوكب الشرق". غنى الموجي "اسأل روحك" كما هي من دون تعديل أو حذف، قبل أن تقوم أم كلثوم بعد ذلك بتسجيل الأغنية بصوتها. وبدت بعض المقاطع مختلفة، فيقول في مطلع "لما حياتي بقت مش هيَ - واخترت ابعد بعد ما فاض بييّ"، وكذلك في المقطع الثاني يغنّيه الموجي "كنت زمان بتعيش في عواطفي ونفسي وذاتي وروحي كمان"، وهذا ما حذفته أم كلثوم، في واحدة من أشهر أغنياتها التي سُجلت عام 1970.
التعاون بين الموجي وعدد من المطربين في ذلك الوقت، لم يجعل الملحن يقدم على دخول عالم الغناء رسمياً، بل فضل انتهاز الفرص قليلاً، للغناء في جلسات خاصة، وأكثرها بقي دون فرقة موسيقية كاملة، بل جلسات خاصّة على العود فقط.




زكي ناصيف
كان للملحِّن اللبناني الراحل زكي ناصيف، مجموعة من الأغنيات التي أعاد تسجيلها بصوته، ومنها أغنية فيروز "أهواك بلا أمل"، وكذلك بعض أغنيات ماجدة الرومي، التي يتداولها البعض اليوم، وأداها ناصيف في حفلات قبل رحيله. في المقابل، حفلت حقبة الثمانينيات الغنائية بعدد كبير من الملحنين الذين غنوا أغنيات لحنوها، ولم يحترفوا الغناء بطريقة رسمية. ومن هؤلاء الفنان الراحل نور الملاح، الذي أعاد تسجيل أغنية "شمس المغارب" للفنانة اللبنانية منى مرعشلي، ثم غنى في بعض الجلسات والحفلات أغنية "حلف القمر" لجورج وسوف التي لحنها في الثمانينيات. وكذلك أعاد الملحن اللبناني إيلي شويري، غناء عدد من الأغنيات التي باعها لفنانين، مثل "أيام اللولو" لصباح وسميرة توفيق، و"يا بلح زغلولي" للفنانة المُعتزِلة داليدا رحمة.

حميد الشاعري

مروان خوري
في السنوات الأخيرة، كسر الفنان مروان خوري، التزامه الموسيقي كعازف وملحن، ودخل عالم الغناء رسمياً عبر أكثر من تسعة ألبومات غنائية أصدرها، بعدما تفرغ للألحان والغناء، وترك عالم العزف. ألبومات خور لاقت رواجاً كبيراً بين مُحبيه، ولو أن خوري يقوم بين الحين والآخر بإعادة نشر وتسجيل مجموعة من ألحانه الناجحة التي باعها لزملائه، وذلك ما أوقعه في مشاكل عديدة مع المغنين، ومنهم الفنان رضا، الذي رفض أن يعيد مروان خوري، أداء أغنياته في الحفلات التي يُحييها. وهذا الفعل ربما أبعد بعض الفنانين عن التعاون مع مروان خوري. ومن الأغاني التي أعاد مروان خوري تسجيلها، أغنيتي "لو" و"كرمالك" لإليسا التي اختلفت معه، ولم يعد التعاون بينهما قائماً.  سمير صفير
بدأ الملحّن اللبناني سمير صفير حياته المهنية مطرباً، لكنه اتجه إلى التلحين بداية التسعينيات بدعم من المخرج اللبناني سيمون اسمر. واستطاع أن يُشكل ثنائياً ناجحاً مع الشاعر نزار فرنسيس، في تلك الحقبة، حيث قدما مجموعة كبيرة من أبرز الأغنيات لوائل كفوري ونجوى كرم ونوال الزغبي وعاصي الحلاني. لكن حضور صفير في عالم الغناء ظلّ خجولاً، فشارك الفنان عاصي الحلاني، في أغنية "مالي صبر يا ناس" عام 1998، وأصدر في عام 2012 أغنية منفردة من اللون الاجتماعي بعنوان "الناس أجناس" كلمات رياض نجمة.

ومن الملحنين الذين يستهويهم الغناء، الملحن رواد رعد، الذي يعيد بين الحين والآخر غناء ألحان باعها لعدد من الفنانين مثل أغنية "تشرين" للفنان معين شريف في الحفلات والمناسبات.