مصر بين غاز إسرائيل و"إرهاب" القسام

أعطني حكماً قضائياً يعتبر المقاومة الفلسطينية إرهاباً، أعطك غازاً تخفّف به أعنف أزمة تواجهها بلادك هذه الأيام وهي أزمة الطاقة.

اخنق الفلسطينيين وحاصرهم وامنع الغذاء والشراب والدواء عنهم، أخفّف الضغط الدولي المفروض على نظامك، بل واجعل دول العالم تعترف بانقلابك العسكري وتغض الطرف عن مذابحك الدموية.

احذف مدينة رفح من كتب التاريخ والجغرافيا ومن على وجه الأرض وهجّر أهلها وشرّد أطفالها، أجعل الإدارة الأميركية تمنحك ما تريد وتتراجع عن قرار تجميد المساعدات العسكرية والاقتصادية، بل وتمنحك طائرات إف 16.

بهذا المنطق بات النظام الإسرائيلي يتعامل حالياً مع النظام المصري، فحكومة الكيان الصهيوني أوفدت للقاهرة، أمس، وفداً رفيع المستوي لبحث تزويد مصر بالغاز من حقل تمار عبر خط أنابيب شركة شرق البحر المتوسط الذي كان مخصصاً لنقل الغاز من مصر إلى إسرائيل إبان حكم مبارك، وقد أكد مصدر بوزارة البترول المصرية الخبر.

زيارة الوفد الإسرائيلي جاءت بعد يوم واحد فقط من إصدار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة المصرية، حكمها بحظر "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس، وإدراجها كمنظمة إرهابية، مستندة إلى تقارير صحافية زعمت تورط القسام في عمليات إرهابية داخل مصر، آخرها تفجير كمين "كرم القواديس".

زيارة الوفد الإسرائيلي للقاهرة لا تكمن فقط في التوقيت المفاجئ وأنها جاءت بعد ساعات من حكم المحكمة المصرية، أو أنه غير معلن عنها، بل جاءت لتطرح عدة أسئلة منها: ما العلاقة بين وصول الوفد، وصدور حكم محكمة القاهرة الأخير؟

وما العلاقة بين الزيارة المفاجئة والجرائم الإرهابية التي ارتكبتها جماعة "أنصار بيت المقدس" ضد الجيش المصري في سيناء؟

وهل تريد حكومة نتنياهو توصيل رسالة من خلال الوفد مفادها أن إسرائيل تساند النظام المصري في هذا التوقيت الصعب والحرج عبر تخفيف الضغوط عليه وحل أزمة الوقود التي تسبب صداعاً مستمراً خاصة مع الانقطاع المستمر للكهرباء؟

قد يقول البعض: لا توجد علاقة بين الزيارة وما حدث سواء علي أرض سيناء أو داخل المحكمة المصرية، وإن التزامن الوقتي مجرد صدفة بحتة، وقد يريد النظامان استثمار الحادث الإرهابي في سيناء سياسياً، فالناس مشغولة بتداعيات الحادث الإجرامي، وبالتالي فإن التوقيت يعد ذهبياً لتمرير صفقة استيراد مصر للغاز من دولة الكيان الصهيوني.