6 أسباب رئيسية وراء الارتفاع الجنوني لأسعار الأرز

30 اغسطس 2023
ارتفعت أسعار هذه المادة الغذائية الحيوية أضعافاً والخوف من الآتي الأعظم (Getty)
+ الخط -

ارتفعت أسعار الأرز العالمية بنسبة عالية جداً منذ نحو شهر تقريباً، لتحرق ما تبقى من سيولة شحيحة أصلاً في جيوب الفقراء وتهدّد الملايين بالجوع، وتدق جرس إنذار دولي خوفا من انتشار المجاعة. فكيف تدحرجت هذه الأزمة وكبرت خلال شهر تقريباً حتى الآن؟ إليك التفاصيل.

وأزمة أسعار الأرز مرشحة للتفاقم بعدما سجلت أعلى مستوى في نحو 15 عاماً وأججت المخاوف من صعود تكاليف الغذاء بقوة على الدول الأكثر احتياجاً حول العالم، علماً أن الأرز مكوّن أساسي للوجبات الغذائية لمليارات الأشخاص في آسيا وأفريقيا، ويساهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية لقاطني أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا، وترتفع هذه النسبة إلى 70% في دول مثل بنغلادش.

سجلت أعلى مستوى في نحو 15 عاماً وأججت المخاوف من صعود تكاليف الغذاء بقوة في الدول الأكثر فقراً

وسيؤجّج ارتفاع أسعار الأرز الضغوط التضخمية، وزيادة تكاليف استيراده لدى المشترين، في الوقت الذي تحذر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الحكومات من المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة ودرجات الحرارة القياسية في الأشهر المقبلة، بما سيكون له تأثير واضح في أسعار الأطعمة.

وفي أغسطس/ آب الجاري، كان لافتاً الارتفاع المتدحرج سريعاً لسعر الأرز، وفقًا لمؤشر أسعار أنواع الأرز الذي تنشره منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في روما.

وحامت أسعار الأرز في أغسطس، عند أعلى مستوياتها في 15 عاماً، لتسجل اليوم الأربعاء، 16.54 دولاراً، بحسب موقع "بزنس إنسايدر"، بعدما سجلت العقود الآجلة للأرز الخام في في 17 أغسطس الجاري، 15.98 دولاراً لكل 100 وزن "سي دبليو تي" (cwt) أو (hundredweight)، علماً أن كل وحدة وزن من هذا النوع تعادل 50.8023 كيلوغراماً.

وسبق ذلك في 12 أغسطس، أن ارتفع سعر الأرز الأبيض التايلاندي، وهو المعيار المرجعي للمصدرين بالنسبة لأسعار الأرز، حيث وصل سعر الطن إلى 648 دولاراً، وهو ما يزيد بنسبة 50% مقارنة بشهر أغسطس 2022. وتستورد روسيا الأرز الأبيض التايلاندي، حيث يفضله المواطنون عن الأنواع الأخرى. 

حامت أسعار الأرز في أغسطس، عند أعلى مستوياتها في 15 عاماً، لتسجل اليوم الأربعاء، 16.54 دولاراً

لكن ما هي الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذه الموجة؟

أمكن إحصاء 6 أسباب رئيسية ساهمت مباشرة وغير مباشرة بغلاء الأرز، ولا تزال مفاعيلها وتطوراتها المحتملة تشي بالمزيد من الكوارث الغذائية، وهي:

1 - حظر الهند ودول أُخرى تصدير الأرز، علماً أن الهند، أكبر دولة مصدّرة للأرز، مما فاقم الضغوط على أسواق الغذاء العالمية. ففي 27 أغسطس/ آب الجاري، أعلنت الحكومة الهندية فرض حد أدنى لسعر تصدير شحنات الأرز البسمتي قدره 1200 دولار للطن، في الوقت الذي تحاول فيه البلاد السيطرة على الأسعار المحلية قبل الانتخابات المحلية.

وجاء ذلك بعدما حظرت الهند، وهي أكبر مُصدّر للأرز في العالم، في يوليو/ تموز الفائت، صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي وفرضت رسوماً نسبتها 20% على صادرات الأرز المسلوق. وبحسب وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية فيتش، فإنّ الهند التي تمثل أكثر من 40% من تجارة الأرز العالمية، حظرت تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي في 20 يوليو، حيث سعت الحكومة إلى السيطرة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية.

وحذت تايلاند أيضاً حذو الهند، حيث منعت تصدير 80% من صادرات الأرز، لتلبية احتياجات السوق المحلية وتجنب ارتفاع الأسعار. كما حظرت الحكومة الروسية تصدير الأرز حتى 31 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وكذلك فعلت الإمارات وبعض الدول الأُخرى.

توقعات بتعرّض أسواق الأرز العالمية لمزيد من الضغوط بسبب الفيضانات التي تغمر بعض المقاطعات الرئيسية في الصين

2 – سوء الأحوال الجوية والجفاف، وسط تصاعد المخاوف من تأثر المحصول بارتفاع درجات الحرارة. ورغم أنّ العالم يشهد مخزونات قياسية من الأرز، فإنّ عودة ظاهرة "إل نينيو" تهدد هذه الاحتياطيات وتضعها على المحك.

وغالباً ما يجلب نمط الطقس هذا ظروفاً أكثر سخونة وجفافاً إلى آسيا التي تنتج وتستهلك 90% من إمدادات الأرز العالمية. ومن ذلك أنه في 14 أغسطس الجاري، توقعت "فيتش"، في تقرير، تعرّض أسواق الأرز العالمية لمزيد من الضغوط بسبب الفيضانات التي تغمر بعض المقاطعات الرئيسية في الصين، الدولة الكبرى المستهلكة للمحصول في العالم.

3 - عدم تجديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بعد انتهاء صلاحيته في يوليو/ تموز الماضي، والقلق من تقلص الإمدادات بعد انهيار اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، الذي ترفض روسيا تجديده حتى الآن، وما أفضى إليه من خوف من انتقال صعود قياسي لسعر القمح إلى الأرز، وقد صدقت فعلاً هذه التوقعات.

4 - شكوى روسيا من أن القيود والعقوبات المفروضة عليها على خلفية غزوها أوكرانيا أعاقت صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، وهي منتجات تعتبرها موسكو مهمة أيضاً لسلسلة الغذاء العالمية.

يبقى من الأسباب المهمة احتكار التجار في العديد من الأسواق الداخلية في العديد من الدول، في ظل عدم كفاية رقابة أجهزة الدولة على العمليات التجارية والاستهلاكية

5 – التهافت على الاستيراد والتخزين. ويُتوقع تراجع مخزونات العالم من الأرز بنسبة 5% لتصل إلى 173.5 مليون طن هذا الموسم، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، وقد كثف المستوردون مشترياتهم من الأرز خلال الأشهر الأخيرة.

وشحنت فيتنام، ثالث أكبر دولة مصدرة في العالم، كميات من الأرز تفوق 40% إلى الفيليبين خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023 مقارنةً بالعام الماضي. وصعدت الصادرات كذلك إلى الصين بأكثر من 70%، وإلى إندونيسيا بنحو 2.5%، وفقاً لإدارة الجمارك الفيتنامية.

وبحسب تقرير "فيتش" في 14 أغسطس، فإنّ الصين التي تكافح مخاطر الأمطار الغزيرة والفيضانات، قد تواجه نقصاً في محصول الأرز، وقد تحتاج إلى النظر في استيراد المزيد من السلعة الغذائية الأهم في العالم، إذا انخفضت محاصيلها، بمعدلات كبيرة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأرز العالمية.

6 – أخيراً وليس آخراً، يبقى من الأسباب المهمة احتكار التجار في العديد من الأسواق الداخلية في العديد من الدول، في ظل عدم كفاية رقابة أجهزة الدولة على العمليات التجارية والاستهلاكية، لا سيما في البلدان التي تعاني نزاعات سياسية وعسكرية ومستويات فساد مرتفعة وفشلا في الحوكمة.

المساهمون