لجأ تجار الملابس في الجزائر إلى فتح صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، بأسماء محلاتهم، وتعليق أرقام هواتفهم على الواجهات لاستقبال طلبات الراغبين في الشراء وتوصيلها إلى منازلهم، تفادياً لكساد منتجاتهم التي طاولتها الأضرار الناجمة عن الحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، بينما يعوّلون على التسويق الإلكتروني لتحريك المبيعات قبل أيام من حلول عيد الفطر.
وفي جولة لـ"العربي الجديد" في مدينة سطاوالي غرب العاصمة، بدت المحلات نصف مفتوحة، وأمام كل باب يقف الباعة في انتظار الزبائن، مع وجود دوريات للشرطة تراقب المكان، ومواطنين من كل الأعمار يتجولون ذهاباً وإياباً في انتظار ابتعاد أعين الأمن لدخول المحلات.
وفي مدينة زرالدة، وغير بعيد عن مدينة سطاوالي، ذات الأجواء تعرفها محلات بيع الملابس، فالأبواب شبه مغلقة، وتنبعث أصوات من المحلات التي باتت تنشط خلسة، قبل أن تفتح الأبواب ويخرج الزبائن محملين بالأكياس.
مظاهر تكررت أيضاً في مدينة بوفاريك بولاية البليدة، المحافظة الأكثر تضرراً من فيروس كورونا، حيث يشدّ الانتباه الحشود الغفيرة للعائلات برفقة أبنائها، وكأن الأمر يتعلق بأيام عادية للتسوق، وأرقام الهواتف تغطي واجهات المحلات، ودوريات الأمن موزعة على المداخل والمخارج.
تقول البائعة "هدى" إنها ومساعديها اضطروا إلى الالتحاق بالعمل، رغم عدم الفتح، وإنهم يعملون دواماً كاملاً والأبواب موصدة، "نستقبل منذ الصباح أولياء يقتنون الملابس لأبنائهم وآخرون يقومون بالتبديل".
وغير بعيد عن هذا المحل، يجلس أصحاب باقي المحلات أمام الأبواب المغلقة بانتظار الزبائن المتعودين الشراء منهم، وآخرون يحملون هواتفهم يقدمون مواعيد لمن اقتنوا الأسبوع الأول من أجل إكمال المستلزمات، وأخرى لزبائن اختاروا على صفحات فيسبوك والتحقوا من أجل الدفع والاستلام.
يتحدث أحد التجار لـ"العربي الجديد" عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم كتجار ألبسة وأحذية، قائلاً: "لم نستطع إدخال السلع من إسطنبول ودول الخليج بسبب توقيف الرحلات الجوية، حقيقة هي سلع لا تفسد، ولكن صرفنا أموالاً كثيرة حتى نستجيب لطلبات الزبائن، وهي الآن معطلة في الدول المستوردة منها".
ويضيف التاجر الذي عرّف نفسه باسم محمد، أن الكميات القليلة التي كانت مجهزة لعيد الفطر بيع جزء منها قبل اتخاذ قرار المنع، "ولم يبق سوى الفيسبوك لبيع ما بقي، وإلا فسنعلن إفلاسنا".
أما سفيان، وهو أيضاً تاجر ملابس، فقد قرر هو الآخر عرض سلعه على فيسبوك، وكلف الشابة التي تعمل معه تلقي الطلبات والمقاسات لتوصيلها أو استقبال العائلات الراغبة في الشراء في الجهة الخلفية للمحل من أجل القياس والدفع، "فهذا هو قوت يومنا، وتوقعنا أن نسترجع قليلاً مما فقدنا خلال فترة العيد، لكن قرار منع النشاط سيكلفنا الكثير".
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، لـ"العربي الجديد"، إن بعض المواطنين لم يفهموا أن تعمدهم الخروج برفقة أبنائهم لاقتناء الملابس هو خطر عليهم وعلى عائلاتهم، منتقداً عدم تطوير التجارة الإلكترونية التي تمكن الزبائن من اقتناء مستلزماتهم دون التنقل وتعريض الحياة للخطر.
وأضاف زبدي أن الحكومة أقرت إجراءات عقابية شديدة تصل إلى حد سحب السجل التجاري من أصحاب المحلات المخالفين لقرار منع النشاط، متوقعاً الإبقاء على غلق المحلات إلى غاية انحسار فيروس كورونا.
وعزفت عائلات أخرى عن شراء الكسوة، بعد أن أعلنت وزارة الصحة مقترحاً لجعل أيام العيد حجراً كاملاً يمنع التنقل، وقالت السيدة "نورة. ش" إنها لن تشتري لأبنائها الملابس هذا العام، استثناءً، وستؤجل ذلك للدخول المدرسي أو لعيد الأضحى المبارك، بما أن الأطفال سيبقون في المنازل، وهو قرار شاطرته فيها أخواتها وأمهات أخريات كثيرات بدَونَ غير منزعجات مطلقاً من قضاء العيد دون لباس جديد.
وقالت "ليندة براهيمي" إن صحة ابنها أفضل من لباس يقضي به يوماً واحداً، فمهما كانت قيمة سعادة ارتداء هذا اللباس، فلن تكون بقدر قيمة بقائه معها دون إصابة بأي عدوى.
وشهدت أسعار ملابس الأطفال ارتفاعاً، مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين، حيث تتطلب كسوة الطفل الواحد 15 ألف دينار (100 دولار) على الأقل، وهو بالنسبة إلى العائلات ذات الدخل المحدود ميزانية شهر كامل، وفق نسيمة، وهي ربة منزل.