تواصل الليرة التركية مشوار تعافيها، منذ خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الإثنين الماضي، وإعلان وزير المال نور الدين النبطي، عن أدوات تدخل الدولة، الثلاثاء، لتسجل اليوم الخميس بالأسواق 11.5 ليرة للدولار الواحد بارتفاع 40%، بعدما تعدى سعر الدولار 18 ليرة قبل ثلاثة أيام.
ولم يبتعد البنك المركزي التركي في ثاني تسعير رسمي له، اليوم الخميس، عن السعر الرائج، إذ أصدر وفق "إعلان النظام المالي الجديد" أسعار العملات لاستخدامه كأساس لآلية جديدة تم تقديمها لحماية حسابات الودائع بالليرة التركية من التقلبات في أسواق الصرف.
وبحسب بيان البنك المركزي التركي، اليوم، فقد تم الإعلان عن 11،6399 ليرة تركية في شراء الدولار و11،6609 ليرة تركية في المبيع، 13،1862 ليرة تركية في شراء اليورو و13،2100 ليرة تركية في المبيع.
وكانت وزارة الخزانة والمالية التركية، قد كشفت عن طبيعة الأداة المالية التي أعلن عنها الرئيس أردوغان، والتي تتيح للمودعين تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة التركية، مؤكدة بالآن نفسه، إطلاق آلية "وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف" والتي تضمن للمودع بالليرة عدم الوقوع ضحية للتقلبات في أسعار الصرف، والحصول على الفائدة المعلنة، يضاف إليها الفرق في سعر الدولار بين وقت الإيداع والسحب.
كما بينت الوزارة أنه في نهاية تاريخ سحب الوديعة إذا كانت أرباح المودعين في المصارف بالليرة التركية، أكبر من زيادة سعر الصرف فإنهم سيحافظون على أرباحهم، أما في حال كانت أرباح سعر الصرف أكبر فعندئذ سيتم دفع الفرق للمواطن، مع إعفائه من الضرائب، إلى جانب إمكانية فتح حسابات الوديعة بآجال 3 و6 و9 و12 شهراً، وتطبيق الحد الأدنى لمعدل الفائدة المعلن من قبل البنك المركزي التركي. ولكن في حال سحب قيمة الإيداع قبل تاريخ الاستحقاق، فإنّ حساب الوديعة سيتحول إلى حساب جارٍ ويتم إلغاء حق الحصول على الفائدة.
ويصف الاقتصادي التركي، مسلم أويصال، حال السوق التركية بـ"استعادة الثقة" بعد الهزة الكبيرة التي تعرضت لها إثر تخفيض سعر الفائدة الشهر الماضي بنحو 100 نقطة لتتراجع الليرة من نحو 1.7 ليرة مقابل الدولار، وتستمر بعد التخفيض الثاني الشهر الجاري بمائة نقطة أخرى ليصل سعر الفائدة إلى 14%.
وأدى هذا الواقع إلى فتح الباب على مصراعيه أمام المضاربين الذين "استغلوا مخاوف الأسواق والمكتنزين" لتهوي الليرة إلى أكثر من 18 مقابل الدولار، قبل أن تبدأ مشوار التعافي.
وحول توقعاته باستمرار تحسن الليرة التركية، يشير أويصال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الأسواق "حساسة وتتأثر كثيراً بالشائعات، لكن الإجراءات العملية هذه المرة، خلال تدخل الدولة، بدّلت من مزاج السوق"، موضحاً أنّه "لأول مرة لم يعلّق المتربصون بالليرة على تدخل الرئيس والتعذر كما في السابق بأنّ تصريحات الساسة هي سبب تهاوي العملة".
وتوقع أنّ "الأرجح أن تستمر الليرة التركية بالتعافي"، مستدركاً بالقول: "لكن لا يمكن أن يقفل العام الحالي كما بدأ بسعر 7,4 ليرات للدولار".
ويلفت أويصال إلى أنّ الإجراءات التي اتخذتها تركيا، "تعتبر سابقة في الأسواق والرد على المضاربة، "إن لم نقل اختراعاً تركياً"، مستدركاً بالقول: "لكن هذا لا يعني أبداً تقليل التصريحات والتدخل بالاقتصاد والنقد لأنّ أهم ما حصل خلال الأيام السابقة، هو استعادة الأتراك الثقة بعملتهم وحكمة ساستهم"، مؤكداً أنّ موجات بيع الدولار "مستمرة في الأسواق، ما يعني أننا أمام تعافٍ مستمر لليرة التركية".