رغم اتجاه بوصلة أسواق النفط نحو البؤر المتوترة في العالم، لا سيما التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا والاضطرابات في كازاخستان ونزاعات ليبيا، إلا أن متداولي النفط ينظرون بأهمية بالغة إلى المحادثات النووية الإيرانية، باعتبارها تحمل سيناريوهات عدة قد تقلب أسواق النفط.
وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 10% منذ بداية العام الحالي، ليتجاوز خام برنت 88 دولاراً للبرميل، فيما يرى محللون أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصل إلى رقم مؤلف من ثلاث خانات للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، إذ تتوقع بنوك استثمار عالمية أن تكسر الأسعار حاجز 100 دولار للبرميل وربما تصل إلى 120 دولاراً خلال العام الجاري.
لكن هناك من يرى أن اندفاع الأسعار إلى هذا المستوى أو تراجعها، يرجع إلى عودة إيران إلى أسواق الطاقة العالمية إلى حد كبير، حيث تخوض طهران مفاوضات في فيينا مع القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه في 2015، وانسحبت منه واشنطن خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018.
السيناريو الأول
والسيناريو الأول، الذي سيحدد مصير أسعار النفط يتمثل في احتمال التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران. وقد تكون إيران قادرة على زيادة صادراتها بما يكفي لخفض أسعار النفط الخام، وبناء على ذلك فإن إيران تعتبر "العامل الحاسم" لهذا العام فيما يتعلق بإنتاج النفط، ووفقاً لما يراه المحللون الإستراتيجيون في "بنك أوف أميركا".
والتوصل إلى اتفاق جديد مشابه لاتفاق 2015، سيُمكن إيران من بيع ما يقرب من 80 إلى 90 مليون برميل مخزنة لديها، ويقع العديد منها في سوقها الرئيسي في آسيا. وسيزيد الإنتاج في حقول النفط في نفس الوقت، حيث قد يرتفع الإنتاج من حوالي 2.5 مليون برميل يومياً - تستهلكها الشركات المحلية في الغالب - إلى 3.8 ملايين برميل في غضون ستة أشهر، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
ويقول "بنك أوف أميركا"، وفق وكالة بلومبيرغ، إن صادرات إيران في العام الذي يلي أي اتفاق شامل ستضيف ما يصل إلى 400 مليون برميل، وهو ما يكفي لتحويل أرصدة النفط العالمية إلى فائض.
ويتوقع البنك أن يرتفع سعر النفط إلى 120 دولاراً للبرميل بحلول منتصف العام، إلا أنه سينخفض بعد ذلك إلى 71 دولاراً في المتوسط في الربع الأخير من العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى الإمدادات الإيرانية الإضافية.
السيناريو الثاني
والسيناريو الثاني يتمثل في التوصل إلى اتفاق جزئي، فهناك حديث متزايد عن اتفاقية مؤقتة لا ترقى إلى مستوى استعادة ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة.
ويمكن أن يؤدي ذلك على الأقل إلى تهدئة التوترات الجيوسياسية في الخليج العربي، وتقليل بعض هجمات الشحن والطائرات بدون طيار التي يتم إلقاء اللوم فيها على إيران أو حلفائها.
السيناريو الثالث
لكن ما تزال الانقسامات العميقة تعصف بالمفاوضات، التي طال أمدها منذ إبريل/نيسان 2021، وعلى هذا الأساس يتمحور السيناريو الثالث.
وتقول هيليما كروفت، كبيرة استراتيجيي السلع في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس": "ما يزال هناك الكثير الذي يتعين العمل عليه".
ويشير بنك "غولدمان ساكس" إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو عدم التوصل إلى اتفاق حتى نهاية هذا العام، مع زيادة إنتاج إيران من النفط فقط في عام 2023.
وحتى ذلك الحين، من غير المرجح أن تكون عودتها سريعة، وفقاً للبنك، لأن الحقول وخطوط الأنابيب والبنية التحتية الأخرى ربما لم تتم صيانتها بشكل صحيح منذ عام 2018. كما يتوقع البنك أن يرتفع خام برنت إلى 100 دولار للبرميل في الربع الثالث من العام ومتوسط 96 دولاراً للعام بأكمله.
السيناريو الرابع
والسيناريو الرابع يتمثل في انهيار محادثات فيينا، مع انسحاب إيران أو إحدى القوى الأخرى، ما يؤدي إلى تصعيد التوترات، وهو ما يدعم مواصلة أسعار النفط الصعود.