استمع إلى الملخص
- **تداعيات اقتصادية إيجابية**: خفض الفائدة الأميركية يعزز الطلب العالمي على النفط، يخفض كلف الاقتراض، ويدعم القوة الشرائية والنمو الاقتصادي في الخليج، مما يزيد من جاذبية الاستثمار وتدفقات رأس المال.
- **توقعات مستقبلية**: يتوقع استمرار تيسير الفائدة الأميركية، مما يعزز انتعاش تدفقات السندات إلى الاقتصادات الناشئة، ويزيد من ثقة الأسواق في المنطقة الخليجية، ويخفض كلف الاقتراض الشخصي.
ارتد خفض الفائدة الأميركية بشكل إيجابي على أسواق المال الخليجية، حيث تحسنت أسعار الأسهم المتداولة في معظم البورصات الخليجية، وعقب قرار البنك الفيدرالي الأميركي مباشرة سارعت البنوك المركزية في منطقة الخليج نحو خفض الفائدة على عملاتها المحلية كما جرى في السعودية وقطر والكويت والإمارات والبحرين وسلطنة عمان.
وعلى مستوى البورصات أنهى سوق الأسهم السعودية "تداول" جلسة الاثنين بارتفاع ملحوظ، مواصلا ارتفاعه لليوم الثالث على التوالي، ليسجل أعلى مكاسب في 32 جلسة، في ظل صعود شبه جماعي للقطاعات. وفي الدوحة أغلقت بورصة قطر تعاملات، الخميس مرتفعة؛ بعد قرار خفض أسعار الفائدة، وترقب تنفيذ مراجعة فوتسي راسل.
كما قرر مصرف قطر المركزي، تخفيض سعر فائدة الإيداع وسعر فائدة الإقراض وسعر إعادة الشراء لتكون 5.20% و5.70% و5.45%على التوالي؛ بما يدعم جاذبية الاستثمار بأسواق المال. وارتفعت مؤشرات أسواق المال الإماراتية بختام تعاملات الخميس، بعد قرار الفيدرالي، تخفيض أسعار الفائدة 0.5% دفعة واحدة، لأول مرة منذ مارس 2020، والأول في عام 2024 عقب أربع مرات متتالية من التثبيت.
وأغلقت المؤشرات الرئيسية لبورصة الكويت تعاملات جلسة الخميس مرتفعة؛ بعد قرار خفض أسعار الفائدة، وترقب تنفيذ مراجعة فوتسي راسل. وارتفع مؤشر السوق الأول بنحو 0.56%، ونما "العام" بنحو 0.54%، كما صعد المؤشران الرئيسي 50 والرئيسي بنسبة 0.98% و0.46% على التوالي، عن مستوى جلسة الأربعاء الماضي.
وسبق ذلك قرار بنك الكويت المركزي بتخفيض سعر الاقنطاع بواقع 0.25% ليصبح 4% اعتباراً من الخميس، علماً بأن خفض أسعار الفائدة يزيد من جاذبية الاستثمار بأسواق المال.
ووفق محللين فإنه من المتوقع أن يقود خفض الفائدة الأميركية إلى أربعة تداعيات إيجابية للاقتصادات الخليجية، حيث إن الدولار المنخفض يزيد من الطلب العالمي على النفط، وبالتالي ربما ترتفع أسعاره خلال الشهور المقبلة، كما أن خفض الفائدة على الدولار يقود إلى خفض كلف الاقتراض، وبالتالي دعم القوة الشرائية والنمو الاقتصادي.
ومع مواصلة استمرار معدل التضخم مساره الهبوطي في الولايات المتحدة خفض مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 0.5% مساء الأربعاء، ويتوقع مستثمرون أن يواصل المركزي الأميركي تيسير أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، بتشجيع من رغبة البنك المعلنة في تحقيق هبوط سلس للاقتصاد، يحقق التوازن بين تراجع معدل التضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 2% وعدم وقوع الاقتصاد في الركود الاقتصادي.
ورفع "بنك أوف أميركا" توقعاته لإجمالي تخفيضات الفائدة المتوقعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في الربع الرابع من عام 2024، بعدما بدأ دورة من التيسير النقدي يوم الأربعاء بخفض كبير. وقال البنك في مذكرة بعد قرار الفيدرالي، إنه يتوقع خفضاً إجمالياً للفائدة بمقدار 0.75% في الربع الأخير من العام، مقارنة بتقديره السابق عند خفض قدره 25 نقطة في كل من اجتماعي نوفمبر وديسمبر.
وذكر المصرف أنه يتوقع خفضاً إجمالياً قدره 1.25% في عام 2025، ليتراوح نطاق سعر الفائدة الرئيسي بين 2.75% و3%، مقارنة بالنطاق الحالي بعد قرار مساء أمس بين 4.75% و5%.. وأشار اقتصاديو المصرف إلى أنه من المحتمل أن يُجري الفيدرالي تخفيضات أعمق للفائدة في المراحل القادمة، وأنه من غير المرجح أن يرغب الفيدرالي في مفاجأة الأسواق برفع الفائدة.
وسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية لدى بنك الاحتياط الفيدرالي ليس مجرد سعر، فهو يتمتع بالقدرة على عكس اتجاهات تدفقات رأس المال في العالم، حيث إن حجم سوق المال الأميركي يفوق 50 تريليون دولار، وسوق السندات الحكومية 27 تريليون دولار، وفق بيانات هيئة الأوراق المالية الأميركية. وبالتالي فإن مسار الفائدة وحركة الدولار تعد ممولاً رئيسياً للنمو في اقتصادات الشرق الأوسط وحركة تدفقات رأس المال بالمنطقة، وفق تحليل بموقع "أتلانتك كاونسل".
وتوقع تقرير لصندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، أن تساعد تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية علة إنعاش تدفقات السندات إلى الاقتصادات الناشئة والنامية على المدى الطويل. ووفقا للتقرير، مع أن ظروف أسعار الفائدة العالمية أصبحت أكثر ملاءمة للمقترضين، فإن هذا من شأنه أن يدعم انتعاش سوق السندات التي تصدر بالدولار خارج الولايات المتحدة ويطلق عليها سندات "اليورو" وانتعاشا أوسع لتدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
على الصعيد الخليجي، يميل مصدرو النفط والغاز في منطقة الخليج إلى اتباع خطى بنك الاحتياط الفيدرالي في ما يتعلق بتحركات أسعار الفائدة، حيث إن معظم العملات الخليجية مرتبطة بالدولار، فقط الدينار الكويتي مرتبط بسلة من العملات، بما في ذلك الدولار. وبالتالي، خفضت معظم البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة الرئيسية، بعد أن خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 0.5%.
ومن المتوقع أن يجد قرار خفض الفائدة الأميركية قبولاً واسعاً في الأسواق العالمية التي تعبت من الفائدة المرتفعة التي استمرت مدة 22 شهراً. ووفق بيانات بلومبيرغ أمس الخميس، ارتفعت معظم العملات العالمية مقابل الدولار. والفائدة من الناحية العملية تعني "تسعير المال" والاقتراض، وبالتالي فالفائدة المرتفعة تعني ارتفاع سعر العملة بينما تراجعها يعني انخفاض سعر العملة.
ويرى محللون أن معظم الاقتصادات الخليجية كانت محمية إلى حد كبير من التضخم المرتفع الذي عانت منه أوروبا والولايات المتحدة، حيث إن النفط يباع بالدولار بينما معظم الواردات الخليجية من الدول الآسيوية التي عانت عملاتها من التدهور خلال فترات الفائدة المرتفعة، وبالتالي فإنها تشتري بعملات قوية مرتبطة بالدولار وتحصل على موارد الدولار من صادرات النفط والغاز الطبيعي، وفي المقابل تدفع ثمن وارداتها بعملات ضعيفة. كما يلاحظ كذلك أن هذه الدول استفادت من فترة الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز الطبيعي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا وتمكنت من زيادة احتياطاتها من العملات الأجنبية.
ووفق تحليل لمركز الدراسات الاستراتيجية في يوليو/ تموز العام 2023، تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من ربط عملاتها بالدولار، إذ إن هذا لاختيار يمنحها سعر صرف ثابتا يجنبها تقلبات العملة ويزيل عدم اليقين في المعاملات الدولية. وعادة ما يؤدي ارتفاع التقلبات والشكوك إلى تردد الشركات في الاستثمار في الدول، خشية أن تتضاءل قيمة العملة، ومن ثمة يتعرضون للخسارة، مثلما هو الحال للعملات التي تعرضت لهزات قوية مثل الليرة التركية والجنيه المصري.
ومن ناحية أخرى، فإن العملة المحلية المستقرة وسعر الصرف الثابت يعنيان أن التجار لا يضطرون إلى مواجهة أخطار العملة، وبالتالي سيكونون أكثر استعداداً للاستثمار وتسهيل التجارة في الدولة، وفق تحليل المركز. وبما أن معظم عملات دول مجلس التعاون الخليجي مرتبطة بالدولار، فإن خفض الفائدة الأميركية يعزز ثقة الأسواق في المنطقة الخليجية. وتبدت أولى مظاهر هذه الثقة في ارتفاع معظم مؤشرات أسواق المال الخليجية. وبالتالي فإن خفض الفائدة الأميركية حقق للأسواق مكاسب ملحوظة في السعودية وقطر والبحرين وعمان والكويت.
ويرى محللون أن خفض سعر الفائدة على الدولار يؤثر على اقتصادات الشرق الأوسط لعدة عوامل وهي: إنعاش تدفقات رأس المال وتعزيز الطلب على النفط، وبالتالي ارتفاع أسعاره، وتعزيز جاذبية الاستثمارات في اقتصادات المنطقة طلباً للعوائد المرتفعة، وخفض كلف الاقتراض الشخصي وبالتالي زيادة القوة الشرائية ودفع الناتج المحلي للتوسع.
على صعيد تدفقات رأس المال، يمكن أن تؤدي التخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة إلى تدفقات رأس المال من البلدان التي تسعى إلى تحقيق عوائد أعلى إلى المنطقة الخليجية. كما أن تخفيض الفائدة الأميركية، يؤدي إلى انخفاض أسعار الفائدة في الدول العربية التي تعاني من مديونية ضخمة، وبالتالي سيكون مفيدًا للإنفاق المحلي المحتمل والتدفق النقدي التجاري لأولئك الذين لديهم تسهيلات القروض الشخصية وقروض الشركات.