شركات أميركية ضحية العقوبات على روسيا

13 أكتوبر 2014
بوتين ورئيس إكسون موبيل خلال توقيع اتفاق (Getty)
+ الخط -

من المعلوم أن العقوبات الأميركية استهدفت قطاع النفط الروسي بمنع تصدير تقنيات الحفر في المياه العميقة إلى روسيا. ويجد بعض الروس في الحظر فائدة تكمن في أن النفط الروسي يمكن أن يبقى للأجيال القادمة، التي قليلاً ما تهتم القيادة الروسية الحالية لحقها في موارد الطاقة، كما تجد روساً آخرين يؤمنون بأن مبدأ "الحاجة أم الاختراع" سيعمل بكفاءة في روسيا. وأما الواضح إلى اليوم فهو أن الشركات الغربية تتضرر من العقوبات الأميركية ليس أقل مما تتضرر الشركات الروسية. أمّا مصالح الشعوب فلا أحد يأخذها بعين الاعتبار عند إقرار العقوبات.

عينٌ بصيرة ويدٌ قصيرة
في بداية أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلنت شركة "روس نفط"، على موقعها الرسمي أنها اكتشفت، بالتعاون مع شركة "إكسون موبيل" الأميركية كميات كبيرة من النفط في بحر كارا الشمالي، وأنها قد أنجزت أعمال الحفر هناك، في البئر القطبية "أونيفيرسيتيتسكايا-1"، وعثرت على كميات كبيرة من النفط والغاز.
وأضافت أن أعمال الحفر أنجزت في زمن قياسي، لم يتجاوز الشهر ونصف الشهر، مع مراعاة جميع المتطلبات التكنولوجية والبيئية المعقدة في المنطقة القطبية الشمالية. كما أشارت إلى أن عمق البحر في منطقة الحفر بلغ 81 متراً، وعمق البئر التي تم حفرها 2113 متراً. لكن هذا النجاح الذي احتفي بتحقيقه سرعان ما واجه سداً أميركياً، حال دون استعادة "إكسون موبيل" الأموال التي أنفقتها في عمليات الاستكشاف والحفر، فضلا عن الأرباح الكبيرة المتوخاة.
ففي إطار الاحتفال بانتهاء أعمال الحفر، قال إيغور سيتشين، رئيس شركة "روس نفط": "عثرنا على النفط. إنه نفط خفيف رائع، وتشير التحاليل الأولية إلى أنه من نوع النفط السيبيري الخفيف". وتشير التقديرات الأولية إلى وجود 338 مليار متر مكعب من الغاز وأكثر من 100 مليون طن من النفط، وهذا مكان واحد فحسب من المنابع.

أفق التعاون الروسي الأميركي
"سوف نعمل بصورة مستقلة. ونجتذب التكنولوجيات الضرورية وشركاء آخرين غير مقيدين في تعاونهم. ولكن كما سبق أن قلت فنحن لا نقطع عملنا مع إكسون... فستتوفر لديهم دائما إمكانية العودة إلى المشروع"، ذلك ما قاله رئيس شركة "روس نفط"، في لقاء صحافي. فهل هناك بدائل للشركات الغربية المتخصصة في الحفر في أعماق البحار وفي منطقة الشمال ذات الظروف القاسية الخاصة المشمولة بالعقوبات، لتفيد منها روسيا؟
من الجدير بالذكر أن شركة النفط الأكبر في روسيا "روس نفط" كانت وقعت في العام 2011 اتفاق تعاون مع شركة "إكسون موبيل". ووفقا لصحيفة "فزغلاد"، فقد وافقت الشركة الأميركية حينها على تغطية معظم نفقات الاستكشاف، مقابل حصة 33% في المشروع، علماً بأن النفقات تجاوزت، إلى حين انتهاء الحفر في البئر المحتفى بها، 3.2 مليار دولار. ولكن، وعلى الرغم من أن النجاح لم يكن ليتحقق لولا مساهمة إكسون موبيل بتكنولوجياتها وخبراتها، إلا أن هذه الشركة لا تستطيع الاستمرار في المشروع للإفادة من إنجازها أو استرجاع ما أنفقته كحد أدنى، بسبب العقوبات الأميركية على روسيا. ففي الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي أوقفت هذه الشركة الأميركية تعاونها مع "روس نفط"، وفقا لما أعلنته وكالة "ريا نوفوستي" نقلا عن مدير المكتب الصحافي في "إكسون موبيل"، آلان جيفيرس، الذي أكد أن اتفاق التعاون الاستراتيجي مع "روس نفط" الروسية يشمل 10 مشاريع، بما فيها عمليات الاستكشاف والتنقيب واستخراج النفط في منطقة البحر الأسود وفي المنطقة القطبية وكذلك في غرب سيبيريا، وجميعها الآن تحت إشارة استفهام. علما بأن شركة "شل" أيضاً أعلنت عن تجميد أعمالها في روسيا بسبب العقوبات.
ووفقاً لتقديرات الخبراء فإن انسحاب الشركاء الأجانب سيهدد نحو ربع سوق النفط في روسيا، كما يشير موقع "روسيا ما وراء العناوين" نقلاً عن أولغا ماليكوفا، أستاذ قسم "التنظيم الحكومي للاقتصاد" في معهد الخدمة العامة والإدارة التابع للأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة.
ويقول الكاتب الاقتصادي أليكسي لوسان: "كان ريكس تيليرسون، المدير العام لشركة "إكسون موبيل"، قد هاجم العقوبات الأميركية في كلمته أمام اجتماع للمساهمين في أيار/مايو 2014، وقال حينها: "نحن لا نؤيد العقوبات في الإجمال، لأننا لا نعتبرها أسلوباً فعالاً". وبدوره، صرح بن فان بيردن، رئيس شركة "شل"، في نيسان/أبريل 2014، أنه لا يخطط لأي تغييرات في العمل مع الشركاء الروس، على الرغم من الوضع في أوكرانيا". لكن الرياح لم تجر كما يشتهي شركاء روسيا في جني مال النفط.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد فرضت عقوبات على شركات النفط والغاز الروسية "غازبروم" و"غازبروم نفط" و" لوكويل" و"روس نفط" و"سورغونت نفط غاز"، في أواسط سبتمبر/أيلول الماضي، ومنعت الشركات الغربية من التعاون معها في مشاريع المنطقة القطبية وفي مجال النفط والغاز الصخريين والحفر في المياه العميقة. علماً بأن حزمة العقوبات الأخيرة تشكل استمرارية لسابقتها التي تمنع تصدير التقنيات النفطية المتطورة إلى روسيا. ونتيجة لذلك، توقفت عشرات المشاريع التي كانت شركتا "روس نفط" و"غازبروم نفط" تتعاونان فيها مع شركات غربية مثل "إكسون موبيل" و"رويال دتش شل" و"إيني سبا" الإيطالية و"ستات أويل آ إس آ" النرويجية .

ضغوط أخرى
وفي السياق يواجه الروبل ضغوطاً منذ أشهر بفعل هبوط أسعار النفط أحد الصادرات الرئيسية لروسيا. وتضررت العملة الروسية أيضاً جراء العقوبات الغربية بسبب أزمة أوكرانيا وصعود الدولار بفعل تكهنات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سيرفع أسعار الفائدة.
وتوقع وزير المالية الروسي أنطون سلوانوف أن هبوط الروبل الذي تراجع بنحو 18%هذا العام سيعكس اتجاهه قريبا.

المساهمون