- التحديات مثل الصراعات الجيوسياسية وتخفيضات إنتاج النفط من "أوبك بلَس" أثرت في التوقعات، لكن الديون المنخفضة والأسعار المرتفعة للنفط تبقي الآفاق إيجابية.
- جهود تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، مثل تعزيز القطاعات غير الهيدروكربونية والاستثمار في التكنولوجيا، تسهم في تحسين التوقعات الاقتصادية، مع التأكيد على أهمية الاستقرار الجيوسياسي لجذب الاستثمارات.
رفعت مؤسسات اقتصادية دولية توقعاتها حول نمو اقتصادات دول الخليج العربية في 2024 و2025، وأرجعت ذلك إلى أسباب أبرزها ارتفاع أسعار النفط، والنمو المتزايد لدور القطاع غير النفطي في اقتصادات تلك الدول. وتوقع البنك الدولي في تقرير الآفاق الاقتصادية في إبريل/ نيسان الماضي، تحقيق نمو في اقتصادات دول الخليج بنسبة 2.8% في عام 2024، ثم الوصول إلى 4.7% في عام 2025.
وقال البنك في تقرير آخر بعنوان "الصراع والديون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إن "الصراع في قطاع غزة أدى إلى اشتداد المخاطر الجيوسياسية داخل منطقة الشرق الأوسط، غير أن التوقعات الحالية للنمو لعام 2024 وضعت على افتراض أن الصراع لن يتفاقم". وأشار التقرير الصادر في إبريل/ نيسان الماضي، إلى أن البلدان الخليجية المصدرة للنفط عدا البحرين، شهدت انخفاضاً صافياً في نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات الأخيرة، مدفوعاً بارتفاع أسعار النفط.
فيما توقع صندوق النقد الدولي نمو اقتصادات دول الخليج 2.4% في 2024، و4.9% في 2025، وعزا ذلك إلى مفاقمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لحالة عدم اليقين الراهن، إذ تظل مدة الصراع وتأثيره محاطين بضبابية كبيرة، لكنه أشار إلى أن بعض البلدان المصدرة للنفط في المنطقة تعمل على تنويع اقتصاداتها وتعزيز القطاعات غير الهيدروكربونية، وتواصل في الوقت نفسه التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط.
وقال صندوق النقد الدولي في ختام زيارته للكويت الأسبوع الماضي، إن "مسيرة التعافي الاقتصادي من الجائحة تعرضت للاضطراب، وتشير التقديرات إلى أن النشاط الاقتصادي الحقيقي انخفض بنسبة 2.2% في عام 2023، مع انكماش القطاع النفطي بنسبة 4.3% بسبب خفض حصص الإنتاج النفطي من دول "أوبك بلَس" في شهر مايو، واقتصار النمو في القطاع غير النفطي على 0.8% فقط في ظل النمو الضعيف للطلب المحلي".
أسباب رفع البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصادات دول الخليج
ويضيف درويش أن ثاني المحددات تعود إلى النمو المتراكم للمداخيل النفطية بدول الخليج في السنوات الماضية، ما أثر إيجاباً في عملية النمو بموازنات هذه الدول، وهو ما يتعزز تدريجاً نتيجة سياسات الحكومات الخليجية التي تستهدف تعزيز المداخيل من خارج مبيعات المشتقات النفطية. أما المحدد الثالث، فيتعلق بالاستقرار الذي تعيشه دول الخليج مقارنة بحالة عدم الاستقرار التي تعيشها بلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط، بحسب درويش، مشيراً إلى أن ذلك يعزز عملية الرسملة، ويعزز الاستثمارات بالخليج.
وفي السياق، يشير الاستشاري الاقتصادي بشركة استشارات في لندن، علي متولي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن توقعات النمو في اقتصادات دول الخليج الست في 2024، بلغت في البحرين 3.5% والإمارات 3.9% والسعودية 2.5% وقطر 2.1% والكويت 2.8% وسلطنة عُمان 1.5%. وفي 2025، توقع البنك الدولي أن ينمو اقتصاد السعودية 5.9% والإمارات بنسبة 4.1% وقطر 3.2% والكويت 3.1% وعُمان 2.8% والبحرين 3.3%.
وأكد أن هذه النسب ترتبط باستمرار أسعار النفط عند مستوى عال حتى مع التخفيض الطوعي للإنتاج، مضيفاً أن أسعار النفط هي أساس زيادة الإيرادات بدول الخليج، ما يضمن لها الاستقرار المالي، ويعزز ثقة المستثمرين، ويشجع الاستثمار المحلي والأجنبي، ويعمل على تعزيز ثقة المستهلكين أيضاً، تبعاً لتعزيز قدرة الحكومات على زيادة الإنفاق الاجتماعي، وهو ما يحفز الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي يؤثر في النمو بشكل إيجابي.
وأضاف الاستشاري الاقتصادي بأن الزيادة في نسبة النمو هي الأكبر في السعودية، التي شهدت انكماشاً العام الماضي (2023) بنحو 0.9% ومن المتوقع نمو اقتصادها العام الجاري بـ 2.5%، تليها الكويت بزيادة من انكماش بمقدار 01% إلى نمو بمقدار 2.8% ثم البحرين بزيادة من 2.6% إلى 3.5%، ثم قطر من 1.8% إلى 2.1% بينما يمثل زيادة النمو في الإمارات وسلطنة عُمان النسبة الأقل في دول الخليج، من 3.4% إلى 3.5% في الإمارات، ومن 1.4% إلى 1.5% في عمان.
ويعزو متولي زيادة النمو في السعودية على جهود التنويع الاقتصادي بالمملكة، وضخ الاستثمارات في قطاعات السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، ما يعزز من نسبة الاقتصاد غير النفطي.