اتفقت مصر مع ثلاثة من الدول الخليجية على مد آجال استحقاق ودائعها لدى البنك المركزي، في محاولة للتغلب على أكبر أزمة سيولة بالعملة الأجنبية تشهدها البلاد في تاريخها، وتهدد قدرتها على سداد فواتير الاستيراد والأقساط المستحقة للديون الخارجية الأخرى.
وتقدر قيمة الودائع الخليجية لدى البنك المركزي المصري التي تم مد آجل سدادها بنحو 7.7 مليارات دولار.
وأعلنت السعودية، يوم أمس الثلاثاء، تمديد أجل وديعة مالية لها لدى البنك المركزي المصري بقيمة إجمالية 5 مليارات دولار. كما تم مد آجل وديعة أخرى مستحقة للإمارات بقيمة 700 مليون دولار. ومدت الكويت وديعة بقيمة ملياري دولار.
وفي نفس الاتجاه، أظهر تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري استقرار الودائع الكويتية لدى البنك المركزي المصري عند 4 مليارات دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي، تماماً كما كانت عند نهاية مارس/آذار، رغم استحقاق نصفها، أي مليارا دولار منها، في أبريل/نيسان، وهو ما يعني مد أجل هذا المبلغ أيضاً.
واستحق النصف الثاني من الودائع الكويتية، بقيمة ملياري دولار أيضاً، في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن البنك المركزي المصري لم يفصح عما تم بخصوصها، سواء كان سداداً، أو مداً للأجل.
وأظهر التقرير، الصادر عن البنك المركزي المصري، أيضاً مد أجل وديعة إماراتية لدى البنك المركزي المصري، كانت تستحق في النصف الأول من العام الجاري، بمبلغ 743.9 مليون دولار، ليصبح موعد استحقاقها بعد التجديد في الربع الأول من عام 2025.
وأشار التقرير إلى وجود رصيد من الودائع قصيرة الأجل، أي التي تستحق خلال الاثني عشر شهراً القادمة، يخص الدول الخليجية، السعودية والإمارات وقطر، بقيمة إجمالية 13 مليار دولار، خمسة مليارات منها لكل من الأولى والثانية، وثلاثة مليارات للأخيرة، في نهاية يونيو/حزيران 2022.
ونبه إلى وجود ودائع متوسطة وطويلة الأجل، أي أنها تستحق بعد أكثر من 12 شهراً، بإجمالي قيمة 14.961 مليار دولار، يخص الإمارات منها 5.661 مليارات، والسعودية 5.3 مليارات، بينما يتبقى للكويت 4 مليارات دولار.
وبذلك تقترب القيمة الإجمالية للودائع الخليجية المودعة لدى البنك المركزي المصري، قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، من 28 مليار دولار، بخلاف ما لهذه الدول، أو للمؤسسات المالية العاملة فيها، من استثمارات في أدوات الدين، بالعملة المحلية أو الأجنبية، التي تصدرها وزارة المالية أو البنك المركزي المصري، والتي تصل بالالتزامات المصرية تجاه الدول الخليجية الداعمة لأكثر من 40 مليار دولار، وفقاً لتقرير المركزي المصري، بالإضافة إلى ما يستحق من فوائد، تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار كل عام، وفقاً لتقديرات مدير إدارة الخزانة بأحد البنوك الخليجية العاملة في مصر.
وفي مارس/آذار الماضي، ارتفع الدين الخارجي المصري لأعلى مستوياته على الإطلاق، مسجلاً أكثر من 157 مليار دولار، بنهاية الربع الأول من العام الحالي، إلا أنه عاد وانخفض إلى 155 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران، وهو آخر رقم معلن من البنك المركزي المصري أو أي جهة حكومية مصرية.
وهذا الانخفاض "ربما يرجع إلى اختلاف التقييمات، حيث إن البنك المركزي اعتاد الإعلان عن سداد أي مبلغ، وهو ما لم نسمع به في حالة هذين المليارين".
ومع ارتفاع معدلات الفائدة الأميركية مطلع العام الحالي، ونزوح مليارات الدولارات من الأموال الساخنة من سوق الدين المصرية، باعت مصر أصولاً مملوكة لحكومتها، بعدة مليارات من الدولارات، في بعض أهم وأكبر الشركات المصرية، في محاولة للحصول على عملة أجنبية تسد بها عجز حسابها الجاري.
ودخلت الحكومة المصرية خلال الفترة نفسها في مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي، نجحت في نهايتها، الشهر الماضي، في التوصل لاتفاق على مستوى الفنيين، يسمح لها بالحصول على قرض بمبلغ 3 مليارات دولار من الصندوق، بالإضافة إلى مليار دولار أخرى للمساهمة في تخفيف أعباء ارتفاع أسعار الغذاء، حال التزامها بعدة شروط، أصر عليها الصندوق.
وتنتظر مصر اجتماع مجلس إدارة الصندوق في ديسمبر/كانون الأول، للتصديق النهائي على القرض، الذي أشار مسؤولون في الصندوق إلى أنه ربما يتم منحه لمصر على مدار الستة وأربعين شهراً القادمة، بينما قال وزير المالية المصري إن مليار دولار منه قد تصل إلى مصر قبل نهاية العام الحالي.