وجاء تعافي سعر الصرف، بعد ملاحقة تركيا ما وصفته بحملة تلاعب استهدفت العملة المحلية، بحظرها تداول الليرة على مصارف "بي.ان.بي باريبا" و"سيتي بنك" و"يو.بي.إس"، ومن ثم محادثاتها مع اليابان والمملكة المتحدة بشأن فتح خطوط مبادلة عملة، ومع قطر والصين بشأن التوسع في تسهيلات قائمة.
وبعد التحسن الجزئي لليرة، قررت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا إعفاء مؤسستي "يوروكلير" و"كليرستريم بانكينغ" من قيود معاملات الليرة التركية.
وقالت الهيئة، في بيان، إنها أعفت "يوروكلير" و"كليرستريم بانكينغ" لحفظ الأوراق المالية، من قيود معاملات الليرة التركية، موضحة أن الهدف من القرار هو منع تأثر معاملات الصكوك وشهادات الإيجار وعمليات المبادلة بالليرة التركية، وضمان تداول الأوراق المالية بالليرة التركية بشكل فعال ومثمر.
ويرى اقتصاديون أن تعافي سعر الليرة يعود لأمرين، الأول إعلان تركيا البدء بالعودة التدريجية للحياة والتحركات للتخفيف من تداعيات جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد. والثاني تراجع للتداول الخارجي بعد القيود التي فرضتها هيئة للرقابة على البنوك. وتوقف تداول الليرة على بعض المنصات الإلكترونية الخارجية.
ويؤكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل ديميريل، أن هبوط سعر الصرف الكبير، خلال الفترة الماضية، "غير مبرر وفق منطق تراجع الصادرات والسياحة، لأنه جاء على نحو سريع، ما أكد وجود تلاعب ومضاربات بالسوق".
ويضيف ديميريل، لـ"العربي الجديد"، أنه ثبت لتركيا أن بعض المصارف والمؤسسات المالية، استغلت الوضع الاقتصادي التركي خلال فترة كورونا، خاصة نسبة الفائدة المنخفضة، فسحبت القروض من المصارف التركية بسعر الفائدة الجديد وحولتها للعملات الأجنبية، خاصة الدولار، ما أثر على توازن العرض والطلب وأشعر الناس بأن ثمة مخاطر على الليرة.
وبرأي المحلل التركي أن سعر الفائدة الذي تراجع إلى 8.75% "كان فرصة أمام المضاربين للربح، كما تراجع سعر الصرف فرصة أمامهم، لأنهم سيستفيدون حين إعادة القروض للمصارف".
ويتوقع ديميريل، بعد بدء تعافي سعر الصرف، أن يخفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة، خلال اجتماع متوقع، اليوم الخميس، بنحو 100 نقطة أساس، ليتراجع سعر الفائدة من 8.75 إلى 7.75%، بعد أن كان سعر الفائدة العام الماضي 24%.
وحول الاحتياطات التي يمكن أن تتخذها تركيا لتحسين سعر صرف عملتها، يقول مدير مركز الأبحاث إن الحل الوحيد بعودة الإنتاج والتصدير واستقدام السياح.
كما أنّ "التفكير بردود أفعال على المضاربين، سواء برفع دعاوى قضائية غير مجدية، أو حتى برفع سعر الفائدة الذي سيؤثر سلباً على الاستثمار وتراجع النشاط الاقتصادي، هي مسائل ليست في صالح تركيا واقتصادها"، وفق ديميريل.
ويرى مراقبون أن الإغلاق الذي سببه وباء كورونا وضخ الحكومة التركية من أموال "200 مليار ليرة" في الأسواق للدعم الاجتماعي أو كقروض لتحفيز الإنتاج في الشركات، أضرت بسعر الصرف وزادت من معروض العملة التركية في الأسواق.
ويؤكد المراقبون أن "القصة مسألة وقت" لأن الاقتصاد التركي مرّ بنجاح من اختبار كورونا وتصدى للأزمة، ولم تشهد تركيا حالات تسريح العمالة أو نسب الفقر التي شهدتها الاقتصادات الكبرى، ما يعني أن الليرة ستعاود الانتعاش بمجرد عودة الصادرات والسياحة خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وكانت مصادر رسمية تركية قد أشارت إلى تراجع إيرادات السياحة 11.4% في الربع الأول من العام الحالي إلى 4.1 مليارات دولار، ما يدل على تراجع إيرادات السياحة التي تعول على استقطاب 52 مليون سائح هذا العام، ضمن خطتها التصاعدية لجذب 75 مليون سائح عام 2023 وإيرادات بنحو 65 مليار دولار.
كما أشار معهد الإحصاءات التركي، إلى ارتفاع عجز التجارة الخارجية، وتراجع إيرادات السياحة على خلفية تفشي وباء فيروس كورونا، إذ ارتفع بحسب المعهد التركي عجز التجارة الخارجية، خلال شهر مارس/آذار، إلى 5.39 مليارات دولار، على أساس سنوي، بعد أن انخفضت الصادرات التركية 17.8%، في حين زادت الواردات 3.1%، مقارنة بمارس/آذار 2019.