وأوضح نعمة، في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، اليوم الأحد، أن التدقيق الجنائي ستنفّذه واحدة من ثلاث شركات اختيرت في إبريل/نيسان الماضي، هي "كيه.بي.ام.جي" و"كرول" و"أوليفر ويمان"، من دون تأكيد أي منها ستنفذ التدقيق فعلياً، مضيفا أن المدقق "سيفحص كل ما يجري" لفهم أنشطة البنك المركزي.
واعتبر رئيس الحكومة، نهاية الشهر الماضي، أن "هناك غموضاً مريباً في أداء حاكم مصرف لبنان"، لافتاً إلى أن المصرف "إما عاجز أو معطل بقرار أو محرض على هذا التدهور المريب" للعملة اللبنانية والوضع النقدي.
لكن حاكم مصرف لبنان رد باستعراض أرقام تشير إلى أن المصرف المركزي لا يتحمل مسؤولية الأزمة النقدية والمالية، بل الأداء الحكومي، ونفقات الدولة، ودفع أكثر من 4 مليارات دولار لواردات غير معروفة الوجهة.
وقال سلامة، في مؤتمر صحافي يوم 29 إبريل/نيسان، إن "البنك المركزي موّل الدولة، ولكن ليس هو من صرف الأموال، وهنا يجب أن نعرف كيف صُرِفَت. الدولة والمؤسسات الدستورية والإدارية لديها مهمة في الكشف عن كيفية الإنفاق".
ويعاني لبنان من أزمة مالية شديدة في الشهور الأخيرة أدت إلى تخلّفه عن سداد ديون هائلة بالعملة الصعبة للمرة الأولى، والبدء في محادثات إعادة هيكلة أواخر مارس/آذار الماضي.
وتسببت التبعات الاقتصادية لإجراءات مكافحة تفشي فيروس كورونا في تفاقم مشاكل البلاد المتمثلة في ضعف العملة وتراجع الاحتياطات وارتفاع نسبة التضخم.
وطلبت الحكومة رسمياً مساعدة من صندوق النقد الدولي، بعد إقرار برنامج مالي واقتصادي تعتبره إصلاحياً. فيما أعلنت كريستالينا جورجيفا، مديرة الصندوق، في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، أنها أجرت مناقشات مع رئيس الوزراء اللبناني بشأن خطة التعافي الاقتصادي.
وكتبت في تغريدة على تويتر يوم الثلاثاء الماضي: "اتفقنا على أن فريقينا سيبدآن قريبا مناقشات بشأن الإصلاحات المطلوبة بشدة لاستعادة الاستدامة والنمو لصالح الشعب اللبناني".
وتعتمد إحدى الركائز الأساسية للخطة على تغطية خسائر القطاع المالي للدولة بنحو سبعين مليار دولار، من خلال إنقاذ من مساهمي البنوك والمصرف المركزي، وسيولة من كبار المودعين. بينما قالت جمعية مصارف لبنان إنها لا يمكن أن توافق "بأي حال من الأحوال" على خطة لم تجر استشارتها بشأنها.
وبات لبنان في مصاف الدول الأكثر مديونية في العالم، حيث تجاوز الدين العام أكثر من 170 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. ومع تراجع احتياطات المصرف المركزي، الذي لطالما اعتُبر عرّاب استقرار الليرة منذ عام 1997، بدأت ملامح الانهيار المتسارع منذ عام تقريباً مع أزمة سيولة حادة وشح في الدولار.
وفرضت المصارف، منذ نهاية الصيف الماضي، قيوداً على سحب الدولار وتحويل الأموال. وتزامن ذلك مع انهيار الليرة التي لامس سعر صرفها مقابل الدولار عتبة الأربعة آلاف في السوق السوداء الشهر الحالي، بينما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات.