تحذيرات من كارثة اقتصادية أميركية بسبب كورونا: الأسوأ آت

16 ابريل 2020
توقعات بانكماش كبير في الاقتصاد الأميركي (Getty)
+ الخط -

بدأ حجم الكارثة الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة، يظهر مع تعاقب المؤشرات المقلقة التي تفيد عن تراجع النشاط، وتدني عائدات الشركات في أكبر قوة اقتصادية في العالم.


ورسمت مصارف "بنك أوف أميركا" و"سيتي غروب" و"غولدمان ساكس" صورة قاتمة للاقتصاد الأميركي المتضرر جراء تفشي وباء "كوفيد-19"، وخصصت مليارات الدولارات لتغطية مبالغ كبيرة لقروض لأفراد وشركات تتوقع تعثرها. وبعثت المصارف الثلاثة رسالة مماثلة لتلك التي وزعها سابقاً مصرفا "جاي بي مورغان تشايس" و"ويلز فارغو" للتذكير بأنّ الأسوأ آت.

وبعد 12 عاماً على الأزمة المالية، أكدت المصارف أنّ لديها سيولة كافية للصمود أمام الأزمة الصحية الحالية. وخصص "بنك أوف أميركا" 4.8 مليارات دولار، أعلى مبلغ منذ 2010، ما يساهم في تراجع أرباحها الصافية 48.4% إلى 3.5 مليارات في الفصل الأول من السنة. ويشمل المبلغ 1.1 مليار دولار لقروض الشركات غير المسددة.

وتراجعت أرباح "سيتي غروب" 46.6% إلى 2.5 مليار دولار بعد اعتماد بقيمة سبعة مليارات دولار لتغطية حالات التخلف عن السداد المستقبلية للعملاء. وأعلن مديره العام مايكل كوربات، أن "نتائجنا خلال الفصل الأول تأثرت كثيراً جراء فيروس كورونا الجديد".


ويضع "سيتي غروب" سيناريوهات داخلية مختلفة لتدهور الاقتصاد مع معدل بطالة مفترض يصل إلى 15% وانكماش لإجمالي الناتج الداخلي بنسبة 40%. وينوي المصرف خفض نفقات التسويق لمواجهة الأزمة بعد تراجع استخدام العملاء لبطاقات الائتمان 30%. والدليل على فداحة الأضرار اضطرار "غولدمان ساكس" لتخصيص 937 مليون دولار، أي أكثر بأربع مرات من المبلغ الذي اعتبره ضروريا قبل عام، تحسبا لتخلف بعض العملاء عن السداد.

وتعثر الاستهلاك الذي يشكل محرك النمو الأميركي، منذ مارس/ آذار، مع بدء انتشار وباء "كوفيد-19" في الولايات المتحدة ودعوة السكان تدريجياً إلى لزوم منازلهم سعياً لاحتوائه.

وأعلنت وزارة التجارة، أمس الأربعاء، تراجع مبيعات التجزئة بنسبة 8.7% عن فبراير/شباط. وهبطت مبيعات محلات الملابس واللوازم إلى النصف، في وقت بات قسم كبير من الناس يعملون في منازلهم وأغلقت العديد من المتاجر.

كما طاولت الأزمة المطاعم والحانات التي اضطر العديد منها إلى إغلاق أبوابه، في شهر مارس/ آذار، فتراجعت عائداتها بنسبة 26.5%. أما متاجر الأغذية والمشروبات التي واصلت العمل لاعتبارها أساسية، فازدادت مبيعاتها بنسبة 26.5%.


من جهته، ذكر الاحتياطي الفدرالي الأميركي، في تقرير، أمس الأربعاء، أنّ النشاط الاقتصادي الأميركي "تقلص بشكل حاد ومفاجئ" نتيجة تدابير الحجر المنزلي. والقطاعات الأكثر تضرراً هي قطاعات الترفيه والفنادق، فضلاً عن البيع بالتجزئة (باستثناء المنتجات الأساسية)، وفق الدراسة التي أجريت لدى شركات أميركية تم استطلاعها قبل 6 إبريل/ نيسان. وأورد البنك المركزي الأميركي أنّ الشركات "تتوقع بمعظمها تدهور الأوضاع خلال الأشهر القادمة".

وحذر كبير الخبراء الاقتصاديين في الاتحاد الوطني لبيع التجزئة جاك كلاينهنز، من أنه "حتى إذا عاود الاقتصاد العمل في مايو/ أيار، فإنّ المستهلكين سيحتاجون إلى وقت لتكييف سلوكهم. طريق معاودة النشاط قد يكون طويلاً وبطيئاً".

ويتوقع المحللون في معهد "أوكسفورد إيكونوميكس"، أن يتراجع إنفاق العائلات في الفصل الثاني من السنة بمرتين عما كان عليه في الربع ذاته من العام الماضي، في حين يمثل استهلاك الأسر 70% من إجمالي الناتج الداخلي الأميركي. المصانع أيضاً أغلقت تدريجياً أو أبطأت وتيرة عملها، الشهر الماضي، وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.4% عن مستوى شباط/فبراير، بحسب بيانات الاحتياطي الفدرالي.

وأوضح الاحتياطي الفدرالي، في تقريره، أن هذا أكبر تراجع يسجل منذ يناير/ كانون الثاني 1946، مشيراً إلى أن "معظم الصناعات الكبرى سجلت تراجعاً، وأكبر تراجع يتعلق بالسيارات وقطعها".


وفي منطقة نيويورك، بؤرة الوباء في الولايات المتحدة، تراجع النشاط الصناعي في مطلع إبريل/ نيسان، إلى أدنى مستوياته التاريخية، بحسب ما أعلن فرع الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، أمس الأربعاء.

وتزداد البطالة بشكل متواصل في الولايات المتحدة، منذ منتصف مارس/ آذار، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة. فبعدما كان سوق العمل يسجل أفضل مؤشرات منذ خمسين عاماً، انهار في ثلاثة أسابيع فقط مع اضطرار 16.7 مليون شخص إلى تقديم طلبات للحصول على مساعدات بطالة.

وتوقع الاحتياطي الفدرالي، في تقريره، أن تواصل البطالة ارتفاعها. والوضع سيئ في جميع المناطق، وتلجأ الشركات إلى تدابير "تسريح مؤقت" ومنح عطل، وهي تأمل بالعودة إلى ظروف طبيعية حين يُستأنف النشاط. وحذرت المصارف الأميركية الكبرى من أنها تتوقع تخلف عدد من الأشخاص والشركات عن سداد أقساط قروض.


ومن المفترض أن تساعد خطة المساعدة الفدرالية الضخمة البالغة قيمتها 2200 مليار دولار، الاقتصاد الأول في العالم على تخطي هذه الأزمة غير المسبوقة. وبدأت الأسر بتلقي شيكات من الحكومة بقيمة 3400 دولار مثلاً لعائلة من بالغين وولدين.

كما وضعت سيولة على شكل قروض في تصرف الشركات، ولا سيما المتوسطة والصغرى، من خلال عدة آليات، حتى تتمكن من الاستمرار في دفع رواتب موظفيها وتتفادى تسريحهم.
وبلغت الحصيلة اليومية لفيروس كورونا الجديد، أمس الأربعاء، في الولايات المتحدة 27085 وفاة و614482 إصابة، وفق تعداد رسمي أعلنته جامعة جونز هوبكنز الأميركية.

(رويترز، فرانس برس)

المساهمون