يقول الجويني (49 عاماً): "إن أزمة فيروس كورونا أثرت كثيراً بتجارتنا. أصبحنا أحياناً ننتظر ثلاثة أو أربعة أيام لنبيع قطعة واحدة. التكاليف أعلى بكثير من المداخيل".
ومتجر الجويني المليء بالفخار المطلي والأردية التقليدية والبطاقات البريدية، ليس الوحيد الذي يواجه أوقاتاً عصيبة في مدينة الحمامات، حيث تمتد الفنادق على طول الشاطئ الرملي للمدينة الجاذبة للسياح الأجانب.
ولم يكن من الصعب إحصاء العدد القليل من السياح الذين يعبرون على الرصيف قبالة الشاطئ. ويقول السائح الفرنسي المتقاعد هنري سافاري: "أنا هنا لأني أحب الحياة ولا أخشى الموت. سأقضي أسبوعاً في هذا المكان الجميل. خضعنا لمراقبة صحية صارمة في المطار. الفندق الذي أقيم فيه جميل ونظيف، ولا شيء يدعو للهلع".
وعلى بعد أمتار قليلة، كانت عربات تجرها الخيول مصطفة تنتظر زبائنها، وكانت الحركة في منتجع ياسمين الحمامات بطيئة جداً، بما يدل على حجم المصاعب التي يواجهها قطاع السياحة الحيوي في تونس.
وفوق عربة تجرها الخيول، ينتظر رمضان الجلاصي رزقاً لم يعد سهلاً، في ظل شحّ أعداد السياح بسبب فيروس كورونا، ويقول الرجل، وهو أب لثلاثة أبناء، إنه لا يكسب سوى عشرة دنانير(3.5 دولارات) في اليوم.
كانت تونس تستعد لموسم سياحي قياسي، وتأمل أن يعوّض ذلك حالة الوهن في أوجه أخرى من الاقتصاد العليل.
لكن رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ قال الأسبوع الماضي إن حكومته خفضت توقعات النمو الاقتصادي إلى واحد بالمئة من 2.7 بالمئة، مشيراً إلى فيروس كورونا من بين أسباب التراجع المتوقع.
وفي ضربة أخرى لقطاع السياحة، أعلنت تونس أنها ستطلب من جميع الوافدين من كل دول العالم دون استثناء العزل الذاتي لمدة أسبوعين.
وفي الأسبوع الماضي، رحّلت السلطات 15 سائحاً إيطالياً رفضوا الاستجابة لقرار العزل الذاتي.
حتى يوم السبت، أكدت تونس 18 حالة إصابة بفيروس كورونا، معظمها لوافدين حديثاً من الخارج.
ولمنع تفشي الفيروس، أغلقت تونس المدارس وحظرت الصلوات في المساجد وقررت إغلاق المقاهي بحلول الساعة الرابعة عصراً يومياً.
كما أغلق البلد، كذلك أُغلقَت حدوده البحرية أمام المسافرين من جميع البلدان، وأوقفت الرحلات الجوية من إيطاليا وإليها، وقلصت رحلات أخرى مع العديد من البلدان.
ويقول سمير نصير، المدير العام لفندق صدر بعل، أحد أفخم الفنادق في منتجع الحمامات، إن معدل إشغال الفندق حالياً يصل 15 بالمئة، أي نحو ربع المستوى المعتاد في مثل هذا الوقت، مضيفاً: "لا يخفى أن هناك ركوداً. أُلغي العديد من الحجوزات بسبب هذا الفيروس".
ويتابع: "لكن مع ذلك، لا نخطط في إدارة الفندق لتسريح موظفينا. فقط قد نضطر إلى تأجيل توقيع عقود العمال (المؤقتين) في الصيف إذا استمرت أزمة كورونا".
وعلى عكس هذا الفندق الفخم الذي يركز جهوده على سياحة النخبة ويستقبل عادة زواراً من كبار الضيوف والمشاهير، فإن كثيراً من الفنادق الأخرى في منتجعات الحمامات وسوسة وجربة والمهدية والمنستير ستضطر إلى التخلي عن عدد من موظفيها.
ورغم تراجع عدد السياح، ما زال نصير متفائلاً بتدفقهم من جديد وأن يستعيد القطاع بريقه بعد أن تنقشع الأزمة التي سببت شللاً كبيراً في اقتصادات العديد من دول العالم.
ويمضي بالقول: "ما زلت متفائلاً بأن تنتهي الأزمة في نهاية مايو/أيار المقبل أو يوليو/تموز، وبأن يعود السياح في الصيف، وقد تكون انطلاقة قوية في موسم الذروة".
وفي العام الماضي استقبلت تونس تسعة ملايين سائح للمرة الأولى، وبلغت الإيرادات نحو ملياري دولار، وكانت تأمل أن تستمر الانتعاشة.
لكن في ظل توقعات استمرار القيود على السفر والمخاوف العالمية، يبدو أن من الصعب أن تبلغ تونس هدفها لاستقبال عشرة ملايين سائح هذا العام.
وقال وزير السياحة محمد علي التومي إن هناك تباطؤاً في توافد السياح، وإن الحجوزات توقفت منذ أسبوعين بسبب فيروس كورونا.
وسبّب الانهيار الذي أعقب هجمات 2015 تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.5 بالمئة في ذلك العام، من ثلاثة بالمئة كانت متوقعة.
وتفاقمت بسبب ذلك مصاعب الاقتصاد التونسي لتتهاوى قيمة العملة المحلية ويتراجع احتياطي العملة الصعبة تراجعاً حاداً.
عقب ذلك، وقّعت تونس اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي لبرنامج تمويل بقيمة 2.8 مليار دولار ينتهي في إبريل/نيسان المقبل، وتريد الحكومة التونسية التفاوض على برنامج جديد.
(رويترز)