الجزائر: نقص الحليب أول أزمة معيشية تواجه الحكومة الجديدة

31 يناير 2020
الشارع يترقب تحسن الأوضاع الاقتصادية (Getty)
+ الخط -

 

عاد الجزائريون للاصطفاف في طوابير طويلة، ليظفر المحظوظون منهم بكيس حليب مدعَّم أو أكثر، خلال الفترة الأخيرة، بسبب ندرته في الأسواق.

ويأتي ذلك عقب تنصيب أول حكومة في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، التي وجدت نفسها أمام أول امتحان حقيقي، لامتصاص ضغط الشارع الساخط من تدهور الأوضاع المعيشية.

مع الساعات الأولى لفجر كل يوم، يُبكر الجزائريون، منذ أسابيع، للوقوف في طوابير للحصول على كيس حليب، مشكّلين مشهداً يعبّر عن أزمة ليست عابرة تمرّ بها البلاد. وعلى غير العادة، دخلت حكومة عبد العزيز جراد على خط أزمة "الحليب المدعَّم"، بلغة التهديد والوعيد، حيث تعهد وزير التجارة كمال رزيق، بـ"محاربة مافيا الحليب" التي تجذرت في سوق التوزيع، وأن الدولة عازمة على اجتثاثها بكل الوسائل المتاحة".
وفي السياق، كشف مصدر مسؤول في وزارة التجارة الجزائرية لـ"العربي الجديد" أن "الوزارة قررت وضع فرق مراقبة داخل المعامل الحكومية المقدَّر عددها بـ17 معمل لبن، بالإضافة إلى إرسال فرق مراقبة لـ102 معمل لبن خاص، وذلك بالتنسيق مع الديوان المهني للحليب الذي يشرف على توزيع مسحوق الحليب المدعم، وذلك لتحديد كميات الحليب المنتجة".

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "وزارة التجارة مع وزارة الزراعة بصدد وضع نظام معلوماتي رقمي، لتتبع دورة إنتاج الحليب بطريقة دقيقة، معتمدتَين على شركات مختصة في جمع البيانات".
وتدعم الدولة سعر الحليب بقرابة 15 ديناراً، حيث حدد سعر الكيس الواحد من سعة لترٍ واحدٍ بـ25 ديناراً (22 سنتاً أميركياً)، فيما يبلغ سعر الحليب غير المدعم ما بين 40 و100 دينار، حسب النوعية.

وتراوح أزمة الحليب في الجزائر مكانها بسبب عدم رفع الإنتاج، في ظل زيادة الاستهلاك السنوي، وكان الديوان المهني للحليب (حكومي) قد ذكر أنّ الجزائر تحتاج إلى نحو 5 مليارات لتر من الحليب سنوياً، بينما الإنتاج المحلي لنحو مائة وسبعة عشر مركز إنتاج موزعة على 48 محافظة، لا يتجاوز 800 مليون لتر.

وسبب ذلك، حسب المنتجين، تقليص حصة المصانع من مسحوق الحليب الذي يمنحه الديوان الجزائري للمنتجين وفق كميات محددة سابقاً، وبأسعار مدعّمة من خزينة الدولة، في وقت استوردت فيه البلاد السنة الماضية ما قيمته 1.46 مليار دولار من مسحوق الحليب.

إلى ذلك، قال رئيس اللجنة الجزائرية لموزعي الحليب، أمين بلور، لـ"العربي الجديد"، إن "الموزعين هم تجار وليسوا عصابات، الوزير مطالب في تصريحاته الإعلامية المقبلة، بتحديد أطراف العصابة، هناك أطراف داخل الملبنات (معامل الألبان) تبيع مسحوق الحليب المدعّم لمصانع الأجبان التي تستفيد من دعم الدولة". وأضاف أن "هناك من الملبنات من تحول ثلثي مسحوق الحليب لصناعة مشتقات الحليب بطرق ملتوية وبعيداً عن الرقابة، وبالتالي كميات الحليب الموجهة للبيع تقل، واليوم من يتحمل المسؤولية هم الموزعون". وتابع المتحدث نفسه: "نحن نطالب برفع هامش ربح الموزعين المقدر بدينار واحد في الكيس من سعة لترٍ واحدٍ، وإلا فسنشلّ عملية توزيع الحليب".

من جانبهم، يعزو المنتجون أزمة غياب الحليب في المحلات والأسواق التجارية، إلى تقليص حصة المصانع من مسحوق الحليب المدعم. ويقول مالك مصنع للحليب في محافظة المدية جنوب العاصمة، عمار سكاربي، لـ"العربي الجديد" إن كميته من مسحوق الحليب قُلصت منذ سبتمبر/ أيلول الماضي بنحو 20%، وبالتالي إن طاقة إنتاج مصنعه تراجعت من 500 ألف لتر يومياً إلى 350 ألف لتر يومياً.

وحسب ممثل فيدرالية منتجي الحليب، سمير صديقي، فإن الكميات التي تمنح للمصانع، انخفضت مرة أخرى، بعد أن أبلغ الديوان الجزائري للحليب جميع المصانع أن الكميات الممنوحة تقلصت بنحو 15% ابتداءً من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ما يعني أن أزمة ندرة الحليب المجفف ستتفاقم في الأيام القادمة. وأضاف صديقي لـ"العربي الجديد" أن "وزير التجارة مطالب بكشف الحقيقة وأن لا يشوه الجميع بتصريحاته، ويجب أن يستمع إلى جميع حلقات سلسلة الإنتاج".

وفي خضمّ حرب التصريحات وتبادل الاتهامات بين الجهات الرسمية ومنتجي الحليب، وجد المواطن الذي يستهلك 160 لتراً سنوياً، حسب تقارير رسمية، نفسه وحيداً يدفع ثمن الأزمة.

ودخلت جمعية حماية المستهلك في الجزائر على خط الأزمة، بعدما طالب رئيس الجمعية مصطفى زبدي، الجزائريين بمقاطعة شراء الحليب لأسبوعين. وحسب إحصائيات رسمية، سجل التضخم ارتفاعاً بنسبة 2.3 في المائة خلال الربع الأول من العام الماضي، وبلغ التضخم على أساس سنوي 4.1 في المائة، خلال شهر مارس/ آذار 2019.

دلالات
المساهمون