شكوك بشأن النفط السعودي والأسعار قد تقفز فوق 70 دولاراً

25 سبتمبر 2019
طرح أرامكو قد لا يتم بسبب الهجوم الحوثي (Getty)
+ الخط -
على الرغم من أن أسعار النفط ظلت تتأرجح في هامش ضيق بين 63 و64 دولاراً للبرميل طوال الأيام الماضية بعد ارتفاعها الجنوني في أعقاب الهجوم الحوثي على منشأتي النفط السعوديتين وبلوغها سقف 72 دولاراً، إلا أن مصارف ومحللين نفطيين يرون أن هذا الهدوء ربما لا يستمر طويلاً ما لم تظهر شركة أرامكو خطوات عملية تؤكد استعادتها الطاقة الإنتاجية المعطلة والبالغة 5.7 ملايين برميل يومياً، وفقاً للجدول الذي أعلنت عنه، وما لم يتوصل العالم إلى تسوية لقضايا التوتر العسكري بين إيران وواشنطن من جهة، ووقف الحرب السعودية الإماراتية على اليمن من جهة أخرى.

وتتركز أنظار المستثمرين في أسواق الطاقة حالياً على الاجتماعات الجانبية التي تعقد في نيويورك على هامش الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة وما يرشح عنها بشأن الرد الأميركي على إيران التي تتهمها كل من واشنطن ولندن وبرلين بأنها وراء الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين، بينما ترفض الحكومة الإيرانية هذه الاتهامات.

وعلى الرغم من أن كلاً من واشنطن والرياض وطهران لا ترغب في الحرب، إلا أن الوضع الأمني الهش بالمنطقة ربما يقود إلى أخطاء غير محسوبة.

في هذا الشأن، قال المحلل النفطي، سابري هازريكا، لنشرة "أكسبريس تايمز ويلث"، الهندية، أول من أمس الأثنين، إن "السوق النفطية قلقة من احتمال تعرض المنشآت النفطية السعودية لهجوم في المستقبل، لأن الحماية الأمنية بالسعودية ضعيفة". وبالتالي يلاحظ أن زبائن السعودية في آسيا يبحثون عن بدائل، كما أن هناك صعوبة في تلبية أرامكو لعقود النفط العربي الخفيف لبعض المصافي في آسيا.

وعلى صعيد إصلاح الأعطال داخل منشأتي أرامكو والتأكيدات السعودية، أبدى مقاولون شكوكاً كبيرة حول إمكانية عودة الطاقة النفطية السعودية إلى ما كانت عليه قبل الهجوم الحوثي، حسب الجدول السعودي، رغم تواتر التصريحات السعودية التي تنقلها وكالة رويترز.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، يرى مسؤولون سعوديون ومقاولون نفطيون أن إصلاح منشآت أرامكو قد يستغرق 8 أشهر بدلاً مما أعلنت عنه الشركة سابقاً وهو 10 أسابيع. وأضافوا في تصريحات نقلتها الصحيفة، يوم الأحد: "قد يستغرق بعض المقاولين مدة تصل إلى عام لتصنيع وتسليم وتركيب قطع الغيار والمعدات حسب المقاسات المطلوبة من قبل أرامكو".

من جانبه، قال مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، في مذكرة للعملاء: "ليس من المستبعد تصور سيناريو تكون فيه السعودية خسرت كميات من النفط أكبر من تلك المعلنة".
وأضاف المصرف الأميركي: "حتى الآن يتاجر المضاربون على أسعار النفط على أساس أن كميات النفط السعودية التي تعرضت للأعطال تراوح بين 40 و80 مليون برميل، لكن من الممكن أن تكون الكميات التي تعرضت للأعطال تفوق 100 مليون برميل".

وقال المصرف في تحليله، إن أي تأخير في إصلاح الأعطال عن الموعد الذي حددته أرامكو سيرفع أسعار خام برنت فوق 70 دولاراً، لكن المصرف لم يعدل توقعاته لسعر النفط التي وضع لها 60 دولاراً للبرميل في العام 2020، لكنه ترك الباب مفتوحاً لارتفاع الأسعار بسبب الأخطار الجيوسياسية والتوترات العسكرية بالمنطقة الخليجية الغنية بالنفط.

من جانبه، قال محلل الطاقة بمصرف "كوميرتس بانك" الألماني، كارستن فيرتش، في مذكرة للعملاء: "هناك شكوك متزايدة بشأن ما إذا كانت السعودية تستطيع تعويض الفاقد النفطي من الهجوم الحوثي بالسرعة التي أعلنت عنها، كما أن مخاطر المواجهة العسكرية ليست بسيطة". وأضاف فيرتش: "في رأينا أن هذه المخاطر ربما تضيف 5 دولارات لسعر النفط".

ولاحظ مراقبون تناقضاً في التصريحات التي تتناقلها رويترز عن المصادر السعودية بشأن طرح حصة من أسهم أرامكو الذي يعد من أهم مؤشرات عافية النفط السعودي، إذ بينما قالت الوكالة في الأسبوع الماضي إن طرح أرامكو سيمضي كما هو مخطط له، نسبت رويترز، أمس، إلى مصدرين مطلعين اطلاعا مباشراً على وجهة النظر داخل أرامكو السعودية، قولهما: "إن من المستبعد أن تدرج المملكة شركتها النفطية العملاقة المملوكة للدولة هذا العام بعد هجوم جرى في وقت سابق من الشهر الجاري على منشأتي نفط تابعتين لها".
وحسب محللين، فإن قلق السوق العالمية ليس فقط بسبب تعطل الإمدادات لفترة وجيزة، لأن ذلك يمكن تغطيته من خلال المخزونات النفطية السعودية في داخل المملكة وخارجها والمقدرة بكميات تراوح بين 130 و188 مليون برميل، ولكن القلق يمتد كذلك إلى الطاقة الاحتياطية الفائضة لدى السعودية والتي تقدر بنحو مليوني برميل يومياً. وهذه الطاقة الفائضة هي التي كانت تستخدم في أوقات الحروب والأزمات لتطمين الأسواق.

وحتى الآن ساهم تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي الذي قلل من الطلب على النفط والاحتياطات النفطية السعودية في داخل المملكة وخارجها إضافة إلى التطمينات التي صدرت من الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية، بأنها على استعداد لضخ كميات من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي في تهدئة أسواق النفط.

وما يقلق أسواق الطاقة أن هذا الهجوم أثبت السهولة التي يمكن أن يشل بها إنتاج النفط أو ربما تدميره بواسطة طائرات مسيرة لا يتجاوز ثمنها 150 ألف دولار، حسب كبير الباحثين بمؤسسة "باكس" الهولندية زويجن بيرغ. وبالتالي ما لم تعالج الأزمات الجيوسياسية والحروب بمنطقة الخليج الغنية بالنفط، فإن إمدادات العالم النفطية ستظل تحت التهديد.

يذكر أن أسعار النفط تراجعت قليلاً، أمس الثلاثاء، حيث هبطت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 40 سنتاً إلى 64.37 دولاراً للبرميل، بينما بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 58.31 دولاراً، منخفضة 33 سنتاً.

المساهمون