17% تراجع الدينار الجزائري أمام الدولار بعد تعيين بن صالح

11 ابريل 2019
إغراق الأسواق بالسلع الغذائية (فرانس برس)
+ الخط -
تفاعل الدينار الجزائري سلباً مع دخول البلاد مرحلة انتقالية، بتعيين رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، رئيساً للدولة لمدة 90 يوماً، حيث فقدت العملة الوطنية جزءاً من قيمتها، غداة بداية حكمه الانتقالي

وخلال التعاملات الرسمية في صباح الأربعاء، فقد الدينار قرابة 17 في المائة أمام الدولار، حيث بلغ سعر صرف العملة الأميركية 119.80 ديناراً، و135 ديناراً أمام العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، أي بتراجع بلغ ديناراً واحداً مقارنة بالتعاملات الرسمية ليوم الأربعاء 3 إبريل/نيسان.

في المقابل، تماسك الدينار غداة استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في التعاملات الرسمية في البنوك، إذ بلغ الدولار الواحد 119 ديناراً، واليورو 134 ديناراً.

وحسب الخبير الاقتصادي فرحات علي، فإن تفاعل الدينار مع الأحداث السياسية، بحجم تعيين رئيس مؤقت لتسيير البلاد وسط الحراك الشعبي، جاء منطقيا، وذلك بعد صمود قيمة الدينار بفعل تدخّل المركزي الجزائري الذي يسير التعويم الإداري للدينار، تماشياً مع الوضعية المالية للبلاد.

وأضاف علي، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن "المركزي الجزائري استغل التطورات السياسية، لتعويم قيمة الدينار، وامتصاص التضخم الذي خلّفته عملية طبع ما يعادل 60 مليار دولار، وكبح فاتورة الواردات التي ينتظر ارتفاعها هذه السنة، بعد تحرير عمليات ولوج السلع والخدمات إلى البلاد".

وفي السياق ذاته، سارت أسواق صرف العملات في السوق السوداء، التي تفاعلت هي الأخرى مع التطورات التي تعيشها الجزائر، بعد تنصيب بن صالح، وقفز سعر صرف الدولار من 190 إلى 193 ديناراً، وإلى 213 ديناراً أمام العملة الأوروبية الموحدة "اليورو".

وسبق لسوق العملة السوداء أن انفجرت عقب بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، متأثرة بالضغط الذي خلّفه ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية. حيث ارتفع سعر صرف العملة الأميركية من 185 ديناراً للدولار مطلع فبراير/شباط الماضي إلى 192 ديناراً عند بداية شهر مارس/آذار.
أما بالنسبة للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، فقد قفزت من 205 دنانير إلى 214 ديناراً. في حين استقر الجنيه الإسترليني تقريباً عند 224 ديناراً بعدما كان عند 218 دينارا، قبل أن يتراجع مطلع نيسان/إبريل الحالي.

وأرجع تجار العملة تراجع الدينار أمام العملات الأجنبية إلى ارتفاع الطلب، مقابل تراجع العرض، بسب تزامن الحراك مع تحرير عمليات الاستيراد، حيث يرفع المستوردون الطلب على العملات في ظل أزمة السيولة التي تعاني منها البنوك.

وقال الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لدى الحكومة الجزائرية، عبد الرحمان مبتول، إن "سيناريو 2011 مرجح تكراره بقوة، فالكل يتذكر أن البلاد عاشت أزمة نقص سيولة من العملة المحلية بعد ارتفاع الطلب على الدينار في البنوك، حيث سحب الجزائريون أموالهم خوفاً من وصول حراك "الربيع العربي" إليهم وفضّلوا تحويلها إلى العملات الصعبة.

وقابل هذا التوجه ضعف احتياطات البنك المركزي ما دفع البنوك إلى تقييد ما يتم إخراجه من أرصدة العملاء، وإلزام الموظفين بتلقي الرواتب على دفعتين".

وأضاف الخبير الاقتصادي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "إجمالاً، فإن المتعاملين في السوق الموازية وأصحاب الثروات وأصحاب الأموال المغسولة المجمعة من المخدرات والتهريب، يفضلون الادخار بالعملة الصعبة كملاذ آمن، مما يغذي الطلب على أي كمية من اليورو أو الدولار، وبأي ثمن".

ويقدّر خبراء اقتصاد حجم الأموال المتداولة في الاقتصاد الموازي فوق عتبة 40 مليار دولار، فيما تشير آخر الأرقام الصادرة عن رئيس الحكومة المستقيل، أحمد أويحيى، إلى أن حجم الاقتصاد الموازي لا يتعدى 30 مليار دولار. في حين من المتوقع أن ينخفض الاحتياطي النقدي إلى 67 مليار دولار هذا العام، من 177 مليار دولار في عام 2014.

بدورها، بدت أسواق السلع الجزائرية، بعد الساعات الأولى من تعيين عبد القادر بن صالح رئيساً للدولة الجزائرية، مستقرة، بسبب توافر العرض السلعي.

وأرجع مصطفى زبدي، رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، هذا الاستقرار لعدة أسباب "أولها هيكلية، وهي مداومة الأسواق الكبرى على العمل بشكل اعتيادي، رغم استمرار الحراك في الشارع. وثانيا، وهذا هو المهم، هو مواصلة المنتجين من مزارعين ومصنعين عملية ضخ السلع في الأسواق بطريقة عادية، وهو ما يحسب لهم، حيث ساعدوا على كبح المضاربة".

وأشار زبدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الأسواق حافظت على استقرارها منذ بداية الحراك، لكن بدأت مرحلة الحسم، حيث سيبدأ الضغط عليها مع اقتراب شهر رمضان، وتواصل حراك الشارع الرافض لاسم بن صالح لقيادة الدولة، وسننتظر الأيام المقبلة لمراقبة تفاعل الأسواق مع هذه التطورات الحاصلة".

وكانت الحكومة الجزائرية قد اتخذت جملة من الإجراءات تماشياً مع المرحلة الحالية، وتحضيراً لشهر رمضان، حيث قررت إغراق الأسواق بالسلع الاستهلاكية، ومضاعفة عدد عناصر المراقبة، بالإضافة إلى تسقيف هامش ربح السلع واسعة الاستهلاك عند 10 في المائة.
المساهمون