التاجر طاهر حسين، قال لـ"العربي الجديد" إن الدولار جرى تداوله يوم الأربعاء في سوق الصرافين عند العاشرة صباحاً بسعر 2170 ليرة، ثم ما لبث أن ارتفع بعد الظهر إلى 2190 ليرة وبعدها إلى 2250 ليرة في وقت لاحق، في وقت يعيش البلد فراغاً حكومياً يتمثل بوجود حكومة مستقيلة لا تمارس حتى تصريف الأعمال، ولا تأتي بحركة لضبط الأسواق المتفلتة من أي رقابة أو محاسبة، والعجز عن تكليف شخصية غير سعد الحريري المستقيل لتشكيل الحكومة العتيدة.
وفيما يقف المسؤولون عن تطبيق سياسة سعر صرف العملة الوطنية من خلال ضخ كمية من الدولارات يبدو أنها إما مفقودة أو مقيّدة، وحيث إن المصارف لا تزوّد عملاءها بما يكفي من الدولارات من أجل تسيير أعمالهم، برز الأربعاء موقف لرئيس مجلس النواب نبيه برّي طالب فيه "بإعادة أموال البنوك التي أرسلت إلى الخارج والمقدرة بمليارات الدولارات"، ورأى "أن الوضع الاقتصادي المالي قابل للتحسن بمجرد وجود حكومة، وأمامنا أسابيع وليس أشهراً".
وقال بري إن "الوضع في غاية الخطورة ولا مجال للترف"، مستغرباً "عدم قيام الحكومة بواجباتها"، في حين أن "الضرورات تفرض اجتماع الحكومة لتسيير أمور البلاد، وأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطير يتطلب اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع".
في غضون ذلك، نفذ قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اعتصاماً أمام "جمعية مصارف لبنان"، رافعين شعارات ضد المصارف والطبقة السياسية، مع توضيح أن معركتهم ليست مع الموظفين بل مع أصحاب المصارف ومديريها التنفيذيين الذين يخالفون الأصول المنصوص عنها في "قانون النقد والتسليف".
وفي السياق جاءت دعوة رئيس "مجلس الأعمال اللبناني - العماني"، شادي مسعد، الذي دعا في بيان الأربعاء، إلى "إقرار فوري لقانون مراقبة وضبط حركة الرساميل Capital Control، لوضع حد للفوضى القائمة حالياً على مستوى تحويل الأموال إلى الخارج، وإرساء المساواة بين الناس على مستوى الإجراءات المالية".
وطالب بانعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب ليكون قانون "الكابيتال كونترول" على رأس لائحة القوانين المطلوب تمريرها، خصوصاً أن "إقرار مثل هذا القانون، لا يضمن عدم هروب الرساميل فحسب، بل يسمح كذلك بالبدء باتخاذ إجراءات داخلية حيوية في هذه المرحلة، مثل خفض أسعار الفوائد وإعادة تنظيم فتح الاعتمادات واستقبال تحويلات خارجية".
إضراب الهيئات
وبعدما سرت تساؤلات عن موقف "جمعية مصارف لبنان" حيال جدوى إضراب الهيئات الاقتصادية الذي كان مقرراً بين غد الخميس والسبت المقبل، برز تباين كبير بين موقف أرباب العمل والعمال حيال الإضراب العام والإقفال التام، ما دفع بالهيئات إلى تعليق الإضراب.
فقد أصدرت الهيئات بياناً قررت فيه تعليق الإضراب العام، على أن تعقد اجتماعا مطلع الأسبوع المقبل لاتخاذ الخطوات المناسبة، وذلك "بعد المراجعات الكثيرة، التي تلقتها حول حاجة المؤسسات الخاصة لكل يوم عمل لتغطية مصاريفها التشغيلية بعد الخسائر الكبيرة التي تتكبدها وتهدد وجودها، وتجنباً لحصول نتائج معاكسة للأهداف المرسومة للإضراب، وحفاظا على استمرار المؤسسات الخاصة وموظفيها في العمل والإنتاج خدمة للاقتصاد الوطني في ظل الظروف البالغة الصعوبة التي يمر فيها بلدنا".
ومن مبررات إلغاء الإضراب أيضاً "تزامنه في 28 و29 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري مع مواعيد دفع الرواتب للموظفين والعمال العاملين لدى المؤسسات الخاصة وأهمية هذا الأمر لتأمين حاجاتهم الحياتية، وكذلك لتزامن الإضراب مع أيام التسوق Black Friday، وبعد التشاور مع قيادة الاتحاد العمالي العام حول ضرورة التنسيق والتعاون بين شركاء الإنتاج في ما خص الأمور ذات الاهتمام المشترك، وبعد التمني على جمعية مصارف لبنان ضرورة انسجام موقفها مع موقف الهيئات الاقتصادية".
فقد عقدت هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان اجتماعاً، في إطار اجتماعاتها المفتوحة، وبعد مناقشة جدول الأعمال أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن الإضراب الذي كان الهيئات دعت إليه قبل أن تعود وتلغيه، وكذلك قطع الطرق أمام المواطنين وحرمانهم من التنقل وما سبق ذلك من إقفال للمصارف وأبواب الجامعات والمدارس الخاصة والرسمية، إنما يساهم في ضرب الاقتصاد الوطني. كما أن دخول الصناعيين في هذا الإضراب ولمدة ثلاثة أيام يضرب ما دعونا إليه دائما من تشجيع للصناعة الوطنية وكف يد الوكالات الحصرية عن التمادي في الاحتكار.
كما رأى الاتحاد أن ما يجرى من صرف تعسفي للعمال والموظفين في عدد واسع من القطاعات جماعيا وإفراديا بأنه أمر خطير، ولا يمكن قبول التحجج بظرف طارئ لا يتجاوز الشهر ونصف للقيام بهذه الحملة الواسعة النطاق وعلى المؤسسات الأساسية أن تتحمل عمالها وموظفيها في ظروف الأزمة حيث تحملوها في أوقات البحبوحة في السابق من دون أن تصحح أجورهم بموجب غلاء المعيشة ورفع الحد الأدنى للأجور.
وطالب الاتحاد العمالي العام جميع المعنيين وعلى مختلف مواقع المسؤولية، بالمبادرة فوراً إلى تشكيل حكومة طوارئ تتولى عملية إنقاذ البلاد من المزيد من التدهور والانحدار إلى هاوية لا قاع لها.
من جهته، انتقد "رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان"، مارون الخولي، في وقت سابق، قرار الهيئات الاقتصادية "تنفيذ الإضراب العام والإقفال التام لكل المؤسسات الخاصة غداً والجمعة والسبت"، واعتبره "فارغاً وخطيراً ومخالفاً لكل أنظمة نقابات أصحاب العمل وجمعياتهم، وهو لا يستند إلى أي حجة ثابتة تستدعي من الهيئات الاقتصادية الإضراب غير خدمة للمصارف التي تحاول الهروب من استحقاقات مودعيها".
وأكد أن "قرار الإضراب العام يرتب على الاقتصاد الوطني وعلى القطاع الخاص خسائر مالية بملايين الدولارات، وتداعيات كارثية على العمال والأجراء الذين سيحسم من رواتبهم في فترة الإضراب، وهو سيساهم في زيادة عمليات الصرف التعسفي في حقهم، وبالتالي اتخاذ مثل هذا القرار الخطير وغير القانوني كان يجب أن تسبقه اجتماعات ونقاشات لأصحاب العمل في كل القطاعات وعلى مستوى الهيئات العامة".
ودعا "كل أصحاب العمل إلى عدم تنفيذ الإضراب العام باعتباره غير قانوني بدليل عدم مشاركة 90% منهم في اتخاذه"، وحضهم على "انتخاب قيادة حكيمة تعمل على معالجة مشاكلهم وتطور أعمالهم وتعزز اقتصادهم".
يوم عمل عادي في المصارف غداً
وعصر اليوم، عقد مجلس إدارة "جمعية مصارف لبنان" اجتماعاً، أصدر في ختامه مساءً بياناً قرّرت فيه الجمعية اعتبار أيام الخميس والجمعة والسبت أيام عمل عادية، وذلك لتأمين الخدمات المصرفية للمواطنين، بخاصة قبض الرواتب والأجور مع حلول نهاية الشهر. وأكدت الجمعية ضرورة الخروج من حالة عدم الاستقرار الراهنة عبر تشكيل حكومة تعيد الثقة للبلاد وتتفرّغ فوراً لمعالجة الملف الاقتصادي والمالي والمعيشي.
وقد استنكرت الجمعية وأدانت أعمال الشغب والاعتداءات التي تعرّض لها عدد من فروع المصارف على نحو غير مسبوق، بما يشكّل استهدافاً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني ولمصالح جميع اللبنانيّين.
على صعيد معيشي آخر، ارتفع اليوم سعر صفيحة البنزين بنوعيه 95 و98 أوكتان، 100 ليرة لبنانية، فيما انخفض سعر صفيحة الديزل 200 ليرة واستقر سعر قارورة الغاز، بموجب القرار الأسبوعي الصادر عن وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني، والذي حددت بموجبها الحد الأعلى لمبيع المشتقات النفطية.
وبذلك أصبحت الأسعار كالآتي: بنزين 98 أوكتان 25400 ليرة، بنزين 95 أوكتان 24800 ليرة، ديزل أويل 17200 ليرة، قارورة غاز زنة 10 كيلوغرامات 14500 ليرة، فيما توقعت الوزارة أن تشهد هذه الأسعار ارتفاعاً الأسبوع المقبل، على ضوء ارتفاع سعر برميل خام برنت القياسي عالمياً.