قال مسؤول تونسي إن وفد صندوق النقد الدولي، الذي يزور تونس لإجراء المراجعة الخامسة للإجراءات الاقتصادية، سحب "الفيتو"، الذي رُفع سابقا ضد قرار زيادة أجور موظفي القطاع العام، مؤكدا أن "هذه الخطوة تسمح بمواصلة المفاوضات مع الاتحاد العام التونسي للشغل، بشأن زيادة الأجور في أجواء أقل ضغطاً".
وتأتي زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لتونس، في وقت يخيّم شبح الإضراب العام على البلاد، الذي دعت إليه النقابات، في السابع عشر من يناير/كانون الثاني الجاري، ما قد يتسبب في شلل اقتصادي تام، فيما تسعى أطراف سياسية إلى حلحلة الأزمة، وتجنيب البلاد تداعيات الإضراب.
وأشار المسؤول، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إلى أن المفاوضات ما تزال جارية بين الحكومة واتحاد الشغل (العمال) بشأن زيادة الرواتب، لكنها لم تحقق تقدما حتى الآن، بسبب تباعد وجهات النظر.
وقال المسؤول إن كلفة العرض الحكومي لا تتعدى 400 مليون دينار، وهو المبلغ المرصود ضمن موازنة 2019 تحت عنوان النفقات الطارئة، بينما تتطلع النقابات إلى زيادات لا تقل كلفتها الإجمالية عن 1.5 مليار دينار، لنحو 650 ألف موظف في القطاع الحكومي.
وتلتهم كتلة أجور موظفي القطاع الحكومي نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي، فيما تسير الحكومة نحو خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.
وتقدّر كتلة الأجور في القطاع الحكومي، وفق مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، بنحو 16.48 مليار دينار (5.88 مليارات دولار).
كانت الحكومة قد توصلت إلى اتفاق مع اتحاد الشغل، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يقضي بزيادة أجور نحو 150 ألف موظف في الشركات الحكومية، إلا أنها قررت تجميد أجور موظفي الوزارات وباقي مؤسسات القطاع العام، بعد تحذيرات صندوق النقد من الزيادات.
ويطالب صندوق النقد بإبقاء كتلة أجور القطاع العام تحت السيطرة، حتى لا تضطر الحكومة إلى زيادة دينها الخارجي نتيجة ارتفاع عجز الموازنة، الذي قالت إنها تعتزم خفضه إلى 3.9%، خلال العام الجاري 2019، مقابل 4.9% العام الماضي.
ويعود خبراء صندوق النقد إلى تونس، هذه المرة، في إطار مهمة إجراء المراجعة الخامسة للاقتصاد والإجراءات الحكومية، التي يتقرر على أساسها تمكين تونس من الحصول على القسط الخامس، البالغ قيمته 255 مليون دولار، من القرض المتفق عليه في 2016، والبالغ إجماليه 2.9 مليار دولار.
ويعتبر صندوق النقد، تجميد كتلة الأجور بندا مهما في وصفة الإصلاحات التي طرحها على الحكومة. لكن الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، قال في تصريح لـ"العربي الجديد"، نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي إن "الحكومة سيدة قرارها ولا تخضع لإملاءات صندوق النقد، لكنها مطالبة بالمحافظة على التوازنات المالية للدولة، والإبقاء على نسبة عجز الموازنة في مستويات محدودة العام الحالي".
وحصلت تونس على 4 أقساط من قرض الصندوق بقيمة 1.139 مليار دولار، بينما ينتظر أن يرفع القسط الخامس هذه القيمة إلى 1.389 مليار دولار.
ويمكن وصف شهر يناير/كانون الثاني الحالي بأنه "شهر الإضرابات" في تونس، إذ بالإضافة إلى الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل والمقرر في 17 يناير/كانون الثاني، تبدو أجندة هذا الشهر مدججة بأكثر من إضراب وتحرك احتجاجي في قطاعات التعليم والإعلام، إلى جانب تحركات قطاعية للأطباء والصيادلة الشبان. وكانت النقابات العمالية قد نفّذت، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إضراباً عاماً شمل كافة الوزارات العاملة في البلاد، للمطالبة بتحسين الأجور وتحسين مستويات المعيشة.