كيف تلاشى حلم الرياض بالتحول إلى مركز مالي عالمي؟

24 اغسطس 2018
رجال الأعمال هرّبوا ثرواتهم خوفاً من التجميد (Getty)
+ الخط -
الكثير من البنايات الشاهقة في حي الملك عبدالله المالي في العاصمة السعودية، الرياض، والقليل من الشركات وشاغلي العمارات من الشركات ورجال الأعمال. مشهد يلخص حال هذا الحي المالي الذي بات هيكلاً شبه خال، فيما يستقبل خطط تحويل الرياض إلى عاصمة مالية. ما يطرح علامات استفهام حول مدى قدرة النظام الحالي على بناء مركز مالي وتجاري سعودي ينافس المراكز المالية القائمة مثل دبي، على حدّ وصف قناة "سي إن بي سي" الأميركية، في تقرير حول مستقبل التحول الاقتصادي في السعودية.

وكانت المملكة تأمل في أن يصبح هذا الحي مصدراً لجذب الثروات العالمية، وينافس دبي. ولكن ما حدث كان العكس تماماً، حيث تراجعت جاذبية السعودية عالمياً بالنسبة للمستثمرين، فيما بات العديد من رجال الأعمال والشركات العالمية غير مطمئنين للاستثمار في السعودية. فالأخيرة رغم ثرائها النفطي، تواجه صعوبة في تغطية احتياجاتها المالية وسط تزايد العجز والإنفاق على الحرب في اليمن.


كما أنّ النظام الحالي في الرياض يحاكم شركات الدول كلما حدث خلاف سياسي أو دبلوماسي مع دولة ما. فالشركات الألمانية حرمت من العقود التجارية في السعودية، كما حظرت الحكومة السعودية دخول الأدوية الألمانية إلى السوق السعودي. وفي بداية هذا الشهر، حولت الحكومة السعودية خلافها الدبلوماسي مع كندا إلى حرب تجارية شرسة ضد الاقتصاد الكندي والشركات والجامعات والمستشفيات الكندية.

وفي أعقاب الارتباك بشأن الطرح الأولي لشركة "أرامكو"، الذي يرى العديد من الخبراء أنه لن يرى النور، تتجه الحكومة السعودية لاقتراض 11 مليار دولار عبر صندوق الاستثمارات العامة، ولكن بفائدة أعلى من فائدة ليبور البريطانية. 

وذكرت صحيفة "آيرش تايم"، يوم الخميس، أن السعودية تسعى لاستدانة 11 مليار دولار من البنوك العالمية بنسبة فائدة تفوق نسبة الفائدة على البنوك في بريطانيا "ليبور" بـ75 نقطة مئوية. وهذا المعدل المرتفع فوق فائدة "ليبور"، يعكس إلى حد ما تعامل المصارف العالمية مع الرياض التي باتت هنالك شكوك كبيرة حول قدرتها على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وعد به ولي العهد السعودي.

وهذا هو القرض التجاري الأول الذي يحصل عليه صندوق الاستثمارات العامة المخول بالمساعدة في تنفيذ رؤية 2030، وهي خطة إصلاح وبرنامج اقتصادي طموح أعلنتهما الحكومة في عام 2016 بهدف تخليص المملكة من الاعتماد على صادرات النفط.

وحسب مجموعة "زد/ين" المالية البريطانية التي تصدر تقريراً سنوياً عن المراكز المالية، فإن موقع الرياض بين المراكز العالمية تأخر خلال العام الماضي في قائمة المراكز المالية المائة، بدلاً من أن يتقدّم وفقاً للخطة التي وضعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتحول الاقتصادي ("رؤية 2030")، والتي تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية والاعتماد على مصادر بديلة للنفط. كما أن حجم تدفق الاستثمار الأجنبي في السعودية يواصل الانكماش، حسب تقرير "أونكتاد".

ويشير المسح السنوي الذي تجريه مجموعة "زد/ين" للمراكز المالية، إلى أن الرياض جاءت في المرتبة 77 بقائمة المراكز العالمية، متأخرة بذلك عن كل من دبي وأبوظبي والدوحة والمنامة. وهذا الموقع المتأخر في القائمة يعود إلى عدم ثقة المؤسسات المالية العالمية في سياسات النظام السعودي الحالي.

ويشير الخبير المالي مارك يندل، الذي يشرف على مسح "زد/ين"، في تعليقات لقناة "سي إن بي سي"، إلى أن الرياض ليس لديها سجل مالي مقارنة بالمراكز الخليجية الأخرى. وقال الخبير يندل: "من خلال الخبرة التي اكتسبتها، فإن بناء المراكز المالية يحتاج إلى ثقة وأسس قانونية ثابتة. وفي العادة، لا يثق رجال المال ومدراء الثروات في نظام يسجن أثرياءه ويسلب ثرواتهم بتهم فساد دون محاكمة أو توفير أدنى متطلبات الدفاع القانوني لهم".

وتشير العديد من التقارير الأميركية التي نشرتها "وول ستريت"، إلى أن سمعة المملكة المالية تضررت كثيراً بعمليات سجن رجال الأعمال والأمراء وتجميد وسلب بعض ثرواتهم في ما عرف بـ"سجناء الريتز".

المساهمون