يصف العامل في القطاع السياحي التركي، إيرجان يلدز، متحف تشورا بالمعلم السياحي المظلوم، لأنه قلما يجذب العرب والمسلمين الزائرين تركيا، كما أن رواده من السياح الأوروبيين والأميركيين قلائل، إذا ما قيسوا بمن يقصد متحف آيا صوفيا الشهير، رغم أن المتحفان متشابهين، خاصة لجهة تحولهما من كنائس إلى مساجد ومن ثم إلى متاحف، وفترة بنائهما نفسها، بل وربما يوجد بمتحف تشورا فسيفساء وتأريخ لقصة ولادة السيد المسيح ومرافقيه أكثر مما يوجد في آيا صوفيا.
ويشير يلدز لـ"العربي الجديد" إلى أن تشورا، حتى اليوم، لا يحسب، بالنسبة للسياح على الكنائس، كما قلما يتم تصنيفه ضمن المتاحف، على الرغم من أنه من أغنى متاحف إسطنبول المائة، نظراً إلى قدمه وأهميته التاريخية. كما أن تشورا لا يعد ضمن الكنائس الـ349 الموجودة حتى اليوم في تركيا.
وحول جنسيات زوار متحف تشورا، يقول التركي إيرجان يلدز: "خلال الآونة الأخيرة، كثر السياح الآسيويون، خاصة من الصين، في حين بالسابق، كان يزوره الأوروبيون والأميركيون، وعادة هم من كبار السن وقليلو الإنفاق، لأنهم يهتمون بالتاريخ الأديان والروحانيات أكثر من سعيهم إلى السياحة والتسوّق.
ويلفت المختص في الشأن السياحي يلدز إلى أن عدد المحال المجاورة لمتحف تشورا، المتخصصة في بيع التحف والصناعات اليدوية التركية، يتناقص، إذ إن "العديد من المحال تحول إلى مقاهٍ بسبب قلة الرواد والمبيع".
ويقع متحف تشورا أو الكرية، كما يسميه الأتراك، في منطقة "إيرنا كابيه" بحي الفاتح غربي إسطنبول القسم الأوروبي، ويعود تاريخه بحسب المصادر التركية إلى القرن السادس الميلادي، وبقي كنيسة منذ ذلك الوقت، بل وحتى بعد فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح عام 1453 بنحو 58 عاماً، لتتحول إلى جامع، إثر قرار من الصدر الأعظم، علي باشا، عام 1511، وتم مسح اللوحات الجدارية والموزاييك عن الجدران، وبقيت جامعاً حتى 1923 وقت إعلان الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، ليتجمد دورها كجامع إلى عام 1956 وقت تحولت إلى متحف.
يشرح الدليل السياحي التركي، سردار دونميز، لـ"العربي الجديد"، تاريخ الكنيسة والمسيحية في تركيا، إذ تحتوي مدينة آفس على آخر بيت سكنته السيدة مريم العذراء، ولم يزل محجاً حتى اليوم، وإسطنبول التي كانت مركزاً للمسيحية الشرقية، أو أنطاكية، كونها إحدى الكراسي الرسولية، بالإضافة إلى روما والقسطنطينية والقدس.
ويرى الدليل السياحي دونميز أن متحف تشورا، خاصة بعد عمليات الترميم التي قام بها المعهد البيزنطي الأميركي عام 1956 وظهور كل اللوحات الفنية والفسيفساء والموزاييك إلى العلن بات من أهم المتاحف في إسطنبول.
ويقول دونميز إنه "على الرغم من صغر المساحة التي تغطيها كنيسة "تشورا"، وهي نحو 742 متراً مربعاً، فإنها تصنف كواحدة من أجمل الكنائس البيزنطية الموجودة، إذ يعوّض جمالها الداخلي عن صغر حجمها، وتحتوي اليوم على الكثير من اللوحات الفنية الجدارية الرائعة المكسوة بالفسيفساء".
ويشرح الدليل السياحي التركي الرسوم واللوحات المتوزعة على جدران وأسقف المتحف الثلاثة؛ "مدخل، صحن الكنيسة، الجسم الرئيسي"، وتلك التي تزيّن قبب المتحف الست، لافتاً إلى المئذنة التي بنيت لاحقاً والمصلّى الصغير الجانبي، الذي تخصص وقت تحولت الكنيسة إلى جامع.
وحول تشبيه متحف تشورا بآيا صوفيا، يبيّن الدليل السياحي التركي أن "تشورا" عبارة عن كنيسة بناها البيزنطيون، وقد أطلق عليها اسم كنيسة المخلص المقدس. وتشغل جدرانها وأسقفها رسومات ولوحات، تشبه تماماً تلك الموجودة في متحف آيا صوفيا، إذ تظهر ولادة ونشأة السيد المسيح وحوارييه والسيدة العذراء وبعض اللوحات المتعلقة بالثقافة البيزنطية.
وتتشابه كلتا الكنيستين عبر تاريخ البناء والتحول لمساجد ثم إلى متاحف، إذ بنيت آيا صوفيا في عهد الإمبراطور جستنيان عام 532م واستغرق بناؤها نحو خمس سنوات، إذ تم افتتاحها رسمياً عام 537 م، وهي الكبرى والأهم من دون شك، لأنها المعلم المعماري البيزنطي الأبرز، واستمر مبنى آيا صوفيا على مدار 916 عام كاتدرائية ولمدة 481 عام مسجداً ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.
وحول استثمار تركيا لهذا المعلم يختم سردار دونميز: "تركيا تعوّل على السياحة كثيراً، بل وتسعى هذا العام إلى تحطيم رقم عام 2014 بجذب 40 مليون سائح بعائدات تتعدى 30 مليار دولار، وعلى الرغم من أن زوار متحف تشورا قلائل، إذا ما قيسوا بزوار بقية المعالم والمناطق السياحية في إسطنبول، إلا أنه يوجد ثلاثة فنادق قريبة من المتحف وهي "بالات ريزيدنس، توبكابي سابينا هوتل، كاريي أوتلي" ويتاخم المتحف مطعماً ومقهى ضخماً معروفاً هنا بـ"الكرية"، فضلاً عن توزع المحال التي تخدّم السيّاح وتبيع الموزاييك والفسيفساء والمصنوعات الزجاجية والتحف.