البرلمان المصري يمنح السيسي أحقية بيع أصول الدولة

16 يوليو 2018
مخاوف على أصول الدولة من القانون الجديد(فرانس برس)
+ الخط -

وافق مجلس النواب المصري، بصفة نهائية، اليوم الاثنين، على مشروع قانون حكومي بإنشاء صندوق سيادي تحت مسمى "صندوق مصر"، وسط اعتراضات واسعة من النواب المعارضين للقانون، الذي يستهدف إخضاع الصندوق لسلطة رئيس الجمهورية، ومنحه أحقية نقل ملكية أصول الدولة للجهات التي يحددها، علاوة على بيع وشراء وتأجير واستئجار الأصول الثابتة والمنقولة للدولة.

ويتكون رأس مال الصندوق المرخص بنحو مائتي مليار جنيه مصري (11.2 مليار دولار تقريبا) ، ورأس ماله المصدر خمسة مليارات جنيه مصري، يُسدد منه مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس، ويُسدد الباقي وفقاً لخطط فرص الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال ثلاث سنوات من تاريخ التأسيس، مع جواز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً، وفقاً للضوابط والإجراءات الواردة بنظامه الأساسي.

وقال وزير المالية، محمد معيط، إن أموال الصندوق تعد من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة بنسبة 100%، مشيراً إلى سماح القانون بدخول القطاع الخاص كشريك في استثمار وتطوير الأصول غير المستغلة بغرض تعظيم العائد منها، بنسبة تحفظ حق الدولة والأجيال المقبلة في تلك الأصول، من دون أن يكون ذلك مدخلاً أو ثغرة لخصخصتها أو بيعها.

وأضاف معيط - أمام البرلمان - إن هناك 4135 أصلاً غير مستغل في الدولة، مستشهداً بإنشاء فندق على كورنيش النيل أمام معهد ناصر في ضاحية شبرا، شرقي القاهرة، ومعطل منذ سنوات لنزاع على 5 ملايين جنيه، علاوة على وجود العديد من حالات النزاع بين الجهات الإدارية على أصل مورد، وهو ما يستدعي إنشاء الصندوق لإحكام تلك المنظومة.

وتابع: أن "إنشاء الصندوق جاء استجابة لما طالب به أعضاء في البرلمان، بهدف استغلال مئات المليارات من الجنيهات المهدرة على الدولة، نظراً لعدم وجود أي عائد على الشعب المصري من أصول الدولة غير المستغلة"، مستطرداً بأن "الصندوق سيدار بأسلوب حرفي بهدف تعظيم موارد الدولة، واستغلال هذه الأصول أفضل استغلال، بدلاً من كونها معطلة على مستوى الجمهورية".

في المقابل، أبدى النائب ضياء الدين داوود استغرابه من تقدم الحكومة بمشروع القانون، بالرغم من أنها لم تحز بعد ثقة مجلس النواب، مؤكداً أن القراءة الأولية تظهر مدى خطورته، وإعداده على عجل، في ضوء عدم اتضاح الفلسفة منه، خاصة أن النماذج المقارنة لتلك الصناديق تستهدف إدارة فوائض الثروة، وليس فوائض دولة حجم الديون فيها "مخيف".

وانتقد داوود غياب رؤية الحكومة بشأن استثمارات الصندوق، في ظل عدم قدرتها على مواجهة حجم الدين العام، مؤكداً أنها تغيّب دور البرلمان من خلال قانون إنشاء الصندوق، على وقع المادة (131) من الدستور، التي نصت على ممارسة البرلمان أعمال الرقابة على السلطة التنفيذية، بينما منح التشريع مجلس إدارة الصندوق كافة الصلاحيات لإدارة مائتي مليار جنيه.

وتساءل داوود: "ماذا لو فشلت مصر في إدارة الصندوق؟، خاصة أن هناك صناديق سيادية انهارت، وانهارت على إثرها دول"، متابعاً "هذه حقوق الشعب المصري كله، ولا محل الآن لصندوق سيادي بهذا الحجم في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة".

من جهته، ادعى رئيس البرلمان، علي عبد العال، أن الاعتراضات على بعض القوانين الهامة تستهدف "الشو الإعلامي" من خلال عبارات حماسية، مشدداً على عدم تعرض أي صندوق سيادي للخسائر على الإطلاق، أو انهيار دول بسببه، خاصة أن تلك الصناديق نوعان: الأول يستغل فوائض الثروة الطبيعية مثل بعض الدول العربية، والثاني لجذب الاستثمارات على غرار دول جنوب شرق آسيا.

وأضاف عبد العال أنه لا علاقة من قريب أو بعيد بسلطة مجلس النواب في التشريع، ومنح الثقة للحكومة الحالية، معتبراً أنها تتمتع بكافة الصلاحيات منذ أدائها اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، من دون الحاجة إلى منحها الثقة من قبل البرلمان، إذ لم يثبت في أي من مواد الدستور العلاقة بين منح البرلمان الثقة للحكومة، وحق الأخيرة في التقدم بمشروعات القوانين.

وعقب النائب جمال الشريف، بالقول إن بلاده لا تحتمل أخطاء جديدة، إذ أن مشروع القانون يشوبه عوار دستوري، لأنه إجراء قبيل اكتساب الحكومة الشرعية الدستورية بمنحها الثقة من البرلمان، مشدداً على أن هذا الإجراء يعد باطلاً، شأن غيره من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من فترة حلف اليمين أمام رئيس البلاد حتى الاستحواذ على ثقة المجلس النيابي.

ورد عبد العال، قائلاً "أثق تمام الثقة من أن القانون لا يشوبه عوار دستوري، والحكومة تملك السلطة كاملة حتى قبل حصولها على الثقة"، وهو ما قابله النواب المعترضون بحالة من الغضب، إذ صرخ داوود داخل القاعة: "هذه أموال الشعب، والحكومة هي من أضاعت مليارات صناديق المعاشات"، ليرد الأول "هذه الحكومة ليست مسؤولة عن إهدار أموال المعاشات".

وبحسب مشروع القانون، فإن للصندوق سلطة ممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية المقيّدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين، وغيرها من الأوراق المالية داخل مصر أو خارجها.

كما أتاح القانون للصندوق التصرّف في الأصول المملوكة له أو الصناديق المملوكة له بالكامل، أو المساهمة بها في رؤوس أموال الصناديق أو الشركات وفقاً لقيمتها السوقية، وبما لا يقل عن التقييم، الذي يتم على أساس متوسّط القيمة المحددة، بموجب ثلاثة تقارير مرفوعة من مقيمين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية، والمصرف المركزي المصري.


(الدولار=17.9 جنيهاً تقريباً)

المساهمون