أصدقاء قطر الجدد يقتنصون فرصاً ثمينة في ظل الحصار

26 يونيو 2018
قطر قدّمت تسهيلات استثمارية لجذب رؤوس الأموال (Getty)
+ الخط -

 

قبل ستة أشهر وصل سركان أوجار إلى الدوحة لاستكشاف فرص أعمال خارج محيطه التقليدي. ويبدو أن رحلته ستؤتي ثمارا وفيرة، إذ يتوقع رائد الأعمال التركي الفوز بأول عقد للمساهمة في بناء استاد يمثل أيقونة في استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022.

ومنذ أن بدأت 4 دول عربية حصار قطر قبل أكثر من عام، اضطرت قطر للبحث عن شركاء بدلاء في التجارة والاستثمار. ولعل ثروتها الضخمة من الغاز الطبيعي قد ساعدتها في العثور سريعا على أصدقاء جدد.

وأغلقت السعودية والإمارات والبحرين ومصر خطوط النقل والتجارة براً وبحراً وجواً مع الدوحة، متهمة قطر بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه بقوة.

وتسبب الحصار في تعطل مسارات الشحن لقطر عبر الخليج وتوقف الواردات عبر حدودها البرية الوحيدة مع السعودية، والتي كانت في السابق مسارا لإمداداتها من الأغذية القابلة للتلف ومواد البناء.

وفي ظل الحصار، أخذت أنقرة صف قطر. ومن ثم، رأى أوجار، البالغ من العمل 28 عاما، فرصا هناك.

وقال أوجار لوكالة رويترز، في فندق حيث كان بصدد إجراء مقابلات مع مهندسين من أجل توظيفهم بمكتبه الجديد في الدوحة: "إنهم يرحبون بالشركات التركية ترحيبا حارا بعد الحصار".

وتتوقع شركته العائلية، ريفيرانس هولدنج، توقيع عقد قريبا لتوريد السقالات والألمنيوم وتجهيز استاد لوسيل الذي سيستضيف المباراة النهائية في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.

 وقال الرئيس التنفيذي للبنك التجاري القطري جوزيف آبراهام، إن الكثير من المقاولين الأتراك يقدمون عروضا لمشاريع في الوقت الذي تمضي فيه قطر قدما في تشييد البنية التحتية اللازمة للبطولة.

 

طفرة كأس العالم

ثمة مشاريع بناء ضخمة جارية من أجل استضافة بطولة كأس العالم. ويجري تشييد سبعة ملاعب جديدة بجانب بنية تحتية أخرى، ما يتطلب جلب مواد بناء من مناطق بعيدة.

وقال مدير شركة بناء، طلب عدم نشر اسمه، إن الجبس، المستخدم في بعض أعمال البناء، يتم استيراده من إيران حديثا. ويجري حاليا استيراد الجابرو، المستخدم في صناعة الإسفلت والخرسانة، من سلطنة عمان بدلا من الإمارات.

وبينما تنطوي بطولة كأس العالم على منافسات رياضية مشوقة ومكانة عالمية مرموقة، انصبّ التركيز في المراحل الأولى من الحصار على الحاجة العاجلة لسد النقص في المنتجات الأساسية.

فحين اختفت الألبان الطازجة ومنتجاتها والبيض من المتاجر، نقلت الدوحة جوا ما يزيد على ثلاثة آلاف بقرة على متن طائرات الخطوط الجوية القطرية المملوكة للدولة، واستوردت البيض من سلطنة عمان التي أبقت على مسار الشحن مع قطر مفتوحا حينما أوقفت دبي الشحنات إلى الدوحة.



وفي المتاجر القطرية، تبلي العلامات التجارية التركية، مثل الأجبان الكريمية التي تنتجها أولكر وبينار، بلاء حسنا.

وقال المدير العام لغرفة تجارة وصناعة قطر صالح بن حمد الشرقي، إن السوق التركية مهمة جدا للدوحة، مضيفا أن موقعها الجغرافي قريب، وهو ما يميزها من الناحية اللوجستية، كما تتمتع بجودة عالية وأسعار تنافسية.

وزادت الواردات من تركيا في الفترة بين يونيو/ حزيران وديسمبر/ كانون الأول 2017 إلى 523 مليون دولار، بزيادة 48.2% مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. وقفزت الواردات من سلطنة عمان بنسبة 150% إلى 575 مليون دولار، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.

 وزادت الواردات من الهند بنسبة 54.6% إلى 1.06 مليار دولار، ومن إيران بنسبة 63% إلى 69 مليون دولار.


صمود في وجه العاصفة

تضررت بعض أنشطة الدوحة حين بدأت المقاطعة، إذ تكبدت الخطوط الجوية القطرية خسارة في عام 2017 بعدما فقدت حق دخول المجالات الجوية في الدول المقاطعة لها.

لكن الاقتصاد صمد في وجه النزاع الممتد، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 2.6% هذا العام وقرابة 3% في 2019، وفقا لوزارة المالية.

وسرعان ما استغل أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم صندوق ثروته السيادي الضخم، الذي تُقدر أصوله بنحو 320 مليار دولار، لحماية بنوكه وعملته بعدما سحبت الدول المقاطعة ودائعها.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال يوسف الجيدة: "مهمتنا الكبرى كقطريين أثناء الحصار كانت الحفاظ على الاقتصاد".



وأضاف "لم يكن التركيز الأكبر على النمو، بل كان يتعلق بالصمود الفعلي أمام الحصار وأي أضرار قد تحدث مهما كانت، لأن الضروريات، سواء الأغذية أو اللوجستيات، لم تكن متوافرة".

ويقول مسؤولون قطريون إن الأزمة كانت بمثابة صيحة تحذير للبلد البالغ عدد سكانه 2.7 مليون نسمة كي يصبح أكثر تنوعا واعتمادا على الذات.

وقال وزير الطاقة محمد السادة، لوكالة رويترز، إن قطر تريد أن يرى العالم ما يمكن لهذا البلد الصغير نسبيا أن يقوم به بمرونة والتزام. وأضاف أن الأمر الوحيد الذي يقلقه هو أن منتخب قطر قد لا يفوز بكأس العالم 2022.

حوافز للمستثمرين

وما زاد من فرص المستثمرين في قطر هو قيام الدوحة بعقد شراكات استراتيجية مع العديد من الدول وتقديم تسهيلات تشريعية وحوافز للاستثمارات الأجنبية، وسمحت قطر بالتملك في العقارات والعديد من الاستثمارات بنسبة 100% لأول مرة في إطار مساعٍ لجذب رؤوس الأموال من أجل المساهمة في مواجهة الأعباء الاقتصادية المترتبة على الحصار.

وبالفعل نجحت الدوحة في جذب استثمارات في عدة قطاعات من سلطنة عمان وتركيا والهند وغيرها، إذ كانت قطر وجهة العديد من وفود رجال الأعمال من مختلف الدول لاقتناص فرص استثمارية في مشروعات بالقطاعين العام والخاص.

(رويترز، العربي الجديد)

 

المساهمون