قلعة أثاث السيسي بمدينة دمياط الجديدة تعاني الكساد

28 مارس 2018
ورش تقفل أبوابها وعمّال نصيبهم التسريح (دايفيد ديغنر/ غيتي)
+ الخط -


تعاني مدينة دمياط الجديدة للأثاث، شمال القاهرة، التي افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسي في مايو/ أيار الماضي، حالة من الركود والكساد نتيجة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، وارتفاع أسعار المواد الخام بعد ارتفاع الدولار، ما تسبب في انكماش السوق، وتهديد ما يقرب من 60 ألف ورشة بالتوقف، يعمل فيها أكثر من 200 ألف عامل.

ومحافظة دمياط هي إحدى "محافظات الدلتا"، وتعد من المحافظات الجاذبة للعمالة من جميع محافظات مصر، ولم تعان يوماً من البطالة أو سوء في الحالة التجارية، ولم يشكو أهلها من ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب عجلة الإنتاج، فإلى جانب صناعة الأثاث توجد فيها صناعة الحلوى، وأمام ضيق ذات اليد هرب الكثير من أبناء المحافظة من "الصناعية" إلى الخارج، سواء الدول العربية أو الأجنبية، بحثاً عن "لقمة العيش"، وهو ما قلل من الحرف داخل المحافظة.


أسعار الخشب "نار"

وسجلت أسعار كافة أنواع الأخشاب في مصر ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، حيث يختلف سعره بحسب النوع، فوصل سعر متر الخشب الأرو إلى 28 ألف جنيه مصري (نحو 1591 دولاراً)، والموسكي 5800 (نحو 330 دولاراً)، والسويدي 5200، والروسي 4800، وسعر متر البياض 4200 جنيه، والزان 8000 جنيه، والماهونجي المستورد 21 ألف جنيه، والبلوط 25 ألفا، والعزيزي 12 ألفا، ولوح الخشب الكونتر 600 جنيه. أما خشب العروق فيتراوح سعر متره ما بين 3200 و3500 جنيه بحسب النوع.

ووفق تقارير اقتصادية صادرة من الغرفة التجارية المصرية، فإن أسعار الأخشاب في السوق المصري ارتفعت 60% عقب تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 وارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري.

وأشارت التقارير إلى أن مصر تستورد الأخشاب من روسيا وفنلندا والسويد ورومانيا والبرازيل، وأضافت أن زيادة سعر الدولار أدت إلى ارتفاع أسعار الخامات التي تدخل في صناعة الأثاث بنسبة 50% تقريباً، التى من بينها والزجاج والدهانات والديكورات.


وتسبب ارتفاع أسعار الأخشاب في دمياط بارتفاع كلفة صناعة الأثاث، حيث تبدأ غرفة النوم من 30 ألف جنيه، وغرف نوم الأطفال من 15 ألف جنيه، أما "الأنتريه" فيبدأ من 15 ألفا، والسفرة المكونة من 6 كراس و"ترابيزة" تبدأ من 13 ألف جنيه، وكل ذلك بحسب نوع الخشب والموديل.

غرف نوم طوب ومستعمل

وأمام ذلك لجأت الكثير من الأسر المصرية، والشباب المقبل على الزواج، إلى التحايل على تلك الأوضاع واللجوء إلى الحياة القديمة البدائية، بتصميم عفش غرف نوم من "الطوب والإسمنت" مكونة من سرير ودولاب وتسريحة وأنتريه، لمواجهة الغلاء الذي طاول الموبيليا، وفضل البعض الآخر أثناء الإعداد للزواج شراء الأثاث المستعمل رخيص الثمن، حيث يراوح سعر الغرفة ما بين 500 وألفي جنيه، والصالون يبدأ من 1500 جنيه.

وأصبح للمستعمل رواد على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، ليصبح هناك رواج في عالم المستعمل من الأثاث، الذي أصبح له سوق في كافة محافظات مصر، وهناك مناطق معروف عنها وجود محلات بيع المستعمل بأحياء القاهرة الكبرى، مثل المناصرة وحدائق المعادي، وسوق الأثاث المستعمل بطنان بالقليوبية.

البيع بخسارة

"العربي الجديد" التقى مع عدد من التجار لمعرفة مشكلات "قطاع الأثاث" في محافظة دمياط المشهورة به، حيث قال حازم محمد: "ورشنا أُغلقت والعمالة سرحت، ومش عارفين نسدد ديوننا منين، والمسؤولين مش حاسين بينا".

وأضاف أن الكساد يلاحق الجميع من كل جانب، ووصل بنا الأمر إلى بيع منتجاتنا بالخسارة لنعيش ونسدد ديوننا، مشيراً إلى أن أسعار الأخشاب وكافة مستلزمات الأثاث أصبحت "نارا بعد الدولار الذي حول حياتنا إلى جحيم".


وقال إبراهيم حامد (صاحب ورشة)، إن مدينة دمياط الجديدة التي لم يمر على افتتاحها عام، تحولت إلى خرابة بسبب إغلاق الورش والمصانع التي تعمل في صناعة الأثاث، و"لم يعد لنا ملجأ سوى الجلوس على المقاهي أو أمام الورش فى انتظار الفرج"، مشيرا إلى أن الكثير من الصناعيين "سافر إلى الخارج للعمل في تلك المهنة أو غيرها، سواء في دول عربية أو أجنبية، بعدما ضاق الحال داخل بلادنا".

وأوضح إبراهيم سالم (صاحب معرض موبيليا)، أن هناك ركوداً في حالة البيع خاصة مع الظروف الاقتصادية المرتبكة التي تعيشها مصر، موضحاً أن المنتج الذي يتم تصنيعه الآن في بعض الورش في دمياط أقل جودة عن الفترات الماضية، لإخراج قطع موبيليا أقل سعرا حتى يتم تسويقها وبيعها، نظراً إلى قلة إقبال الزبائن على شراء قطع الأثاث المرتفعة الثمن، مضيفا أنه أمام حالة الركود تم تسريح العشرات من العمالة.

وقال هيثم محمد: "أحمل مؤهلا عاليا، وكسبت تلك الحرفة من الأسرة، ولدي ورشة حجرات نوم، والوضع حالياً تبدل كثيراً بخلاف الفترة الماضية.. حتى أيام الثورة كانت هناك حركة بيع أثاث".

من جانبه، قال رئيس نقابة صنّاع الأثاث في دمياط، محمد عبده مسلم، إن حالة الركود في دمياط تجاوزت 60%، وتم إغلاق العشرات من الورش والمصانع، سواء في المدينة الجديدة أو في محافظة دمياط، ما دفع الصنّاع للهجرة.

وشدد مسلم على أن ارتفاع أسعار الدولار أثّر كثيراً على استيراد الأخشاب من الخارج، ما أثّر بدوره على قطع الأثاث، مطالباً الحكومة بتوفير فرص تسويقية خارجية وداخلية لتسويق الأثاث المخزّن في الورش والمعارض في دمياط قبل إتلافها.

(الدولار= 17.59 جنيها مصريا)

المساهمون