الجيش المصري يستورد دواجن قاربت صلاحيتها على الانتهاء

07 ديسمبر 2018
ارتفاع أسعار الدواجن في الأسواق المصرية (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -



حصلت "العربي الجديد" على مستند يؤكد استيراد وزارة الدفاع المصرية صفقة دواجن برازيلية مجمدة تقدر قيمتها بـ24 مليون دولار، وهي الصفقة التي أغرقت الأسواق المحلية في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وبحسب ما هو واضح في المستند فإن شحنة الدجاج البرازيلي تنتهي صلاحيتها خلال شهر فبراير/ شباط من العام نفسه 2018، أي أن صلاحيتها كانت شهراً واحداً فقط.

وكشف خطاب موجه من جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع، إلى رئيس لجنة "المشتروات الخارجية" بالهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، أن الجهة المستوردة هي وزارة الدفاع، وأنها تطلب الموافقة على استيراد 15 ألف طن دواجن مجمدة برازيلية بقيمة 24 مليون دولار، بسعر 1600 دولار للطن، وأن ميناء الشحن هو ميناء "paranagua /pr" بالبرازيل، وأن ميناء الوصول هو ميناء الإسكندرية، وأن المشرف على الذبح هو " isalmic dissentation centr for lattin america "، وأن بلد المنشأ هي البرازيل.

وجاء في ختام الخطاب "برجاء التصديق على استخراج الموافقة الاستيرادية لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لإتمام استيراد هذه الكمية الموضحة بعالية، علماً بأن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية في حاجة ماسّة للكميات الموضحة".

قاربت صلاحيتها على الانتهاء

وأكد مصدر مطلع بوزارة الزراعة، رفض ذكر اسمه، أن الجيش أغرق مصر بالدواجن البرازيلية التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء، وهو ما أدى إلى إعادة تغليفها بتواريخ صلاحية جديدة؛ لبيعها للمواطنين على أنها دواجن بلدية ومحلية، وهو ما يعد غشاً تجارياً.

وأضاف المصدر: "أنا لست ضد الاستيراد، ولكن إذا وجدت فجوة تستدعي الاستيراد من الخارج، علينا أن نستورد، علما أن موضوع الاستيراد خطير جدًا لأنه يساعد على عدم الحفاظ على ثروتنا الداجنة".


وحسب المصدر : "لأول مرة في تاريخ مصر يشاهد المواطنون الدواجن على الأرصفة، كما شاهدناها في الأيام القليلة الماضية، مما جعل الخوف يحاصر المواطنين"، لافتا إلى أن "الاستيراد تمت إدارته بطريقة غير مدروسة من جانب وزارة الدفاع المصرية التي أغرقت السوق بهذه الدواجن، مما تسبب في خسارة الدولة أكثر من 3.5 مليارات جنيه، وأثّرت بالسلب على الثروة الداجنة في البلاد، وقام التجار بتغيير الغلاف وتزوير تاريخ الصلاحية وتم توريدها على أساس أنها منتج محلي وليس مستوردا".

وتابع المصدر: "الحكومة قامت خلال فترة قصيرة باستيراد 225 ألف طن دواجن برازيلية، كلفت الدولة نحو 400 مليون دولار، ليصل سعر الكيلو الواحد إلى 27 جنيها دون نقل أو تخزين، وأن الدواجن المطروحة حاليا داخل الأسواق سعر الكيلو فيها وصل إلى 12.5 جنيها.

وبالتالي خسرت الدولة فرق التكلفة البالغ نحو 3.6 مليارات جنيه؛ نتيجة بيعها بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، نظرًا لاستيراد الدولة كميات كبيرة وغير مطلوبة داخل مصر ودون دراسة جدية للسوق، ورغبة من الجيش في التخلص منها قبل انتهاء صلاحيتها التي لا تتجاوز الشهرين".

البرازيل تتعقب الشركات الموردة

وفي 21 مارس/ آذار من العام الماضي تحرك نحو 1000 شرطي برازيلي لتفتيش 194 مجزرًا ومحطة تجميد وتبريد في ست ولايات مختلفة، بعد تحقيقات لمدة سنتين متصلتين مع 30 شركة متخصصة في تصدير اللحوم الحمراء (اللحم البقري) واللحوم البيضاء (لحوم الدواجن) منها أكبر شركتين في العالم: الأولى JBS أكبر مُصدّر للحوم الأبقار في العالم، والأخرى BRF أكبر منتج للحوم الدواجن في العالم، بسبب اتهامات بأن هذه الشركات قدمت رشى للمفتشين للتغاضي عن فساد منتجاتهم الملوثة ببكتيريا السالمونيلا، كما صدّرت هذه الشركات منتجات من اللحوم منتهية الصلاحية أو منتجات فاسدة معالجة بمواد مسرطنة، لدول أجنبية (من بينها مصر).

وتستورد مصر سنويا من البرازيل 350 ألف طن لحوم حمراء، ونحو 100 ألف طن دواجن، وينص القانون المصري على منع استخدام اللحوم البلدية في الصناعات الغذائية، وبالتالي فإن كل مصنعات اللحوم تعتمد على اللحوم البرازيلية أو الهندية (في حالة المصنعات الأقل جودة).

وبحسب بيان الشرطة البرازيلية فإن الكثير من اللحوم التي تنتجها الشركات المتورطة في فضيحة اللحوم والدواجن كان يتم تصديرها إلى أوروبا والشرق الأوسط ومناطق أخرى بالعالم.

وجاء في بيان الشرطة: "استخدموا الأحماض وغيرها من المواد الكيميائية لإخفاء الأمر في المنتجات، وفي بعض الحالات، وكانت المواد المستخدمة مسرطنة".

وفي حالات أخرى، بحسب الشرطة، خُلطت البطاطس والمياه وحتى الورق المقوى بلحوم الدواجن لتحقيق زيادة في الأرباح، ورغم ذلك ورغم اعتراف السلطات البرازيلية نفسها بأن الدواجن فاسدة استمرت وزارة الدفاع المصرية في استيراد الدواجن من البرازيل.

وفي محافظة المنيا جنوب مصر قامت مباحث التموين بضبط كميات كبيرة من الدواجن المجمدة البرازيلية والتي تطرح من خلال المنافذ بسعر مدعم داخل إحدى شركات اللحوم والدواجن لإعادة تعبئتها وطرحها بتاريخ حديث على أنها طازجة، وذلك خلال فبراير/ شباط الماضي.

وفي إبريل/ نيسان الماضي قامت الأجهزة الأمنية بمحافظة الإسكندرية، وضباط شرطة التموين، بضبط دواجن برازيلية مجمدة منتهية الصلاحية.

واستهدفت حملة من ضباط الإدارة بالتنسيق مع مديرية الشؤون الصحية "إدارة مراقبة الأغذية" الثلاجة وتبين وجود كمية قدرها 11506 "كراتين" من الدواجن المجمدة منشأها البرازيل، بإجمالي وزن 119.4 ألف طن منتهية الصلاحية، وتحرر المحضر رقم 25972018 جنح قسم أول العامرية.

بعيدة عن معامل وزارة الصحة

رئيس لجنتي سلامة الغذاء والمتابعة الميدانية بالنقابة العامة للأطباء البيطريين، وطبيب أول تفتيش مديرية الطب البيطري بالجيزة، شيرين زكي، تساءلت: "لماذا لم يتم سحب عينات عشوائية من كل المحلات والمنافذ التي تبيع الدواجن البرازيلية لتحليلها"، لافتة إلى أن التحاليل تكون بعيدة عن معامل وزارة الصحة، وتكون في معامل خاصة بالطب البيطري، وذلك لأن هناك أشياء تفحص في معامل الطب البيطري، لم تكن متوافرة في معامل وزارة الصحة".

وأردفت قائلة إن "تقارير معامل وزارة الصحة تصدر بعد شهور طويلة، إذ تكون الدواجن انتهت من الأسواق وانتهت صلاحيتها أيضًا".

وأضافت مسؤول الطب البيطري، في تصريحات أن أعراض الإصابة من الدواجن البرازيلية منتهية الصلاحية، هي مغص وإسهال باختلاف قوة المناعة من شخص لآخر، فضلا عن تعرض النساء الحوامل وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وأن الأطفال أكثر تأثرا بها، كما لها آثار سلبية على الجهاز الهضمي تصل في بعض الحالات إلى الجفاف والوفاة، حسب الشخص.

 وتسائلت زكي: "كيف تقول الدولة إنها تخفض الأسعار وتعرض المواطن لهذه الكوارث؟"، لافتة إلى ضرورة وجود دور للدولة في دعم المربّي المصري للدواجن، و"لكن في الواقع هي تستورد هذا الكم الهائل من دول المنشأ بالبرازيل، مما يعد دعمًا للمنتج الأجنبي على حساب المصري في غياب تام لدور بورصة الأسعار المصرية للدواجن، الذي كان أجدى بالحكومة الاهتمام بها وتفعيلها، حرصا على الإنتاج المحلي بدلا من السعي لتدمير الإنتاج المحلي لحساب المستورد على هذا النحو المتعمد والذي أعلنت عنه الجهات المعنية مؤخرا".

وقالت: "إن انتشار بيع دجاج lepon البرازيلي في الشوارع والأسواق الشعبية المصرية يشكل خطورة على صحة المواطنين"، متسائلة "من المسؤول عنها، وأين وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية، وكيف دخلت مصر بكل هذه الكميات، على الرغم من تواريخ صلاحيتها التي شارفت على الانتهاء؟، والتي تجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي"، لافتة إلى أنه "حتى لو تاريخ الصلاحية سار مع عدم تطبيق الاشتراطات الصحية السليمة من درجات حرارة مناسبة ونظافة عامة، فتعتبر تلك المجمدات فاسدة، فما أدراك باللحوم والدواجن التي تباع في الأسواق الشعبية وهي قد قاربت على انتهاء الصلاحية؟".

وأضافت رئيس لجنتي سلامة الغذاء والمتابعة الميدانية أن الدواجن أو اللحوم التي تباع للمواطنين تنقل بشروط معينة، ولا بد أن تتوافر فيها شروط عملية النقل، مشيرة إلى أنه لا بد أن تكون عملية النقل تحت درجة حرارة 18 لتكون عملية الحفظ سليمة، وهناك سيارات تنقل الدواجن واللحوم، وبها المبردات بداخلها لكنها معطلة وغير فعالة، وهذا يجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي.

وأردفت قائلة: "هناك تساؤل عن الجهة المسؤولة عن دخول الدواجن إلى مصر، لماذا لم يتم توزيع الدواجن على المجمعات الاستهلاكية الحكومية، مع تقنين عدد الدواجن لكل مواطن؟ بدلًا من عرضها عن طريق التجار على الأرصفة، فيتم ذوبان الثلج منها ويعيد تجميد ما تبقى من كميات ليعرضها مرة أخرى، فيتم ذوبان الثلج منها مرة أخرى، وهذا هو سبب اهتراء أنسجتها كما اشتكى بعض المواطنين الذين اشتروا منها قبل ذلك".

وأضافت شيرين زكي: "بعيدًا عن كل هذا كيف يتم بيع دواجن مجمدة بتلك الكميات، وهذا العدد من الكراتين في الشوارع، دون حفظها في ثلاجات عرض، تضمن درجات الحرارة السليمة لعرضها وتخزينها؟ تلك النقطة وحدها مخالفة تستوجب عمل محضر، لمن يقوم ببيع دجاج مجمد بتلك الطريقة المخالفة لكل الاشتراطات الصحية السليمة، لنصبح في كارثة غذائية أخرى، في دولة يتعمّد المسؤولون فيها تطويع القوانين وفقا للمصالح والأهواء الشخصية".

وأشارت إلى أن دراسات سلامة الغذاء وأحدث الأبحاث تؤكد ارتباط اللحوم المفككة، والتي يعاد تجميدها مرة أخرى مثل المنتشرة بالسوق المصري، بأنها تسبّب نِسبا عالية من الإصابة بالسرطان، خاصة للأطفال.

بيع وتداول الدواجن الحية

جدير بالذكر أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي قررت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تفعيل القانون 70 لسنة 2009، ولائحته التنفيذية المتمثلة في قرار وزير الزراعة رقم 941 لسنة 2009 والصادر بشأن تنظيم تداول وبيع الطيور والدواجن الحية وعرضها للبيع، وهو القانون الذي يقضي بحظر بيع وتداول الدواجن الحية.

وقال خطاب موجة من وزارة الزراعة إلى محافظة القاهرة، إن تفعيل القانون يأتي "حفاظا على صحة المواطنين وحفظا على البيئة من التلوث وحماية صناعة الدواجن كإحدى ركائز الاقتصاد الوطني ودعم الأمن الغذائي".

وطالب الخطاب الموجه إلى الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة، بضرورة التنسيق والبدء في تفعيل الكمائن الشرطية بالمحافظة وتواجد الأطباء البيطريين التابعين لمديريات الطب البيطري بهذه الكمائن للتأكد من مصاحبة سيارات نقل الطيور ومنتجاتها ومخلفاتها بتصريح رسمي بخلوها من إنفلونزا الطيور صادر عن مديريات الطلب البيطري، وذلك بعد توقيع الفحص المعملي البيطري بالمعامل المختصة التابعة لوزارة الزراعة.

وطالب الخطاب، بتوفير الأماكن المناسبة لاستغلالها كمنافذ لبيع الدواجن المبردة والمجمدة لتوفيرها بأسعار "تنافسية مناسبة" للمواطنين لتشجيع استهلاك الدجاج المبرد والمجمد واستكمالا لمنظومة تفعيل القانون.

وطالبت في خطابها نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، الدكتورة منى محرز، المحافظة، بتنفيذ تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتفعيل القانون رقم 70 لسنة 2009، ولائحته التنفيذية بشأن تنظيم تداول وبيع الطيور والدواجن الحية وعرضها للبيع.

المساهمون