تجدّد الصراع حول عقارات المنطقة الخضراء في العراق

16 نوفمبر 2018
مقر وزارة التخطيط في المنطقة الخضراء (فرانس برس)
+ الخط -

تسبب إعلان برلمان العراق منح مخصصات سكن بقيمة 3 ملايين دينار (2600 دولار) لكل نائب، في موجة جدل واسعة في الشارع العراقي، ومع هذا الإعلان تجدّد الصراع حول عقارات المنطقة الخضراء، حيث طالب نواب في البرلمان الحكومة بإصدار أوامر لإخلاء الوحدات التي تسيطر عليها أحزاب وشخصيات حكومية سابقة وتخصيصها للنواب. 

ويقول عراقيون إن مبالغ مخصصات السكن للنواب وحدهم تكفي شهريا لإعالة أكثر من ألف أسرة عراقية فقيرة كل أسرة مكونة من 10 أشخاص. ما يعني أنها تعيل 10 آلاف عراقي، بين معيشة وتعليم وسكن وعلاج.

وبوجود 329 نائبا يتلقى كل واحد منهم 3 ملايين دينار يكون المبلغ السنوي 11 ملياراً و844 ديناراً، وهو مبلغ كاف لبناء ما لا يقل عن 120 مدرسة أو 600 وحدة سكنية على الأقل في المدن المحررة، متسائلين: أين كان يسكن أعضاء البرلمان قبل أن يكونوا نواباً؟

مخصّصات النواب

دفعت الحالة الاعتراضية بعض أعضاء البرلمان إلى مطالبة الحكومة بانتزاع عقارات واقعة داخل المنطقة الخضراء الحكومية المحصنة من سيطرة الأحزاب وزعماء الكتل السياسية ومسؤولين سابقين وحاليين، وتحويلها إلى سكن للبرلمانيين الذين يأتون من محافظات بعيدة، بدلا عن منحهم مبالغ مالية كبيرة.

وأكد مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن تمسك رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي خلال مؤتمر صحافي عقد في مدينة كربلاء (جنوبا)، بامتيازات النواب، تسبب بإثارة جدل داخل أروقة البرلمان، موضحا أن عدداً من النواب اتفقوا مع رأي رئيس البرلمان.
وأضاف: "إلا أن عدداً آخر من النواب رفض منح النائب مبلغ ثلاثة ملايين دينار عراقي إضافية على راتبه كبدل سكن"، موضحا أنهم بصدد الإعداد لمشروع قانون ينظم مخصصات النواب، على ألا تكون على حساب قوت الشعب العراقي.

رفض بعض النواب

توجد نحو 3 آلاف وحدة سكنية داخل المنطقة الخضراء وهي عبارة عن منازل وشقق وفلل مواطنين عراقيين قامت القوات الأميركية بعد احتلالها للعراق بطردهم لتأسيس ما عرف لاحقا بالمنطقة الخضراء. وتمتد المنطقة الخضراء من ضفاف دجلة حيث قصر السندباد الرئاسي، وتنتهي بكرادة مريم وهي منطقة سكنية، إلا أن قرار إنشاء المنطقة وتوسعتها جعل منازل المواطنين والعمارات السكنية تلك داخلها وسورت بجدار إسمنتي عال. ويحصل أصحاب تلك المنازل على بدل إيجار متفاوت من الحكومة كثمن إشغال منازلهم.

من جهته، رفض عضو مجلس النواب العراقي فاضل الفتلاوي منح بدلات إيجار ثلاثة ملايين دينار لكل نائب، مشددا على ضرورة قيام الحكومة بإصدار أوامر إخلاء عقارات الدولة المسيطر عليها من قبل الأحزاب والشخصيات الحكومية السابقة داخل المنطقة الخضراء وتخصيصها للنواب.

وتابع أن "بدلات الإيجار المقدرة بثلاثة ملايين دينار مرفوضة، كون النائب الحالي رشح لخدمة الشعب دون الحصول على الامتيازات والمخصصات"، لافتا خلال تصريح صحافي، إلى وجود حراك من قبل بعض النواب للوقوف بوجه أي محاولة لصرف هذه المبالغ للنواب.

وبين أن رفض منح بدلات الإيجار يجب أن يقابله توفير سكن حكومي للنواب الذين يأتون من محافظات بعيدة عن العاصمة بغداد التي تضم مقر مجلس النواب، داعيا إلى أن تخصص مساكن المنطقة الخضراء للنواب لمدة أربع سنوات فقط.

تبعات سياسية

وفي السياق، قال المحلل السياسي العراقي علي حسين الجبوري، إن رئيس البرلمان العراقي تعرض لهزة كبيرة حين دافع علنا عن الامتيازات الممنوحة للنواب، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن هذا الأمر يمكن أن يخلف تبعات سياسية قد تكون ابتدأت بالحراك البرلماني الرافض لهذه الامتيازات.

وأضاف أن "منح كل نائب 3 ملايين دينار شهرياً يعني إضافة عبء جديد على موازنة الدولة العراقية يقدر بمليار دينار عراقي تدفع لـ328 عضو برلمان"، متوقعا حدوث خلافات سياسية وبرلمانية كبيرة بهذا الشأن.

وتعرض رئيس البرلمان العراقي لانتقادات واسعة بسبب تخصيص بدلات إيجار للنواب. وكان الحلبوسي قد وصف تخصيص 3 ملايين دينار شهريا لكل برلماني بالأمر الطبيعي، مبينا أن ذلك تم لأن معظم النواب جاؤوا من المحافظات إلى بغداد.

وأصدر رئيس البرلمان الأسبوع الماضي، قرارا يقضي بمنح كل نائب 3 ملايين دينار كبدلات إيجار تضاف إلى راتبه الذي يتجاوز 12 مليون دينار عراقي (ما يعادل 10 آلاف دولار) شهريا.
المساهمون