الجفاف يضرب جنوب العراق ... وخلية طوارئ لمواجهة الأزمة

23 يناير 2018
الجفاف يضرب نشاطات الصيد والزراعة(حيدر حمدان/فرانس برس)
+ الخط -


كشفت مسؤول عراقي أن الحكومة شكلت خلية طوارئ وزارية لمواجهة أزمة شح المياه في جنوب البلاد، التي تهدد بنزوح سكان مئات القرى وتوقف محطات للكهرباء، وخسائر مادية كبيرة للزراعة وتربية المواشى ومزارع الأسماك.

وقال المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه تم الحديث عن المشكلة خلال زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى بغداد يوم الأحد الماضي والتي استمرت يوما واحدا، من أجل إيجاد حلول لها.

وأضاف: "هناك خطر جفاف مخيف سيضرب العراق خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، في حال لم تستجب تركيا وترفع من حصة العراق المائية لنهر دجلة على وجه التحديد وكذلك الفرات".

وأضاف: "الجفاف سيضرب عددا من القطاعات المهمة أبرزها الزراعة والصناعة والثروة السمكية والحيوانية، كما ستتوقف ثلاث محطات توليد كهرباء على سدود الموصل وحديثة وكردستان (شمال)، فضلا عن توقف مياه الشرب الواصلة للمنازل".

وكشف عن استخدام العراق خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 50% من احتياطي المياه في بحيرات الحبانية (غرب) والثرثار (شمال)، فضلا عن خزين مياه سد الموصل.

وقال إن "خلية الطوارئ المشكلة تسعى لوضع برنامج تقنين استخدام المياه وإعادة النظر بتوزيع الحصص للمناطق الزراعية ومعالجة التجاوزات الحاصلة من قبل المصانع والورش وغيرها، فضلا عن مراجعة خزين العراق من المياه الجوفية ومحاولة استخدام بعض الآبار للشرب في بعض المدن بحال وصلنا إلى مرحلة تتطلب حالة طوارئ بسبب الجفاف".

وكان وزير الموارد المائية العراقي حسن الجنابي، قد قال في تصريح لمحطة تلفزيون محلية "من المتوقع أن يشهد الصيف المقبل جفافاً قاسياً نتيجة الحرارة الشديدة المتوقعة وارتفاع نسبة التبخر وكل المؤشرات تدل على ذلك".

وأضاف الجنابي: "سيلحق الضرر بشكل كبير بالمناطق الريفية والأهوار (المسطحات المائية التي تغطي الأراضي المنخفضة) وستتضرر الزراعة في هذه المناطق ولن يتمكن السكان من الحصول على مياه الشرب".

وكان رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، قد قرر في وقت سابق تأجيل ملء سد أليسو التركي الذي انتهت أنقرة من بنائه على نهر دجلة مؤخرا حتى شهر يونيو/ حزيران المقبل، بدلا من مارس/ آذار، بحسب تصريحات لمسؤولين عراقيين وأتراك الأسبوع الماضي.

ومن المتوقع أن ينخفض وارد نهر دجلة من المياه عند الحدود التركية إلى 9.7 مليارات متر مكعب سنوياً بعد ملء السد التركي، مقابل نحو 20.93 مليار متر مكعب سنوياً قبل ذلك، وفقا للخبير المائي حسن المالكي في حديث لـ"العربي الجديد".

وقال المالكي إن "السنوات الأخيرة شهدت إنشاء العديد من السدود داخل تركيا على نهري دجلة والفرات، ما تسبب في تقليص مناسيب المياه المتدفقة إلى العراق، ومن المتوقع أن تنخفض نسبة المياه الواردة في نهر دجلة نتيجة قيام تركيا بعمليات مستمرة لملء سد أليسو بالمياه".

وأضاف أن السد التركي سيتسبب بحرمان 696 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في العراق من المياه، وبالتالي التعرض لخطر الجفاف ووقوع خسائر فادحة في المزروعات".

وقال أيهم المعموري المهندس لدى وزارة الزراعة إن "العراق سيتعرض لأخطر أزمة في تاريخه منذ آلاف السنين وهي أزمة المياه التي ستقتل آلافاً من المزروعات وتصحر مساحات هائلة من الأراضي الزراعية، بسبب السدود التركية، وخاصة سد أليسو، وعلى الحكومة العراقية أن تتحرك بشكل عاجل لحل هذه الأزمة الخطيرة".

وحذر مسؤولون عراقيون من توقف كافة المشاريع الاستثمارية المتعلقة بتوليد الطاقة في البلاد نتيجة شح المياه. وتوقع محمد عبد اللطيف العمري مستشار مركز التخطيط الحضري والريفي، أن تبلغ خسائر العراق في مجمل القطاعات المتضررة من الجفاف خلال العام الأول بأكثر من 10 مليارات دولار.

وقال العمري لـ"العربي الجديد" إن الخسائر لن تقتصر على الماديات فقط، بل ستكون لها آثار وخيمة على المجتمع والتغيير الديمغرافي الذي سيطرأ في مدن الجفاف.

وقال متخصصون إن المدن التي ستتعرض لكارثة الجفاف المتوقعة هي بغداد والناصرية وميسان والنجف وكربلاء والمثنى وصولاً إلى البصرة (جنوب).

وكان العراق وتركيا قد اتفقا في مارس/ آذار 2017 على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين عام 2014، والتي تضمنت 12 فقرة بينها التعاون المشترك في المجالات الزراعية والصناعية وقضية مياه الشرب.

غير أن مسؤولين عراقيين قالوا إن الجانب التركي لم يلتزم بتعهداته في الاتفاقية، ومضى قدماً في إنشاء العديد من السدود الجديدة وتقليص حصة العراق المائية.

المساهمون