عامان على افتتاح تفريعة قناة السويس... ماذا تحقق؟

07 اغسطس 2017
إيرادات مالية ضعيفة (Getty)
+ الخط -
أطلق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في أغسطس/آب 2014، مشروعاً لتنمية محور قناة السويس يتضمن شق قناة جديدة موازية. وأكد حينها أن هذا المشروع سيؤدي إلى ارتفاع إيرادات القناة سنوياً، وصولاً إلى تحقيق 13.7 مليار دولار كل عام ابتداءً من 2023.

وفي أغسطس/آب 2015، تم افتتاح تفريعة قناة السويس، وسط أحاديث تتناول حجم الإيرادات المتوقعة.

اليوم وبعد عامين من افتتاح تفريعة قناة السويس، الأرقام ليست كما تم الحديث عنها، بل إنه بحسب خبراء اقتصاد، فإن حجم الإيرادات الفعلية التي حققتها القناة، بعد افتتاح التفريعة، لم تكن بالمستوى المطلوب، بل على العكس من ذلك، جاءت مخيبة للأمال.

وبحسب الخبراء، فإن الأموال التي اقترضتها مصر، والديون التي أغرقت البلاد، لإنشاء التفريعة، لم تكن في محلها، خاصة أن الإيرادات لم تكن جيدة على الإطلاق.

إيرادات قناة السويس  


تكاليف مرتفعة

وأعلنت هيئة قناة السويس أن تكلفة الحفر في القناة الجديدة تبلغ 8 مليارات دولار، 4 مليارات دولار لحفر قناة موازية للمجرى المائي الحالي لقناة السويس، والذي يبلغ طوله بعد آخر تطوير أُجري للقناة في عام 2009 نحو 192 كيلومترا، ويبلغ طول القناة الموازية 72 كيلومترا، يتم شق 35 كيلومترا منها بتقنية الحفر الجاف، بينما سيتم استكمال ما تبقى من الطول المقترح للقناة (وهو 37 كيلومترا) بتعميق مجرى القناة الحالية ووصله بالجزء المنفذ بالحفر الجاف.

"100 مليار دولار سنوياً سيكون الدخل الجديد لقناة السويس بعد افتتاح التوسعة الجديدة"، تصريحات سابقة للفريق، مهاب مميش، رئيس الهيئة الهندسية لقناة السويس، وقد مثل هذا التصريح، وغيره من التصاريح للعديد من السياسيين، بارقة أمل لدى غالبية المصريين، الذين أودعوا غالبية مدخراتهم في شهادات الاستثمار، التي حفرت القناة بأموالها. ولكن هل فعلاً حققت القناة الإيرادات التي تم الحديث عنها؟ سؤال تجيب عنه الأرقام، وخاصة الأرقام الصادرة عن الهيئة.

خسائر لافتة

في عام 2017، تشير البيانات الرسمية الى أن إيرادات القناة لم تكن على المستوى المطلوب، فقد جمعت نحو 2.5 مليار دولار حتى نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، ففي شهر يناير/كانون الثاني 2017، بلغت الإيرادات 395 مليون دولار، وفي فبراير/شباط، بلغت 375 مليون دولار، ثم في مارس/آذار، وصلت الإيرادات إلى 423 مليون دولار، وفي أبريل/نيسان، وصلت إلى 427 مليون دولار، أما في شهر مايو/أيار، فقد بلغت 439 مليون دولار، ووصلت في يونيو/حزيران إلى نحو 427 مليون دولار، ما يعني أن الإيرادات بلغت نحو 2.5 مليار دولار فقط.

وبحسب البيانات الرسمية أيضاً، فإن إيرادات القناة تراجعت في عام 2016 بنسبة 3.3%، محققة 5.005 مليارات دولار، في مقابل 5.175 مليارات في عام 2015.

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة قناة السويس فقد تم تسجيل تراجع في إيراداتها خلال 2015، إلى 5.175 مليارات دولار، مقابل 5.465 مليارات دولار في 2014، بانخفاض 290 مليون دولار.

وفي مقارنة مع الأعوام السابقة، تراجعت الإيرادات في العام 2016 إلى ما دون الرقم المسجّل في العام المالي 2010/ 2011، أي 5.1 مليارات دولار وفقاً للأرقام الرسمية، بل إن التراجع هو بقيمة تزيد عن 400 مليون دولار في مقارنة مع الإيردات المحققة بين أعوام 2013 و2014.

وتختصر قناة السويس، التي يبلغ طولها 192 كيلومتراً (120 ميلاً)، زمن الرحلة بين آسيا وأوروبا بنحو 15 يوماً في المتوسط، وتنقل نحو 8% من حجم التجارة الدولية.

وكانت هيئة قناة السويس قد توقعت ارتفاع الإيرادات من مرور السفن إلى 13.2 مليار دولار سنويا بحلول عام 2023. وحصلت إدارة قناة السويس على قروض مالية من بنوك أجنبية وعربية تجاوزت قيمتها 4 مليارات دولار لتغطية تكاليف إنشاء القناة الجديدة، والتي قالت عنها إنها ستحقق طفرة في عائداتها.

إلا أن موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز"، قال في مايو/أيار الماضي إن هدف قناة السويس في الوصول إلى إيرادات سنوية تبلغ 13 مليار دولار بحلول عام 2023 صعب التحقق. وأكد الموقع أن هذا الأمر يتطلب ارتفاعاً في نسبة التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس بمقدار 9%، الأمر الذي يعد مستبعدا في الوقت الحالي في ظل كساد حركة التجارة العالمية.

أزمة كبيرة

وتسببت النفقات على هذه التفريعة بأزمة كبيرة في السوق المصرية، لا تزال ارتداداتها مستمرة حتى يومنا هذا، خصوصاً مع السير بسلسلة من الإجراءات القاسية على المصريين، إذ كلف مشروع حفر التفريعة الجديدة أكثر من 64 مليار جنيه مصري، كما كلف الموازنة العامة للدولة نحو 115 مليار جنيه، وتبع إطلاقَ المشروع نقصٌ كبيرٌ في العملات الأجنبية وتراجعٌ في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة.

ويزيد هذا الملف غرابة حين مراقبة التصريحات الرسمية المرتبطة بتكاليف إنشاء التفريعة. ففي حين أعلنت السلطات المصرية جمع 64 مليار جنيه من خلال شهادات قناة السويس، التي تعهدت بأن تضخ أموالها في مشروع التفريعة الجديدة، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن كلفة "القناة الجديدة" بلغت 20 مليار جنيه. في المقابل، أعلن رئيس القناة، مهاب مميش، أن الكلفة بلغت 24.9 مليار جنيه.



المساهمون