وحسب ورقة صدرت عن "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بار إيلان"، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، فإنه على الرغم من "التكلفة الباهظة" لتدشين الأنبوب، الذي تم التوافق بشأنه بين كل من إسرائيل وقبرص واليونان مؤخراً، سيسهم في تعزيز دور إسرائيل في إرساء دعائم نظام أمني إقليمي يستجيب لمصالحها.
وحسب الورقة، والتي نشرها المركز على موقعه، أمس، فإن هذا المشروع سيمكن كلاً من إسرائيل وقبرص واليونان من تطوير تعاونها وتحسين مكانتها كـ "جزر مستقرة في بيئة مضطربة".
وأشارت الدراسة إلى أن المشروع سيعزز مكانة إسرائيل الدولية، لا سيما لدى الأوروبيين، لأنه سيمنح أوروبا مزيداً من الخيارات لتنويع مصادر الطاقة التي تحصل عليها، وسيجعل القارة العجوز أقل ارتباطاً بإمدادات الغاز من روسيا.
وتوقعت الدراسة أن تشهد العلاقات الأوروبية الإسرائيلية تحسناً كبيراً بعد أن يتم نقل الغاز بالفعل إلى أوروبا. ولفتت الدراسة إلى أن العوائد الاقتصادية الهائلة المتمثلة في تحسين فرص العثور على "زبائن" جدد لشراء الغاز الإسرائيلي، مشيرة إلى أن تصدير هذا الغاز لدول أوروبا المستقرة أفضل بكثير من تصديره لدول المنطقة التي تتعرض لاهتزازات متتالية.
وأعادت الورقة إلى الأذهان حقيقة أن الأنبوب الذي سيدشن سيكون أطول أنبوب لنقل الغاز في العالم، إذ سيبلغ طوله 1300 كلم، وسينقل الغاز الإسرائيلي مروراً بمياه كل من قبرص واليونان وصولاً إلى إيطاليا، ومنها سيتم نقل الغاز براً لبقية الدول الأوروبية.
وأشارت الدراسة إلى أن كلاً من الحكومة الإيطالية وإسرائيل وقعتا مذكرة تفاهم في أبريل/ نيسان الماضي بشأن المشروع. وأشارت الدراسة إلى أن هناك عدة مشاكل تقنية ومادية تعترض المشروع. وأوضحت أن التقديرات الأولية لتكلفة المشروع تراوح بين 4 - 7 مليارات دولار، مشيرة إلى أن تراجع أسعار الغاز يفاقم تأثير التكلفة الباهظة للمشروع.
وخلصت الدراسة إلى أن التكلفة الباهظة للمشروع وانخفاض أسعار الغاز تقلص من حماس الشركات الأوروبية العاملة في مجال الطاقة للاستثمار في المشروع، لافتة إلى أن هناك خيارين، أقل تكلفة وأسهل من ناحية تقنية، لتجاوز هذه المشكلة، لكن الظروف السياسية والجيوسياسية لا تسمح بتبنيهما.
وحسب الدراسة، فإن الخيار الأول يتمثل في تدشين أنبوب تحت مائي يصل طوله إلى 550 كلم ينقل الغاز من حقل "ليفثيان" الإسرائيلي ويخترق المياه القبرصية ويصل إلى جنوب تركيا ومنها يتم نقل الغاز براً إلى أوروبا. وتقدر تكلفة هذا المشروع بأقل من نصف تكلفة الأنبوب الذي يمر عبر إيطاليا. واستدركت الورقة أن هناك عقبتين تعترضان تنفيذ هذا المشروع، حيث تتمثل العقبة الأولى في اشتراط قبرص موافقتها على الإسهام في أي مشروع طاقة إقليمي تشارك فيه تركيا بحل الأزمة القبرصية.
وأضافت الدراسة أنه بغض النظر عن موقف القبارصة، فإن دوائر صنع القرار في تل أبيب غير متحمسة لمنح تركيا قدرة على التأثير على قطاع الطاقة لديها على اعتبار أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتبنى مواقف معادية لإسرائيل ويمكن أن يوظف ورقة الغاز لإجبار إسرائيل على تقديم تنازلات سياسية.
وأوضحت الورقة أن الخيار الثاني يتمثل في نقل الغاز الإسرائيلي عبر أنبوب مائي إلى مصر، بحيث تتم إسالته في منشأتين، إحداهما في ميناء "دمياط" والأخرى في "إدكو". واستدركت الدراسة أن ما يعيق تطبيق هذه الفكرة حقيقة أن مصر قد اكتشفت قبل عامين حقلاً يحتوي على احتياطي ضخم من الغاز، ما سيقلص من رغبتها في الاستثمار في الغاز الإسرائيلي.
وحسب الدراسة، فإن التحديات الفنية التي تعترض المشروع تتمثل في طول الأنبوب وعمقه، وهو ما يزيد المخاطر عليه. وشددت الدراسة على أن هناك أملاً بأن تمنح التكنولوجيا حلولاً لمعالجة تبعات التحديات الفنية. وعلى الرغم من كل هذه التحديات، فإن إسرائيل تبدو مصممة على تنفيذ المشروع، إذ توقع وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس أن يتم إنجازه حتى عام 2025.
ويذكر أنه قد تم التوافق على تدشين الأنبوب الذي يصل حقل ليفثيان بإيطاليا مروراً بقبرص واليونان، في اللقاء الثلاثي الذي جمع في العاصمة القرصية نيقوسيا قبل أسبوعين كلاً من الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيداس ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.