مصر تفشل في تشغيل أجهزة التفتيش الجديدة بالموانئ والمطارات وتلجأ للطرق البدائية

30 مايو 2017
التفتيش اليدوي يساعد على تهريب البضائع (Getty)
+ الخط -
بات التهريب يمثل خطراً كبيراً على الاقتصاد المصري، خلال الفترة الأخيرة، بعد أن فشلت مصلحة الجمارك المصرية في استخدام أجهزة الكشف بالأشعة لمواجهة هذه الظاهرة التي تؤدى إلى تراجع الحصيلة الجمركية.
وتستهدف أجهزة الكشف بالأشعة، الحد من تسريب كميات ضخمة من السلع المحظور تداولها في الأسواق المصرية، والقضاء على ظاهرة انتشار السلع المهربة التي تدخل البلاد بدون سداد الرسوم الجمركية، الأمر الذي يتسبب في انهيار الصناعات المصرية نتيجة ضعف قدرتها التنافسية أمام تلك السلع.

وقالت وزارة المالية، في تقريرها المالي الشهري عن الفترة من يوليو/تموز حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2016، إن حصيلة الجمارك انخفضت بقيمة 700 مليون جنيه، حيث سجلت 10.6 مليارات مقابل 11.3 مليار جنيه، خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق.
وكشف مصدر مسؤول في مصلحة الجمارك المصرية، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، عن فشل المصلحة في تشغيل أجهزة الكشف بالأشعة التي تسلّمتها من 3 شركات أميركية مؤخرا لمكافحة عمليات التهريب.
وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن المخابرات المصرية وهيئة الرقابة الإدارية بدأتا في إجراء تحقيقات موسعة حول صفقات أجهزة الكشف بالأشعة الممولة من المعونة الأميركية، وأسباب تعطل تلك الأجهزة وعدم استخدامها في فحص البضائع المستوردة.

وفي مطلع أغسطس/آب 2015، أعلنت مصلحة الجمارك المصرية، فوز ثلاث شركات أميركية هي رابيسكان وL3 ومورفو مصر، بالمناقصة العالمية الخاصة بالمرحلة الرابعة لتوريد 78 جهازا للكشف بالأشعة التي طرحتها وزارة المالية، نهاية إبريل/نيسان 2015. وتمول بمنحة أميركية قيمتها 65 مليون دولار، بعد أكثر من أربع سنوات من تعثر المشروع، ما يسهم في تزويد جميع المنافذ الجمركية على مستوى الجمهورية بأجهزة للفحص، لإحكام الرقابة على حركة التجارة الدولية لمصر.
وأكد المسؤول، أن أجهزة الكشف بالأشعة الموجودة في المطارات، وعلى رأسها مطار القاهرة، معطلة عن العمل، ويقوم مأمورو جمارك المطار بالفحص اليدوي للسلع المستوردة، ما تسبب في زيادة معدلات التهريب، خاصة أن المهربين يستخدمون أساليب مبتكرة لإخفاء السلع المهربة.

وقبل أيام، قال رئيس مصلحة الجمارك المصرية، مجدي عبدالعزيز، في تصريحات صحافية، إن الدفعات الأخيرة التي تسلمتها المصلحة من أجهزة الكشف بالأشعة تغطي أكبر عدد من المنافذ الجمركية، سواء برية أو جوية أو بحرية، وهي حاليا في مرحلة التشغيل التجريبي الذي يستمر ثلاثة أشهر كاملة، للتأكد من كفاءة عملها ودقة عمليات الفحص لمحتويات الحاويات.
وأوضح المسؤول، أن ما يتم ضبطه من سلع مهربة يمثل نحو 20% فقط من إجمالي السلع التي يتم تهريبها للأسواق المصرية، ما يتسبب في إهدار مليارات الجنيهات على خزانة الدولة، فضلا عن دخول كميات هائلة من المنتجات المحظورة التي تمثل خطرا على صحة المواطنين.

وكشف المسؤول في مصلحة الجمارك، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن عددا من رجال الأعمال مارسوا ضغوطا شديدة على متخذي القرار، للإبقاء على نظام المناطق الحرة الخاصة ضمن قانون الاستثمار الجديد، بعد أن كان هناك اتجاها قويا لإلغاء العمل بهذا النظام، لافتا إلى أن من أبرز المستفيدين من القرار رجل الأعمال، مجدي طلبة، زوج وزيرة الاستثمار سحر نصر، ورئيس اتحاد الصناعات الأسبق، جلال الزوربا، مهندس اتفاقية الكويز.
وأضاف أن حصيلة الجمارك خلال العام المالي الجاري 2016/ 2017 تأثرت سلبا بزيادة معدلات التهريب، إلى جانب انخفاض الواردات المصرية من الخارج، متوقعا انخفاض الحصيلة الجمركية هذا العام بنسبة 30% على الأقل.
وقال مصدر مسؤول في النقابة العامة للعاملين بالمالية والضرائب والجمارك باتحاد عمال مصر، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن العاملين في مصلحة الجمارك يتحملون أعباء مهنية ضخمة نتيجة نقص عدد العمالة بالمصلحة بنسبة تصل إلى 70 %، إضافة إلى عدم منح مأموري الجمارك الضبطية القضائية التي تساعدهم على ملاحقة المتهربين، وسيطرة الداخلية على الموانئ.

وقال نائب رئيس شعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية، سيد النواوي، لـ "العربي الجديد"، إن الواردات المصرية في جميع القطاعات تراجعت بنسبة تتجاوز 50%، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار في البنوك بعد تطبيق قرار البنك المركزي بشأن تحرير سعر الصرف، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، إضافة إلى زيادة التعريفة الجمركية على 364 سلعة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فضلا عن تنامي أزمة الركود التي تعاني منها الأسواق المحلية.
وقال النواوي، إن انخفاض الواردات يؤثر سلبًا على الحصيلة الجمركية.
وحذر نائب رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية، يحيي زنانيري، في تصريحات لـ "العربي الجديد" من انتشار الملابس المهربة بالأسواق المحلية.
وأكد زنانيري أن انتشار الملابس المهربة يهدد بتوقف المصانع عن العمل نتيجة عدم قدرتها على المنافسة أمام تلك المنتجات التي تدخل البلاد بدون سداد الرسوم الجمركية، في حين تتحمل المنتجات المصرية أعباء مالية كبيرة نتيجة التزام المنتجين بسداد الرسوم الضريبية والجمركية.