تنتظر تونس، لأول مرة في تاريخها، تشكيل لجنة وطنية تضم شخصيات وطنية تتولى التدقيق والتثبّت من الثروات الطبيعية، بعد أكثر من ستة عقود على استقلال الدولة، في مسعى لتصحيح مسارات الاستغلال والرد على شكوك بشأن سوء إدارة النظام لهذه الثروات.
وكثيرا ما ينتقد مراقبون سوء إدارة الدولة، فيما يوصف بعقود الاستغلال التي تبرم مع شركات عالمية تدير الثروات الطبيعية في تونس، مثل النفط والفوسفات.
وأعاد اعتصام العاطلين عن العمل في جهة "الكامور" من محافظة تطاوين -على مشارف حقول النفط- (جنوب غربي تونس)، الجدل القديم المتجدد حول العقود النفطية وما يتداوله البعض من وجود شبهات فساد في إبرام العقود مع شركات الطاقة الدولية.
وقبل اعتصام "الكامور" أطلق التونسيون في 2015 حملة "وينو البترول" (أين البترول؟)، مطالبين الحكومة بالكشف عن تفاصيل عقود النفط، فيما طالب المحتجون في محافظة الكاف (شمال غرب) بتقديم تبريرات عن مواصلة غلق أحد أكبر مناجم الفوسفات في "صراوتان" بالمنطقة، بالرغم من تأكيد الدراسات على الجدوى الاقتصادية الكبرى للمنجم على محافظتهم.
وفي ظلّ شح الأرقام الرسمية عن إنتاج الثروات الطبيعية في تونس، تطالب هذه الحملات الإلكترونية الحكومة بفتح الملفات الحارقة، على غرار ملفات الثروات الطبيعية من الفوسفات والبترول والغاز الطبيعي والملح.
ورغم تشكيلها فعليا، لا يعتبر معارضون للحكومة أن لجنة التدقيق هذه ستكون ذات تأثر على سياسة الدولة بشأن إدارة الثروات.
ويعتقد عضو البرلمان عمّار عمروسية، أن لجنة التدقيق في الثروات الطبيعية ستجد نفس مصير مئات اللجان التي كونتها الحكومة للتدقيق في ملفات أخرى، لافتا إلى أن البرلمان هو الهيكل القانوني الوحيد المسؤول عن الثروات الطبيعية في البلاد، وفق نص الدستور.
وقال عمروسية لـ "العربي الجديد" إن "من حق البرلمان المطالبة بالتدقيق في عقود الطاقة ورفض تجديد العقود المشبوهة"، لافتا إلى أن مناخ الشك والريبة يدفع المحتجين إلى المطالبة بنصيبهم في ثروات محافظاتهم.
وأضاف نائب البرلمان أن العقود التي تبرمها الشركات المستغلة للثروات الطبيعية تتضمن بنودا تجبرها على المساهمة في التنمية في تلك المناطق، غير أن أغلب الشركات لا تتقيد بهذه الشروط، مضيفا أنه لا أحد يملك الحجم الحقيقي لإيرادات الدولة من الفوسفات والنفط والملح.
وينص الفصل 13 من الدستور التونسي الجديد على أن "الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي، تمارس الدولة السيادة عليها باسمه، وتُعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المختصة في البرلمان، وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة".
وأدى الضغط المتواصل على الحكومة إلى كشف تقارير إنتاج الطاقة في البلاد، حيث نشرت وزارة الطاقة والمناجم في إبريل/نيسان الماضي بيانات تفيد بتراجع نسبة استقلال الطاقة من 93% سنة 2010 إلى حدود 59% العام الماضي.
وأكدت ذات البيانات أن حصة الدولة من نشاط الشركات البترولية، بما في ذلك المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، تبلغ ما بين 75 و80% من مجموع العائدات.
ويقول المسؤول في وزارة الطاقة والمناجم، رضا بوزوادة، إن عقود الطاقة في تونس تُبرم في مناخ من الشفافية، كما يتم تجديدها تحت مراقبة البرلمان، معتبرا أن الحديث عن فساد في هذا القطاع، يأتي من باب المغالطة.
ويضيف بوزوادة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الوزارة تسعى لنشر تفاصيل إنتاج الطاقة في البلاد لإضفاء مزيد من الشفافية على هذا الملف، موضحا أن مساهمة الشركات البترولية في ميزانية البلاد تراجعت من 3 مليارات دينار في الفترة بين 2009-2010 إلى مليار دينار في سنة 2017.
وتشير دراسة للباحث الصافي سعيد، حول إدارة الثروات الطبيعية في تونس، إلى أن أكثر الأقاليم حرمانا وتخلفا هي الأقاليم الأكثر ثراء من حيث الموارد الطبيعية. فمناجم الفوسفات ومناجم الملح والغاز والنفط وكذلك طاقة الشمس والرياح التي تُستغل لتوليد الطاقة النظيفة، كلها تقع في الأقاليم الجنوبية من الأراضي التونسية الأكثر حاجة وحرمانا.
وبحسب الدراسة التي استندت إلى عدد من خبراء الطاقة، فإن شمس الصحراء التونسية بإمكانها أن توفر طاقة نظيفة تدر قرابة 20 مليار دولار في السنوات العشر الأولى، ثم ترتفع إلى نحو 50 مليار دولار في كل عشر سنوات. وهذه المبالغ تعادل إيرادات تونس من الفوسفات والنفط والغاز والحديد مجتمعة بالأسعار الحالية.
ويقدر خبراء الطاقة في تونس المخزون الوطني من النفط القابل للاستخراج بنحو 600 مليون برميل، بمعدل 30 مليون برميل سنويا على مدى 20 عاما، وهي كميات تصل قيمتها السنوية إلى 3 مليارات من الدولارات، وفق الأسعار الجارية.
ويؤيد رئيس لجنة الطاقة في المجلس الوطني التأسيسي السابق، شفيق زرقين، ما يحوم حول عقود النفط من شبهات فساد، بتأكيده أن العديد من الشركات النفطية استوفت الفترة المحددة، وطالبت بالتمديد في الامتياز لفترة تصل إلى 15 عاماً أخرى، وهو ما يعد مخالفة للقانون، وفق تصريح لـ "العربي الجديد".
اقــرأ أيضاً
وأعاد اعتصام العاطلين عن العمل في جهة "الكامور" من محافظة تطاوين -على مشارف حقول النفط- (جنوب غربي تونس)، الجدل القديم المتجدد حول العقود النفطية وما يتداوله البعض من وجود شبهات فساد في إبرام العقود مع شركات الطاقة الدولية.
وقبل اعتصام "الكامور" أطلق التونسيون في 2015 حملة "وينو البترول" (أين البترول؟)، مطالبين الحكومة بالكشف عن تفاصيل عقود النفط، فيما طالب المحتجون في محافظة الكاف (شمال غرب) بتقديم تبريرات عن مواصلة غلق أحد أكبر مناجم الفوسفات في "صراوتان" بالمنطقة، بالرغم من تأكيد الدراسات على الجدوى الاقتصادية الكبرى للمنجم على محافظتهم.
وفي ظلّ شح الأرقام الرسمية عن إنتاج الثروات الطبيعية في تونس، تطالب هذه الحملات الإلكترونية الحكومة بفتح الملفات الحارقة، على غرار ملفات الثروات الطبيعية من الفوسفات والبترول والغاز الطبيعي والملح.
ورغم تشكيلها فعليا، لا يعتبر معارضون للحكومة أن لجنة التدقيق هذه ستكون ذات تأثر على سياسة الدولة بشأن إدارة الثروات.
ويعتقد عضو البرلمان عمّار عمروسية، أن لجنة التدقيق في الثروات الطبيعية ستجد نفس مصير مئات اللجان التي كونتها الحكومة للتدقيق في ملفات أخرى، لافتا إلى أن البرلمان هو الهيكل القانوني الوحيد المسؤول عن الثروات الطبيعية في البلاد، وفق نص الدستور.
وقال عمروسية لـ "العربي الجديد" إن "من حق البرلمان المطالبة بالتدقيق في عقود الطاقة ورفض تجديد العقود المشبوهة"، لافتا إلى أن مناخ الشك والريبة يدفع المحتجين إلى المطالبة بنصيبهم في ثروات محافظاتهم.
وأضاف نائب البرلمان أن العقود التي تبرمها الشركات المستغلة للثروات الطبيعية تتضمن بنودا تجبرها على المساهمة في التنمية في تلك المناطق، غير أن أغلب الشركات لا تتقيد بهذه الشروط، مضيفا أنه لا أحد يملك الحجم الحقيقي لإيرادات الدولة من الفوسفات والنفط والملح.
وينص الفصل 13 من الدستور التونسي الجديد على أن "الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي، تمارس الدولة السيادة عليها باسمه، وتُعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المختصة في البرلمان، وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة".
وأدى الضغط المتواصل على الحكومة إلى كشف تقارير إنتاج الطاقة في البلاد، حيث نشرت وزارة الطاقة والمناجم في إبريل/نيسان الماضي بيانات تفيد بتراجع نسبة استقلال الطاقة من 93% سنة 2010 إلى حدود 59% العام الماضي.
وأكدت ذات البيانات أن حصة الدولة من نشاط الشركات البترولية، بما في ذلك المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، تبلغ ما بين 75 و80% من مجموع العائدات.
ويقول المسؤول في وزارة الطاقة والمناجم، رضا بوزوادة، إن عقود الطاقة في تونس تُبرم في مناخ من الشفافية، كما يتم تجديدها تحت مراقبة البرلمان، معتبرا أن الحديث عن فساد في هذا القطاع، يأتي من باب المغالطة.
ويضيف بوزوادة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الوزارة تسعى لنشر تفاصيل إنتاج الطاقة في البلاد لإضفاء مزيد من الشفافية على هذا الملف، موضحا أن مساهمة الشركات البترولية في ميزانية البلاد تراجعت من 3 مليارات دينار في الفترة بين 2009-2010 إلى مليار دينار في سنة 2017.
وتشير دراسة للباحث الصافي سعيد، حول إدارة الثروات الطبيعية في تونس، إلى أن أكثر الأقاليم حرمانا وتخلفا هي الأقاليم الأكثر ثراء من حيث الموارد الطبيعية. فمناجم الفوسفات ومناجم الملح والغاز والنفط وكذلك طاقة الشمس والرياح التي تُستغل لتوليد الطاقة النظيفة، كلها تقع في الأقاليم الجنوبية من الأراضي التونسية الأكثر حاجة وحرمانا.
وبحسب الدراسة التي استندت إلى عدد من خبراء الطاقة، فإن شمس الصحراء التونسية بإمكانها أن توفر طاقة نظيفة تدر قرابة 20 مليار دولار في السنوات العشر الأولى، ثم ترتفع إلى نحو 50 مليار دولار في كل عشر سنوات. وهذه المبالغ تعادل إيرادات تونس من الفوسفات والنفط والغاز والحديد مجتمعة بالأسعار الحالية.
ويقدر خبراء الطاقة في تونس المخزون الوطني من النفط القابل للاستخراج بنحو 600 مليون برميل، بمعدل 30 مليون برميل سنويا على مدى 20 عاما، وهي كميات تصل قيمتها السنوية إلى 3 مليارات من الدولارات، وفق الأسعار الجارية.
ويؤيد رئيس لجنة الطاقة في المجلس الوطني التأسيسي السابق، شفيق زرقين، ما يحوم حول عقود النفط من شبهات فساد، بتأكيده أن العديد من الشركات النفطية استوفت الفترة المحددة، وطالبت بالتمديد في الامتياز لفترة تصل إلى 15 عاماً أخرى، وهو ما يعد مخالفة للقانون، وفق تصريح لـ "العربي الجديد".