يسعى النظام المصري إلى إطاحة نحو 19 مليون مواطن من بطاقات الدعم التموينية، من خلال وقف صرف البطاقات غير مكتملة البيانات، بدءاً من أول يوليو/تموز المقبل، بما يوفر قرابة 22 مليار جنيه من أموال الدعم، والتي ارتفعت في الموازنة الجديدة من 64 مليار جنيه إلى 86 ملياراً، نتيجة لتحرير سعر صرف العملة المحلية.
ومنحت وزارة التموين المصرية فرصة أخيرة لأصحاب البطاقات الناقصة لاستكمال بياناتها قبل 30 يونيو/حزيران المقبل، بعدما قصرت نظام صرف البطاقات على السلع الأساسية بمنافذها، ممثلة في "كيلو سكر، وكيلو أرز، وعبوة زيت"، بحيث يدفع المواطن 5.5 جنيهات للحصول عليها، بعد حذف قيمة الدعم المُحدد بـ 21 جنيهاً فقط للفرد.
وأظهرت استمارات "التموين" نقصاً في بيانات 9 ملايين استمارة، بخلاف عدم تقديم 10 ملايين أخرى، من مجموع 72 مليون مواطن مُدرج بالبطاقات، في إطار خطتها لتنقيتها من المتوفين والمسافرين إلى الخارج، تمهيداً لتوسيع القاعدة باستبعاد الفئات غير المستحقة للدعم، فور الانتهاء من وضع قاعدة بيانات مُدققة للمواطنين، ومعايير وضوابط الاستبعاد.
ويأتي التحرك الحكومي لخفض أعداد المستحقين للدعم، بمباركة نيابية، إذ يؤيّد قطاع عريض من أعضاء البرلمان، والذي يسيطر عليه رجال الأعمال، إجراءات حذف المواطنين من بطاقات التموين، وتقدّم بعض منهم باقتراحات تشريعية، تستبعد في أحدها "كل مواطن يزيد دخله الشهري عن ألفين وخمسمائة جنيه من منظومة الدعم".
وسجل معدل التضخم في مصر أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية، مرتفعاً إلى أكثر من 32%، بما يعادل ثلاثة أضعاف المعدل الذي كان عليه قبيل الثورة المصرية قبل ست سنوات، وفق بيانات جهاز الإحصاء المركزي (حكومي)، في وقت يعاني فيه المصريون من ارتفاع جنوني متصاعد في أسعار كافة السلع الأساسية والخدمات العامة.
وشدد عضو ائتلاف الغالبية (دعم مصر)، علاء عبد النبي، على ضرورة العمل على تنقية البطاقات التموينية من الطبقات والفئات غير المستحقة للدعم، بعد حذف المتوفين والمسافرين إلى خارج البلاد، معتبراً أن تحديث بيانات منظومة الدعم "ضرورة قومية مُلحة، في ضوء ما تتحمله الدولة سنوياً من أعباء مالية ضخمة، لا توجه بالكامل إلى الفئات المستحقة".
ودعا عبد النبي، في بيان عاجل، قدمه اليوم السبت، رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، ووزير التموين، علي المصيلحي (برلماني مستقيل)، إلى سرعة التحرك لتوفير عشرات المليارات من الجنيهات المُهدرة في مجال الدعم العيني، وحصول فئات غير مستحقة على أموال الشعب، بما يتعارض مع تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية.
بدوره، قال عضو ائتلاف الغالبية، عاطف عبد الجواد، إنه تقدّم بطلب إلى رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان، عمرو غلاب، لإعادة المداولة على مشروع قانون مقدم من جانبه، وحظي بتوقيع 102 نائب، بشأن حذف "القادرين" من بطاقات التموين، وعدم استحقاقه لأي مواطن يزيد إجمالي دخله عن 2500 جنيه شهرياً.
وأضاف عبد الجواد، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أنه عدّل في اقتراحه التشريعي، إذ كان ينص على المبلغ السابق عن الأسرة المكونة من فردين، نظراً لحالة الغلاء التي طاولت السلع في الأشهر الأخيرة، مشدداً على ضرورة حذف ذوي الدخول المرتفعة من بطاقات الدعم، وفي مقدمتهم: مالكو الشركات والسجلات التجارية، والعيادات الطبية، والصيدليات، ومكاتب الهندسة والمحاماة والمحاسبة.
وشهدت سبع محافظات مصرية تظاهرات حاشدة، مطلع مارس/آذار الماضي، نتيجة لتقليص حصة المخابز من الخبز المدعوم عبر بطاقات التموين الورقية، وعدم تمكن حاملي تلك البطاقات من الحصول على حصصهم اليومية، ما دفع المواطنين الغاضبين إلى قطع عدد من الطرق الرئيسية، والسكك الحديدية، في أحداث استدعت مشاهد ثورة 25 يناير 2011.